الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إطار لجميع المغاربة، وفي خدمتهم.
أقتنع بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هي إطار لجميع المغاربة، الذين عانوا من الظلم، والقهر، والاستبداد المخزني بكافة أشكاله، وبكل أدواته، بما في ذلك المؤسسات التي يعمل على فبركتها ذات اليمين، وذات الوسط، من أجل شرعنة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.
وكون الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لجميع المغاربة، لحماية حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، يعتبر أكبر مبرر للقول بأن هذه الجمعية ليست لحزب بعينه، ولا حتى لفصيل داخل هذا الحزب، أو ذاك، بل هي إطار لكل من اقتنع بمبادئها الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والكونية، والشمولية، ولكل من يقول بمرجعيتها المتمثلة في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكل من احترم ما يقرره أعضاء الجمعية الأوفياء، من خلال الهيآت التقريرية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، دون أن يتحايل عليها ليقرر ما يريده هو، لاعتبارات سياسوية ضيقة، ولكل من احترم قيم الشعب المغربي المحققة لوحدته الوطنية، والترابية ومعتقداته، ولكل من يستميت في النضال المرير من أجل التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ولكل من يلتزم بالدفاع عن المغاربة أين ما كانوا، وفي جميع أنحاء العالم، ما داموا يحترمون حقوق الإنسان في فكرهم، وفي ممارستهم، وبالدفاع عن الأجانب الذين ترتكب في حقهم الانتهاكات الجسيمة.
وبناء عليه، فإن الركوب على ما جري في المؤتمر الوطني التاسع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، للهجوم على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من قبل التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ومن خلال أحزابه الرجعية المتخلفة، ومن خلال المؤسسات المزورة، وفي مختلف الملتقيات الحزبية، وعلى صفحات الجرائد المشبوهة، والحزبية في نفس الوقت، ينم عن حقد دفين تجاه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، كما ينم عن رغبة أكيدة في العمل على تصفية هذا الإطار العتيد، والصلب، والمستعصي بمناضليه الأوفياء على جميع المستويات التنظيمية.
والرجعية المتخلفة بأحزابها التي أفسدت الحياة السياسية في المغرب، لا يحق لها أن تنبس ببنت شفة في حق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؛ لأن هذه الرجعية هي التي وقفت وراء:
1) صناعة ما صار يعرف في تاريخ المغرب بسنوات الرصاص، التي كلفت الشعب المغربي حريته، واستشهاد، واختفاء، واعتقال، ومحاكمة خيرة أبنائه، وعلى مدى عقود بأكملها.
2) الاستبداد بالاقتصاد الوطني، وتسخير ذلك الاقتصاد لاستغلال الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لصلح التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ولصالح الرأسمالية العالمية.
3) السماح للمهربين، وتجار المخدرات، وكل المنحرفين اجتماعيا، بالانخراط في أحزابهم الرجعية.
4) توظيف التراكم الحاصل بسبب الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبسبب الاتجار في المخدرات، وتهريب البضائع، ونهب المال العام عن طريق التواجد في المؤسسات المزورة جملة، وتفصيلا في إفساد الحياة السياسية، إلى درجة استعصاء عملية الإصلاح السياسي، الذي تطرحه العديد من الجهات في عدة مناسبات، بما فيها الأحزاب الرجعية نفسها.
5) القبول بالفساد الإداري، الذي أصبح بنيويا يستعصي على العلاج في المديين: المتوسط، والبعيد، والذي يكلف الشعب المغربي الكثير من المآسي.
ورجعية، كهذه، لا يحق لها أن تدعي أنها وطنية، أو أنها حقوقية، لسبب بسيط، وهو أنها لا وطنية، ولا حقوقية لاعتبارات نذكر منها:
الاعتبار الأول: أن هذه الرجعية المتخلفة، والآثمة في حق الشعب المغربي، لا ترى في الوطن إلا بقرة حلوبا، تجني منه أموالا طائلة تضعها في حساباتها الخارجية.
والاعتبار الثاني: أن الغاية من تواجد هذه الرجعية في المؤسسات المنتخبة، وفي الحكومة، هو لحماية مصالحها الطبقية، وتنمية تلك المصالح، في الارتباط بالرأسمال العالمي.
والاعتبار الثالث: أن هذه الرجعية لا تقتنع بشيء اسمه حقوق الإنسان، ولو كانت كذلك، لجعلت العمال وباقي الأجراء يتمتعون بحقوقهم الشغلية، كما هي في مدونة الشغل على الأقل.
والاعتبار الرابع: أن هذه الرجعية باعت، ولازالت تبيع القطاع العام للشركات العابرة للقارات، لتنهب الثروات الهائلة، التي تتسلمها من عملية البيع تلك.
ولذلك، فمن العار في حق الشعب المغربي أن تظهر هذه الرجعية المتخلفة، وكأنها هي الوطنية، وأن يظهر اليسار، وكأنه لا وطني.
وبناء عليه، فأنا أرفض، رفضا مطلقا، ما صدر عن هذه الرجعية، من خلال الغرفة الثانية للبرلمان، كما أرفض ما تفوه به عباس الفاسي باعتباره زعيما حزبيا، وباعتباره وزيرا أولا، من منطلق أن ما جرى في المؤتمر هو من شأن أعضاء الجمعية، الذين عليهم أن يعيدوا للوحدة النضالية في إطار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مكانتها، على أساس نبذ الحزبية الضيقة، والعمل على إتاحة الفرصة أمام جميع مكونات الجمعية للعمل معا، وعلى قدم المساواة فيما بينهم، ودون إقصاء لآراء المناضلين الأوفياء للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ودون إلحاق للجمعية المغربة لحقوق الإنسان بحزب معين، من أجل سد جميع المنافذ أمام هذه الطفيليات الرجعية، والمتخلفة حتى النخاع.
فهل تكون هناك مبادرة لإعادة الاعتبار لمكانة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بكل مكوناتها؟
هل يتم قطع الطريق أمام الرجعية التي تتربص بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟
وهل نتجاوز ردود الأفعال التي استعدت الرجعية المتخلفة على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟
هل نقوم بمراجعة مجمل الممارسة التي تؤدي إلى تحويل الاختلاف المشروع إلى خلاف لا مشروع؟
هل يتحول الحوار داخل الجمعية من حوار الصم إلى حوار ديمقراطي؟
هل ستستمر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في استيعاب المناضلين الأوفياء، الذين ضحوا كثيرا من أجل بنائها، والمحافظة عليها، وتقويتها؟
أم أنها ستلجأ إلى نبذ كل الذين أسسوا هذه الجمعية، وأعطوا من وقتهم الكثير من أجل بنائها، واستمراره، وتوسيعها، وتقوية أدواتها؟
إنني وأنا أطرح هذه الأسئلة، لا يهمني إلا استمرار الجمعية قوية، وصامدة، وبجميع مكوناتها، وبدون حسابات حزبية ضيقة، من أجل التصدي لكل الممارسات التي تسيء إلى كرامة الشعب المغربي، وخاصة في هذه المرحلة العصيبة التي يعيشها.
وفي الختام أسجل إدانتي الشديدة لكل المواقف الصادرة عن الأطراف الرجعية المختلفة، والتي تستهدف النيل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
محمد الحنفي
عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان