السويداء رهينة العنف المتبادل… دعوة لتحقيق نزيه ومحاسبة جميع الأطراف

كل جريمة، بغضّ النظر عن الجهة التي ارتكبتها، يجب أن يُحاسَب مرتكبوها قانونيًا. منذ البداية، طالبنا بتشكيل لجان مستقلة لتقصّي الحقائق وفهم ما يجري في السويداء، لكن حتى اليوم لا نسمع سوى تبادل الاتهامات، بينما تستمر الجرائم وسط غياب أي مسار شفاف للمساءلة.
يعرف كثير من السوريين، خصوصًا العاملين في المجالين الحقوقي والمدني، أن الانتقام المتبادل لا يعيد الحياة للموتى، وأن توظيف مشاهد مصورة مجتزأة أو إعادة نشر لقطات قديمة بعد أسابيع، بهدف إلصاق التهم بطرف محدد، هو في حد ذاته جريمة جديدة بحق الحقيقة والرأي العام.
نؤكد موقفنا الثابت برفض القتل وأعمال الانتقام، ونشدد على أن كل جريمة، أياً كانت الجهة المسؤولة عنها، يجب أن تخضع للمساءلة القانونية، وفق المعايير التي نصّت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
أولاً: الانتهاكات
الميليشيات تعزل السويداء وتحتجز شعبها رهينة:
تشهد السويداء منذ أسابيع موجة عنف ممنهجة تتحمل مسؤوليتها بدرجة أولى الميليشيات المسلحة، التي تعمل على عزل المدينة ومنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استثمار معاناة السكان لتحقيق مكاسب سياسية أو استدرار موقف دولي، على حساب حياة المدنيين وحقوقهم الأساسية.
ثانياً: مسؤولية الحكومة السورية
تتحمل الحكومة السورية جانبًا أساسيًا من التصعيد، إذ لم تُعلن حتى الآن عن أي مساءلة قانونية بحق المتورطين في التغطية على الجرائم، رغم وجود تسجيلات صوتية موثقة تشير إلى ضلوع شخصيات وجهات في حماية الجناة أو إخفاء الأدلة. هذا التقاعس يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب ويقوّض أي ثقة بمؤسسات الدولة.
ثالثاً: البعد التاريخي
منذ عهد النظام السابق بقيادة بشار الأسد، تمركزت في السويداء وحدات عسكرية معروفة بسجلها في الانتهاكات. وهي موجودة لم يتم تفكيكها ولم تتعرض لأي استهدف ومع هروب بشار اسد وتصاعد الأزمة، لجأ إليها عناصر فارّون من فلول النظام في الساحل، ليستمروا في تأجيج الصراع الداخلي.
رابعاً: المطالب
استنادًا إلى المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإننا نطالب بما يلي:
1. تشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة من حقوقيين وخبراء دوليين خارج دائرة الصراع.
2. إجراء فحص دقيق لتواريخ ومصادر الفيديوهات والأدلة المتداولة، مع منع نشر المواد المجتزأة أو المضللة.
3. الكشف عن الجهات المتورطة في الأحداث، وإعلان نتائج التحقيقات بشفافية.
4. مساءلة جميع الأطراف — الرسمية والمسلحة — عن أي انتهاكات، دون استثناء.
خامساً: المبدأ
إن العدالة الحقيقية لا تتحقق عبر الانتقام أو التوظيف السياسي للدماء، بل عبر إحقاق الحق، وحماية المدنيين، وضمان عدم تكرار الجرائم. إن صمت المجتمع الدولي وعدم التحرك الجاد يعني السماح باستمرار الانتهاكات وتقويض أسس السلم الأهلي.
إننا ندعو المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، إلى التحرك العاجل لفتح تحقيق نزيه وشامل، وإلا فإن الصمت سيكون شراكة في استمرار الجرائم.
أحمد سليمان
*صادر عن نشطاء الرأي
الرابط الدائم: https://opl-now.org/2025/08/10/opl-slemsn/