واشنطن وزّعت صوراً: إسرائيل دمّرت مفاعلاً كورياً شمالياً لسوريا
على النظام السوري ان يوضح الحقائق امام المجتمع الدولي بشأن نشاطاته النووية السرية. النظام السوري يدعم الارهاب، ويتخذ اجراءات تثير الاضطرابات في لبنان، ويسمح بعبور المقاتلين الاجانب الى العراق، ويضطهد شعبه. واذا أرادت سوريا علاقات افضل مع المجتمع الدولي فعليها ان تضع حدا نهائيا لهذه النشاطات
الشرق الأوسط
اتهمت الولايات المتحدة سوريا مباشرة للمرة الاولى بانها كانت حتى 6 ايلول 2007 تقوم “ببناء مفاعل نووي سري في صحرائها الشرقية قادر على انتاج البلوتونيوم بمساعدة كوريا الشمالية”.
وجاء في بيان صادر عن البيت الابيض “نحن مقتنعون بناء على معلومات متنوعة بأن كوريا الشمالية ساعدت سوريا في نشاطاتها النووية السرية. ولدينا اسباب جيدة للاعتقاد ان المفاعل، الذي تعرض لاضرار لا يمكن اصلاحها في السادس من ايلول الماضي، لم يكن مصمما لأغراض سلمية”.
جاءت هذه الاتهامات بعدما أطلع مسؤولون بارزون في البيت الابيض وقادة اجهزة الاستخبارات الاميركية اعضاء لجان الاستخبارات والقوات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ أمس خلال جلسات سرية على أدلة تشمل وثائق وصورا وشريط فيديو، تظهر ان كوريا الشمالية كانت تبني لسوريا مفاعلا نوويا في منطقة دير الزور بشمال شرق سوريا قرب نهر الفرات، دمرته طائرات حربية اسرائيلية في 6 ايلول 2007، قبل ان يبدأ تشغيله.
وكان مسؤولون اميركيون قد سربوا معلومات الى صحيفتي “الواشنطن بوست” و”النيويورك تايمس” مفادها ان شريط فيديو للمعدات داخل المفاعل اقنع اسرائيل والحكومة الاميركية بأن المفاعل مشابه في تصميمه لمفاعل كوري شمالي في منطقة يونغبيون قادر على انتاج مادة البلوتونيوم الضرورية لتصنيع الاسلحة النووية.
وقبل انعقاد هذه الجلسات اطلع المسؤول البارز في وكالة ضبط الاسلحة والامن الدولي الاميركية جون رود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في فيينا على هذه المعلومات كي تتولى الوكالة بالتحقيق في انتهاك سوريا التزاماتها كدولة موقعة لمعاهدة منع انتشار الاسلحة النووية. وكانت اسرائيل قد ناقشت الادلة المتوفرة لديها بما في ذلك شريط الفيديو مع المسؤولين الاميركيين قبل تدمير المفاعل، الامر الذي فسر صمت واشنطن وامتناعها عن انتقاد الهجوم الاسرائيلي.
وأوضح بيان ان المفاعل الذي كان في موقع ناء لم يكن مصمما كمنشأة سلمية، وان سوريا “في تحد لالتزاماتها الدولية لم تعلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ببناء المفاعل، وتحرك النظام بعد تدميره بسرعة لطمر الادلة عن وجوده. هذه التغطية تعزز ثقتنا بأن هذا المفاعل لم يكن مصمما للنشاطات السلمية”.
وأضاف: “يجب على النظام السوري ان يوضح الحقائق امام المجتمع الدولي بشأن نشاطاته النووية السرية. النظام السوري يدعم الارهاب، ويتخذ اجراءات تثير الاضطرابات في لبنان، ويسمح بعبور المقاتلين الاجانب الى العراق، ويضطهد شعبه. واذا أرادت سوريا علاقات افضل مع المجتمع الدولي فعليها ان تضع حدا نهائيا لهذه النشاطات”.
وبعدما أبدى قلقه من نشاطات كوريا الشمالية بنشر التقنيات النووية في العالم، قال ان “التعاون النووي السري مع سوريا هو تعبير خطير عن هذه النشاطات”. واعتبر ان بناء المفاعل “تطور خطير يؤدي الى اضطرابات في المنطقة والعالم. وهذا التطور يذكرنا ايضا بأن الانظمة التي تنشر التقنيات النووية تدعم الارهاب وتثير الاضطرابات وتتعاون بعضها مع البعض في هذه المجالات”. وفي هذا السياق طالب البيان ايضا ايران بوقف نشاطاتها النووية.
وشوهد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “سي آي إي” مايكل هايدن، ومدير جهاز الامن الوطني مايكل ماكونال، ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي، ومسؤول قسم الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي اليوت ابرامس، وغيرهم من المسؤولين الذين حملوا معهم حقائب كبيرة وخرائط وشاشة كبيرة لعرض الصور والفيديو، وهم يدخلون قاعات الاجتماعات لمناقشة المعلومات والادلة مع رؤساء لجان الكونغرس المعنية وأعضائها.
وقال مسؤولون في ايجازات خلفية للصحافيين ان المفاعل كان يحتاج الى بضعة اشهر وربما الى بضعة اسابيع من الاعداد قبل ان يبدأ تشغيله وانتاجه. ومع ان المسؤولين قالوا انه لا ادلة على ان المفاعل كان يحتوي على الاورانيوم، الا ان احدهم قال ان المفاعل هو بمثابة ادانة واضحة لان سوريا قد انتهكت معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية.
وتأتي هذه الجلسات السرية وقرار الحكومة اشراك زعماء الكونغرس في هذه المعلومات على خلفية التوتر القائم بين لجان الكونغرس هذه والبيت الابيض بسبب تردد الحكومة منذ الغارة الاسرائيلية، في اطلاع اعضائها على كل المعلومات المتوافرة لديها. كما تأتي على خلفية عرض الحكومة الاميركية حذف اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول التي ترعى الارهاب في مقابل تفكيكها برنامجها النووي في سياق اتفاق يشمل الدول الست المعنية بالبرنامج النووي في كوريا الشمالية، والتي تشمل ايضا كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان. ويقضي الاتفاق بان تكشف كوريا الشمالية أي نشاطات لها تشمل نشر او تحويل تقنياتها النووية الى دول اخرى مثل سوريا.
وكانت هناك تكهنات بأن بعض المعارضين لمثل هذا الاتفاق في الكونغرس يريدون من خلال احراج كوريا الشمالية علناً استفزازها ودفعها الى وقف هذه المفاوضات.
وكان الرئيس جورج بوش قال في السابق ان نقل كوريا الشمالية التقنيات النووية الى دول اخرى او الى منظمات ارهابية يشكل “تهديدا خطيرا للولايات المتحدة، وسنحمّل كوريا الشمالية المسؤولية الكاملة عن مثل هذه النشاطات”. لكن تردد البيت الابيض في تجديد مثل هذا الموقف أمس يدعم التفسير القائل بان بوش يأمل في التوصل الى حل ديبلوماسي لازمة البرنامج النووي العسكري في كوريا الشمالية قبل انتهاء ولايته.
ومنذ غارة أيلول وسوريا تنفي بشدة صحة الاتهامات الموجهة اليها. وقد نسبت “الواشنطن بوست” الى السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى ان المسؤولين في واشنطن “يرددون الاكاذيب والفبركات ذاتها عندما كانوا يخططون لمهاجمة العراق”. واضاف ان سوريا لا تعتزم حيازة التقنيات النووية لانها تدرك ان ذلك سيؤدي الى تعرضها لهجوم عسكري.
الشرق الأوسط