الغياب القطري عن المشهد السوري: ماذا يحدث وراء الكواليس؟

منذ بداية الثورة السورية، كانت قطر من الدول القليلة التي تمسكت بموقف واضح ضد النظام السوري، ولم تساوم على هذا الموقف حتى مع تغير مواقف الكثير من الدول العربية. ولكن الغياب القطري الأخير عن المشهد السياسي السوري أثار كثير من التساؤلات: هل هي مراجعة للسياسات؟ أم تحول في الاستراتيجية؟ أم مجرد انسحاب صامت؟
●روسيا تعود … وقطر تعيد حساباتها
مع عودة روسيا بقوة إلى سوريا ودعمها المستمر للنظام، تغيرت قواعد اللعبة. روسيا الآن ليست فقط لاعبًا عسكريًا، بل سياسيًا يؤثر على مصير سوريا والمنطقة. قطر، التي كانت تدعم المعارضة، وجدت نفسها أمام واقع جديد يتطلب إعادة التفكير.
●الغاز: من ضخ قطري إلى تمويل عبر تركيا
الغاز هو قلب المعركة الاقتصادية في المنطقة. قبل الأزمة، كان هناك مشروع لتمرير الغاز القطري عبر سوريا إلى أوروبا، وهو ما توقف بسبب الحرب. لكن اللافت أن قطر الآن تمول ضخ الغاز الأذري عبر تركيا، الغاز الذي ينافس الغاز القطري في الأسواق العالمية.
هذا التحول غريب جدًا، فكيف لقطر أن تمول نقل الغاز الأذري عبر تركيا، في وقت تُغيب موقفها السياسي تجاه النظام السوري الذي يسيطر على الأراضي التي كان من المفترض أن يمر الغاز القطري عبرها؟
●حسابات جديدة؟
قد يبدو هذا تناقضًا، لكن يمكن فهمه كحسابات جديدة لقطر تحاول من خلالها الحفاظ على مصالحها الاقتصادية وسط تغييرات سياسية كبيرة. التمويل القطري لهذا المشروع يظهر رغبة في الحفاظ على نفوذ اقتصادي قوي حتى لو كان ذلك يعني تخفيف المواقف السياسية تجاه النظام السوري.
●غياب قطر…؟
غياب قطر عن المشهد السوري قد يكون صمتًا استراتيجيًا يعكس مراجعة داخلية وإعادة ترتيب للأوراق. ربما هو أيضًا رسالة ضمنية تعبر عن رفضها للتطورات الأخيرة وعدم رضاها عن إعادة دمج النظام في محافل إقليمية دون شروط.
●المختصر:
المشهد السوري اليوم معقد، وقطر تلعب بحذر شديد بين مواقفها السياسية ومصالحها الاقتصادية، خصوصًا في ملف الغاز والطاقة. ما بين دعم الغاز الأذري عبر تركيا وصمتها السياسي، تبدو المعادلة مربكة ومليئة بالتناقضات.
هل ستعود قطر بقوة إلى المشهد السوري؟ أم ستظل تراقب من بعيد تحركات الأطراف، تحاول ضبط موازينها بين السياسة والاقتصاد؟
أحمد سليمان :
● صادر عن نشطاء الرأي