الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يقول بأنه لا يجد مصداقية في ما يصرح بشارالأسد
انتقدت وزارة الخارجية الفرنسية «منطق العنف الأعمى» لدى النظام السوري، وذلك ردا على اتهامات وزير الخارجية السوري بأن باريس «تمارس سياسة استعمارية» بحجة الحفاظ على حقوق الإنسان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي «منذ بضعة أشهر، دعت فرنسا باستمرار السلطات السورية إلى فتح حوار سياسي وتطبيق الإصلاحات التي تلبي التطلعات التي عبر عنها الشعب السوري».
قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس إن الرئيس السوري بشار الأسد لا يتمتع بأي «مصداقية»، وحض مجلس الأمن الدولي على تجاوز انقساماته حيال الأزمة السورية. وأوضح بان كي مون للصحافيين غداة إعادة انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة «لا أجد مصداقية تذكر في ما قاله حتى الآن». وأضاف «كم سيستغرق هذا الأمر من وقت؟ ينبغي عليه (الأسد) أن يتخذ إجراءات ملموسة».
وتابع بان كي مون أنه سيكون «من الأهمية بمكان» أن يحسم مجلس الأمن الدولي الأمر بصوت واحد حيال الأزمة التي تهز سوريا. وأضاف: «بالطبع، ينبغي عليه (بشار الأسد) أولا أن يحترم إرادة وتطلعات شعبه. لكن المجتمع الدولي يتوقع الكثير». وحتى الآن تهدد روسيا والصين اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) داخل مجلس الأمن، باستخدام هذا الحق لمواجهة أي قرار يدين أعمال العنف في سوريا.
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أن السفير الأميركي روبرت فورد عبر بغضب عن صدمته مما رآه في جسر الشغور، عندما زار البلدة السورية مع عدد من الدبلوماسيين وممثلي منظمات دولية قبل 3 أيام. وقال مسؤول لدى الخارجية الأميركية بأن «السفير كان غاضبا بوضوح، وهو رد فعل منطقي عندما رأى بلدة كاملة خالية بعد أن كانت تعج بسكانها». وأضاف المسؤول أن «السفير كان في البلدة مع مرافقين من السلطات الأمنية السورية، وعبر عن روعه من وضع البلدة المهجورة مما أظهر أن أمرا حدث هناك كان يجب ألا يحدث». وامتنع المسؤول عن الدخول في المزيد من التفاصيل حول رد فعل فورد، قائلا إنه لم يكن حاضرا حينها، ولكن أكد أن فورد عبر عن الموقف الأميركي الواضح للسلطات السورية. وأضاف: «لقد أبلغ السلطات السورية أنه من الضروري أن تتوقف الإجراءات القمعية واستخدام العنف الذي يؤدي إلى أزمة لاجئين تثير القلق».
من جهة أخرى, رفضت مصادر أوروبية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أمس اتهام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأن العقوبات الأوروبية تستهدف الشعب السوري، وأكدت أن سوء الوضع الاقتصادي في سوريا سببه سياسات النظام القمعية، في حين يتحضر الاتحاد الأوروبي لإقرار عقوبات جديدة ضد النظام السوري اليوم، تضم 3 إيرانيين متهمين بمساعدة النظام السوري في قمع المحتجين.
وستقر حكومات الاتحاد رسميا اليوم العقوبات المعززة ضد سوريا التي أعلن عنها وزراء الخارجية الاثنين قبل البدء في تطبيقها غدا. وتفرض العقوبات تجميد الأرصدة في أوروبا وحظرا للسفر إلى الاتحاد الأوروبي يشمل سبعة أشخاص بينهم ثلاثة إيرانيين يتهمهم الاتحاد الأوروبي بتسليم معدات عسكرية لمساعدة النظام السوري على قمع المحتجين بحسب الدبلوماسيين. أما الأربعة الآخرون فهم مسؤولون سوريون. وتشمل العقوبات أيضا أربع شركات سورية مرتبطة بنظام الرئيس بشار الأسد، بحسب ما ذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية. ولن تنشر أسماء الأشخاص والشركات قبل يوم غد. وكان الاتحاد الأوروبي تبنى دفعة أولى من العقوبات ضد 23 مسؤولا في النظام السوري بينهم الرئيس الأسد.
ويجري الحديث في بروكسل عن عقوبات جديدة تهدف، بحسب مصادر أوروبية، «إلى تضييق الخناق على الأسد، ودفعه إلى تغيير سلوكه باتجاه إصلاحات جادة في بلاده». وشددت المصادر على أن النقاش الأوروبي لن يرقى إلى مستوى نزع الشرعية عن الأسد، وأضافت: «ما نريده هو أن يترجم وعوده إلى أفعال ملموسة وأن يفي بالتزاماته الدولية، خاصة لجهة السماح ببعثة أممية بالتوجه إلى المناطق المتضررة في سورية للوقوف على الحقائق».
وعلقت فرنسا وبريطانيا على تصريحات المعلم أمس، وانتقدت وزارة الخارجية الفرنسية «منطق العنف الأعمى» لدى النظام السوري، وذلك ردا على اتهامات وزير الخارجية السوري بأن باريس «تمارس سياسة استعمارية» بحجة الحفاظ على حقوق الإنسان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي «منذ بضعة أشهر، دعت فرنسا باستمرار السلطات السورية إلى فتح حوار سياسي وتطبيق الإصلاحات التي تلبي التطلعات التي عبر عنها الشعب السوري». وأضاف: «منذ ذلك الحين، حبس نظام بشار الأسد نفسه في منطق العنف الأعمى الذي لا يفضي إلى نتيجة». وأكد المتحدث أن «موقف فرنسا من الأنظمة التي تستخدم العنف ضد شعوبها معروف: فهي تفقد شرعيتها ولا تؤدي إلا إلى تفاقم مناخ العنف في بلادها».
ورأت بريطانيا تعليقا على تصريحات المعلم، أن «على النظام السوري أن يواجه الواقع»، وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن الأوروبيين سيستمرون «في زيادة الضغوط على الرئيس الأسد والمحيطين به حتى يعترفوا بأن الآمال المشروعة للشعب السوري يجب مقابلتها بالإصلاح وليس القمع». وأضاف المتحدث أن «المشكلة الخطيرة التي تواجه الاقتصاد السوري هي نتيجة مباشرة للطريقة التي اختارتها السلطات السورية للتعاطي مع الأزمة حتى الآن».
ورفض مصدر أوروبي اتهام المعلم الاتحاد الأوروبي بأن العقوبات التي يفرضها ضد سوريا تستهدف الشعب، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر غير صحيح»، ووضع اللوم أيضا على «سياسات الحكومة السورية»، مشيرا إلى أن العقوبات مركزة وتستهدف حتى الآن 23 شخصية سورية مرتبطة بأحداث العنف التي تمارسها السلطات ضد الشعب.
وتعليقا على قول المعلم إن المسؤولين الأوروبيين لم يناقشوا مع السوريين ما يجري، واعتمدوا على معلوماتهم من الخارج، قال المصدر الأوروبي إن سفراء دول الاتحاد في دمشق على تشاور دائم مع المسؤولين السوريين، وكذلك حكوماتهم مع السفراء السوريين في العواصم الأوروبية. وأضاف أن المسؤولين الأوروبيين «يعبرون عن قلقهم» للمسؤولين السوريين «في العلن والسر».
وقال المصدر تعليقا على دعوة المعلم، بعد الأسد، إلى حوار وطني، إن «وعد الحوار الوطني يجب أن يتم تطبيقه على الفور وبشكل جدي ومفتوح»، ولكنه أضاف: «لا يمكننا أن نرى حدوث ذلك في وقت يستمر فيه العنف الذي يمارسه النظام» ضد المحتجين
بروكسل: عبد الله مصطفى لندن ـ واشنطن: «الشرق الأوسط»