22 أكتوبر, 2025

بين الحذر والتقدم: المحادثات السورية–الإسرائيلية على مفترق الطرق

في تصريح مثير للإنتباه، أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحدوث تقدم في المباحثات مع سوريا، لكنه شدد على أن الاتفاق الشامل لا يزال بعيد المنال.

أما الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع، فقد أشار في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى بلوغ مرحلة متقدمة في المحادثات الأمنية مع إسرائيل، معربًا عن أمله في أن يُفضي الاتفاق إلى حفظ السيادة السورية وتبديد الهواجس الأمنية الإسرائيلية.

ولم يكتفِ الشرع بالتفاؤل، بل ربط موقف بلاده بالغضب الشعبي المتصاعد داخل سوريا وخارجها تجاه اتفاقيات التطبيع، مطالبًا واشنطن برفع العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، ومتهمًا إسرائيل بشنّ اعتداءات متكررة منذ تسلّم السلطة الجديدة، أبرزها قصف القصر الجمهوري في مايو، الذي وصفه بأنه “إعلان حرب”.

إسرائيل: شروط أمنية لا تطبيع

الموقف الإسرائيلي، كما نقلته وسائل الإعلام، يتركز على ضمانات أمنية صارمة: منع استخدام الأراضي السورية لتهديد أمن إسرائيل، الإبقاء على وجودها في مواقع استراتيجية كجبل الشيخ، وربط أي انسحاب بتأكيدات أمنية واضحة.

وقد أوضحت السلطات الإسرائيلية أن مفردات مثل “السلام” و”التطبيع” ليست مطروحة في هذه المرحلة؛ وهو ما أكده أيضًا الشرع. فالمفاوضات تتركز على وقف الهجمات، ترتيبات أمنية، وانسحاب جزئي، لا على اعتراف متبادل أو سلام شامل.

عقبات في الطريق:

رغم الإشارات الإيجابية، فإن الطريق إلى اتفاق فعلي لا يزال محفوفًا بالعقبات:

– انعدام الثقة:
سنوات النزاع خلّفت ندوبًا عميقة؛ إسرائيل لن تتخلى عن مواقعها الحيوية دون ضمانات ملموسة، وسوريا لا ترغب في أن تبدو وكأنها رضخت تحت الضغط.

– الضغوط الدولية:
واشنطن تسعى إلى إنجاز دبلوماسي يُعرض في الأمم المتحدة، ما قد يدفع الأطراف إلى تقديم تنازلات محسوبة، لكنه يخفي تحفظات داخلية في إسرائيل، واعتراضات من قوى سورية غير مندمجة تحت سلطة الشرع.

– التحدي الداخلي السوري:
السلطة الانتقالية لا تزال في طور الترسّخ، تحاول تفادي الصدام مع الجماعات المسلحة، وتواجه نفوذًا إيرانيًا متشابكًا، وغضبًا شعبيًا متزايدًا. أي اتفاق أمني يتطلب سيطرة مركزية حقيقية، وهو أمر لم يتحقق بعد.

– الهاجس الإسرائيلي:
إسرائيل تحتاج إلى ترتيبات مراقبة دولية أو آليات أمنية مشتركة تضمن تنفيذ الاتفاق قبل أن تقدم على أي تنازل جوهري.

لحظة مفصلية… أم مناورة مؤقتة؟

تصريح الشرع قد يشكل نقطة تحول، لكنه لا يكفي وحده. فإسرائيل، وإن أبدت انفتاحًا مشروطًا، ما تزال متمسكة بمطالبها الأمنية، وتتحرك ضمن مناطق رمادية لا ترقى إلى مستوى الاعتراف الشامل.

الطريق طويل، والمواقف متشابكة، لكن مجرد الحديث عن تقدم في المحادثات بين دمشق وتل أبيب هو بحد ذاته حدث غير عابر في سياق إقليمي مضطرب.

أحمد سليمان
صادر عن نشطاء الرأي

About The Author

error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب