أحمد سليمانتقارير حقوقية

النقد كأداة مقاومة مدنية: من الثورة إلى تصحيح المسار:

في الأمس، كان الطاغية الأحمق بشار الأسد وشبيحته يرددون مقولتهم الشهيرة: “إذا سقط النظام، سيأتي الإرهابيون”.
لم تكن هذه العبارة مجرد تحذير، بل كانت تهديدًا مبطنًا، وابتزازًا سياسيًا مكشوفًا للمجتمع السوري والمجتمع الدولي على حد سواء، هدفه فرض النظام كـ”ضمانة للاستقرار”، وتبرير القمع والتدمير بحجة أنه يحول دون الأسوأ.

لكن لكي لا تتحول أمنية بشار الأسد إلى واقع مفروض، يجب أن نتحلّى بالشجاعة لمواجهة الأخطاء الجوهرية في بنية السلطة، وفي طبيعة إدارة المؤسسات، بدل أن نبرر كل إخفاق أو نصمت بحجة “الظروف الصعبة”.
النقد البنّاء هنا ليس ترفًا فكريًا، بل ممارسة ضرورية، وهو في جوهره شكل من أشكال المقاومة المدنية.

وما أعنيه بـ”النقد البنّاء” ليس ذاك النقد “المُفصل على المقاس” لإرضاء طرفٍ وتجاهل طرفٍ آخر. بل هو نقد يُمارَس على الجميع، ويستند إلى مبادئ العدالة والمساءلة، لا إلى الولاءات الشخصية. فممارسة النقد الواسع والعادل هي واحدة من أهم أدوات الحفاظ على روح الثورة ومنع انحرافها، وهي واجب لا خيار.

بل إن أقل ناشطٍ مدني بيننا — سواء في الحركات الاجتماعية، أو في الأطر الحزبية، أو حتى عبر شبكات التواصل — قد يمتلك من التجربة والالتزام والمبدأ ما يفوق كثيرًا من أولئك الذين يتصدرون المشهد اليوم في مواقع السلطة. فالمكانة لا تُقاس بالموقع الرسمي، بل بالموقف الأخلاقي والسياسي.

ولهذا، لا يجوز طرح السؤال بصيغته التبريرية المعتادة: “إذا غادر الشباب الذين تسلّموا السلطة، فمن سيأتي؟”
هذا السؤال يُستخدم أحيانًا كأداة لإسكات النقد وقمع الاعتراض، وكأن غياب البديل يبرر السكوت عن الخطأ.

لكن النضال الحقيقي لا يقوم على المحسوبيات، ولا على توزيع المناصب أو تقاسم الغنائم.
إنما يقوم على الإيمان بضرورة تصحيح المسار، ونُصح من يستحق النُصح، لا من باب المجاملة، بل من منطلق المسؤولية الجماعية.

أما من يرفض النقد، أو لا يُبالي بأصوات الناس، فهذا خياره. وإذا انهارت صورته أو تآكل تاريخه، فذلك نتيجة أفعاله هو، لا نتيجة النقد. ولسنا مسؤولين عن “سقوطه” إذا كان ذلك السقوط ناتجًا عن تعنّته ورفضه للمراجعة والمحاسبة.

أحمد سليمان

● صادر عن نشطاء الرأي

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق