21 ديسمبر, 2025

إسرائيل تتوغل مرارًا في الأراضي السورية وتستهدف المدنيين

باتت الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في الداخل السوري أشبه بنهج مبرمج، يكرّس حالة من العنف ويستدعي العصبيات المتورطة في دفع البلاد نحو التفكك والخراب. هذه العمليات لا تقتصر على انتهاك السيادة الوطنية، بل تتجاوزها إلى استهداف المدنيين واستخدام أدوات القوة لإرهاب السكان المحليين، في مشهد يعكس سياسة مدروسة تهدد السلم الأهلي وتضع المجتمع السوري أمام تحديات وجودية.

تشهد الأراضي السورية توغلات متكررة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي لا تكتفي بانتهاك سيادة البلاد، بل تتجاوز ذلك إلى عمليات عسكرية أدّت إلى سقوط مدنيين وفق تقارير محلية ودولية. هذه الاعتداءات تُستخدم فيها وسائل القوة لإرهاب السكان المحليين، مما يهدد السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي. وتأتي هذه العمليات بدعم من جهات محلية متطرفة تدعو إلى تقسيم البلاد تحت شعارات مختلفة، مستغلة حالة الانقسام والضعف الأمني في بعض المناطق، بينما يكتفي المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بدور المتفرج، بما في ذلك الولايات المتحدة التي لم تتخذ خطوات رادعة تُذكر رغم التعاون السوري المستمر في مكافحة الإرهاب داخليًا.

وفي أحدث هذه الاعتداءات، داهمت قوات الاحتلال بلدة بيت جن قرب دمشق، ما أدى إلى سقوط عشرة قتلى بينهم خمسة من عائلة واحدة، وإصابة أربعة عشر شخصًا آخرين نُقلوا إلى مستشفيات العاصمة وريفها. وأوضحت التقارير أن التوغّل جاء في محاولة لاعتقال أحد السكان، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة مع الأهالي استمرت لساعات، واضطرت إسرائيل خلالها إلى استخدام المدفعية والطائرات المسيّرة لتأمين انسحاب قواتها. هذا الاستهداف المباشر للمدنيين لا يُعد مجرد انتهاك للسيادة السورية، بل يُشكّل استفزازًا واضحًا للشعب السوري، وقد يفضي إلى ردود فعل شعبية تتجاوز الخطاب الرسمي الذي يسعى إلى تفادي التصعيد المباشر على الحدود مع إسرائيل.

وتُبرّر إسرائيل هذه العمليات بأنها تستهدف مجموعات مسلّحة، غير أن تقارير محلية ودولية تشير إلى أن المدنيين هم الأكثر تضررًا، ما يجعل هذه الممارسات موضع انتقاد واسع باعتبارها مخالفة للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف الرابعة التي تحظر استهداف المدنيين في النزاعات المسلحة، وميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على احترام سيادة الدول وعدم استخدام القوة إلا في حالات الدفاع المشروع.

إن تكرار مثل هذه العمليات يكشف اعتماد إسرائيل سياسة عسكرية استباقية، في ظل تغاضي الأطراف الدولية عن مسؤولياتها في حماية المدنيين ومنع الانتهاكات، الأمر الذي يفاقم حالة التوتر في المنطقة ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي. كما أن استمرار هذه الاعتداءات دون محاسبة يُضعف مصداقية المؤسسات الدولية ويُظهر ازدواجية المعايير في التعامل مع الانتهاكات.

تحذير من الانفلات:
إن استمرار هذه الاعتداءات دون محاسبة يُهدد ليس فقط السلم الأهلي في سوريا، بل الأمن الإقليمي برمته، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لمدى التزامه بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين. ويُعد هذا التحذير دعوة صريحة للمجتمع الدولي إلى التحرك قبل أن تتحول الانتهاكات إلى انفلات شامل يهدد الاستقرار ويُفاقم الأزمات في المنطقة.

أحمد سليمان

*صادر عن نشطاء الرأي

About The Author

error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب