أحمد سليمانزملاءمنظمة نشطاء الرأي

عدسة تحت النار

إسرائيل تلاحق صحفيين سوريين داخل أراضيهم

كتب أحمد سليمان : في مساء السبت، 14 حزيران، وعلى أطراف محافظة القنيطرة جنوب سوريا، تعرّض صحفيان سوريان لمطاردة ميدانية واستجواب مباشر من قِبل القوات الإسرائيلية، أثناء قيامهما بتغطية حادثة إسقاط طائرات مسيّرة إيرانية وتوثيق الأضرار التي لحقت بممتلكات المدنيين في القرى القريبة من الشريط الحدودي.

الصحفي نادر دبو (أبو معن الحوراني) والناشط الإعلامي نور أبو حسن (نور جولان)، وكلاهما عضوان في «رابطة الصحفيين السوريين»، كانا يمارسان حقهما المشروع في نقل الحقيقة، حين تلقّت القوات الإسرائيلية بلاغًا بوجود فريق صحفي في المنطقة. وعلى الفور بدأت دورية إسرائيلية بملاحقتهما نحو نصف ساعة في محاولة لإيقافهما ومصادرة معدّاتهما.

ما جرى في ذلك اليوم ليس حادثًا عابرًا، بل نموذج لانتهاك منهجي لحرية العمل الصحفي، وتذكير بأن الكاميرا، حين تكون في يد صحفي سوري، قد تُعَدّ «تهديدًا أمنيًّا» في نظر بعض القوى.

وفق رواية الزميلين، أوقفتهما الدورية على أطراف إحدى القرى السورية، وجرى التحقيق معهما ميدانيًّا بذريعة وجودهما في «منطقة عسكرية»، علماً بأن الموقع يقع داخل الأراضي السورية ولا يُصنَّف محظورًا وفق أي اتفاقيات أو أعراف دولية.

خطر مزدوج: بين القصف والملاحقة

العمل الصحفي في سوريا محفوف بالمخاطر، من القصف والانفجارات إلى تضييق الأنظمة والمجموعات المسلحة؛ لكن أن يُضاف إلى تلك الأخطار ملاحقة قوى يفترض التزامها بالقوانين الدولية في مناطق التماس، فذلك أمر يدعو إلى القلق. يُكرّس هذا الحادث نمطًا واضحًا من التضييق على الصحفيين السوريين، ولا سيما من يغطّون مناطق تشهد توترات أمنية أو تدخلات عسكرية متعددة الأطراف، ما يجعل المهنة في مرمى النيران من جميع الجهات.

•القانون في صف الكلمة

ما حدث للزميلين يتناقض صراحة مع القوانين الدولية. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 19) يضمن «حقّ كل إنسان في حرية الرأي والتعبير»، بما في ذلك «حرية التماس المعلومات والأفكار وتلقّيها ونقلها بأي وسيلة». كذلك تكفل اتفاقيات جنيف (البروتوكول الإضافي الأول، المادة 79) حماية الصحفيين العاملين في مناطق النزاع بوصفهم مدنيين، ما داموا غير مشاركين في العمليات القتالية.
فأين تقف هذه القوانين حين تتحوّل آلة التصوير إلى «جهاز مشبوه»، وتصبح الصور الميدانية «أدلّة جرمية» يُراد محوها؟

هل التوثيق جريمة؟

لم يرُد في نية دبو وأبو حسن سوى إيصال الصورة التي تكشف آثار الطائرات المسيّرة على المدنيين، وتوثيق حقائق ميدانية قد تتجاهلها الروايات الرسمية. غير أنّ نقل الحقيقة في زمن النزاعات صار جريمة غير مكتوبة. المؤسف أن هذه الانتهاكات لا تحظى باهتمام كافٍ من المجتمع الدولي أو منظمات حرية الإعلام، رغم تكرارها واتساعها؛ والصمت عنها يفتح الباب لمزيد من القمع والتعتيم.

دعوة إلى الحماية والتضامن

يجب أن يشكّل هذا الحادث جرس إنذار جديدًا يدفع إلى تحرّك فعّال من نقابات الصحفيين والمنظمات الحقوقية الدولية، لمساءلة الجهات المنتهِكة والمطالبة بحماية حقيقية للعاملين في الحقل الإعلامي داخل سوريا وسواها من مناطق النزاع.

الصحافة ليست جريمة، ونقل الحقيقة ليس خرقًا للقانون؛ بل هو حقٌّ وواجب. وإنّ التغاضي عن حماية هذا الحق يُعد انتهاكًا آخر لا تلتقطه الكاميرا، لكن يسجّله التاريخ.

أحمد سليمان
صادر عن نشطاء الرأي

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق