9 ديسمبر, 2025

وداعاً لقانون قيصر المشؤوم.. إلغاء غير مشروط وسوريا تطوي صفحة العقوبات

في الذكرى السنوية الأولى لسقوط بشار الأسد وفراره من العاصمة دمشق، برز تطور سياسي واقتصادي لافت من واشنطن، تمثل في إقرار الكونغرس الأميركي الإلغاء الكامل لقانون “قيصر”، الذي شكّل لسنوات أحد أبرز أطر العقوبات المفروضة على سوريا.

وقد أُدرج الإلغاء ضمن التعديل النهائي لقانون تفويض الدفاع الوطني الأميركي (NDAA)، منهياً العمل بقانون صدر عام 2019 تحت عنوان “حماية المدنيين في سوريا”، لكنه تحول عملياً إلى أداة ضغط اقتصادي وسياسي انعكست تداعياته بشكل مباشر على معيشة السوريين.

آلية جديدة بدل العقوبات:

وبموجب النص المعدّل، لم يعد قانون قيصر قائماً من الناحية القانونية، على أن تلتزم الإدارة الأميركية بتقديم تقارير دورية غير سرية إلى لجان مختصة في الكونغرس على مدى أربع سنوات، لتقييم أداء الحكومة السورية الجديدة، خصوصاً في ملفات مكافحة الإرهاب، وعلى رأسها تنظيم “داعش”، إضافة إلى ملف المقاتلين الأجانب في المؤسسات الحساسة.

ويعكس هذا التحول انتقالاً من سياسة العقوبات الشاملة إلى نهج المراقبة السياسية، بما يشير إلى تغيّر في طريقة التعاطي الدولي مع الواقع السوري الجديد.

تداعيات إقليمية… ولبنان في الواجهة:

لم يأتِ القرار بمعزل عن سياقه الإقليمي، إذ تضمّن قانون الدفاع المعدّل بنوداً تتعلق بلبنان والأردن ضمن رؤية أمنية أوسع لإعادة ترتيب التوازنات في المنطقة.

ففي لبنان، تم ربط الدعم الأميركي المقدم للجيش اللبناني بمهامه في مواجهة “حزب الله” والتنظيمات المسلحة المصنّفة تهديداً لأمن البلاد، مع تمديد صلاحية هذا الدعم حتى نهاية عام 2026. كما نص القانون على تعزيز الشراكة العسكرية مع الأردن عبر توفير التدريب والمعدات والدعم اللوجستي.

إلغاء كامل غير مشروط:

يمثّل تثبيت إلغاء قانون قيصر في الصيغة النهائية لموازنة الدفاع الأميركية تطوراً قانونياً مهماً، كونه أُدرج ضمن إطار تشريعي محمي، ما يقلّص فرص التراجع عنه مستقبلاً.

ويعني القرار الإلغاء الكامل وغير المشروط للعقوبات التي كانت مفروضة بموجب القانون، إلى جانب إسقاط الآلية التلقائية التي كانت تتيح إعادة فرضها، وتحويل المعايير الرقابية المتبقية إلى توصيات غير ملزمة.

ومن المتوقع أن يفتح هذا التحول المجال أمام درجة من الانفراج الاقتصادي، في ظل تخفيف القيود على التعاملات المالية والتجارية، وهو ما يترقبه السوريون لما له من انعكاسات محتملة على مستويات المعيشة والنشاط الاقتصادي.

انفراجة اقتصادية وحماية الاستقرار:

يرى خبراء أن رفع العقوبات من شأنه أن يعيد فتح قنوات التمويل والاستثمار، ويسهّل عودة التبادل التجاري والتحويلات المالية، ويخفف القيود عن قطاعات حيوية مثل الطاقة، والإعمار، والمصارف.

غير أن هذا الانفراج يبقى مرتبطاً بجملة عوامل داخلية، أبرزها الاستقرار الأمني، وبناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة، واستعادة الثقة مع المجتمع الدولي، إلى جانب مكافحة الفساد وإعادة هيكلة الاقتصاد.

ما بعد العقوبات… سوريا أمام اختبار الدولة:

برحيل قانون قيصر، تطوي سوريا واحدة من أكثر مراحلها الاقتصادية قسوة، غير أن طريق التعافي لا يزال محفوفاً بالتحديات، في ظل إرث ثقيل من الدمار، وبنية تحتية منهكة، وملايين النازحين.

ومع ذلك، يراهن كثيرون على أن هذه المرحلة تمثّل بداية لمسار جديد، قد يفتح الباب أمام إعادة الإعمار، واستعادة العلاقات الاقتصادية، وعودة سوريا تدريجياً إلى الخارطة الإقليمية والدولية.

“وداعاً لقانون قيصر المشؤوم” لم تعد مجرد عبارة رمزية، بل عنوان لمرحلة انتقالية دقيقة، تختبر فيها سوريا قدرتها على الانتقال من زمن العقوبات إلى زمن الدولة.

أحمد سليمان

 

الرابط : https://opl-now.org/2025/12/09/sleimsn-2/ ‎

 

About The Author

error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب