أحمد سليمانزملاء

أحمد سليمان: الإنسان أهم من التاريخ والحاضر لا يلغي المستقبل  

هل استعادة التاريخ وفق برمجة متخيلة أو حتى وفق (تجميعات) سكانية محددة هو الأنسب لمستقبل سوريا؟.

 

 التاريخ كونه منتج لأفعال البشر وتفاعلاتهم، ولا يمكن فهمه أو تفسيره دون الإشارة إلى الدور الحاسم الذي يلعبه الإنسان في صنع الحضارات وتطورها.

فعندما ننظر إلى التاريخ، نرى أنه مليء بقصص الشخصيات التي كانت قادرة على تحويل مجرى الأحداث وتغيير مصير الشعوب. وهذا يعني أن الإنسان هو العامل الأساسي في التاريخ، وأنه يمكنه أن يؤثر بشكل كبير على مستقبل العالم وتطويره.

ومن هذه الأسس أجد ضرورة  العمل على تعزيز القيم الإنسانية والمجتمعية الصحيحة، وتعزيز الوعي والتحصيل العلمي والتكنولوجي بموازاة التأكيد على حماية حقوق الإنسان وكرامته وتطويره، والعمل على تحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع.

على اعتبار، إن الإنسان هو المحور الرئيسي لتحقيق التقدم والتطور، ولا يمكن أن يتحقق أي شيء دون تعاونه وجهوده. ولذلك، يجب علينا أن نولي الأولوية للإنسان وحقوقه وحرياته، وأن نعمل جميعًا لتحقيق مصالحه وتطويره والنهوض بحياته.

منعا للتزوير :

يصر البعض الى خلط المعلومات و(دحش) منبتهم وجعله أهم من  سوريا كبلاد متعددة السكان والانتماءات والمشارب . لا بل هناك من يعتبر كل من في سوريا مجرد زوار او سائحين منذ مئات السنين. ! السؤال المهم :

سوريا من شمالها إلى جنوبها تحتوي على خليط من كل المكونات . الكلام هنا بمواجهة ما ينشر من معلومات بعض الذين يثيرون فوضى المعلومات التي لا تقدم مصادر صحيحة .

فهل نجد من يسأل عن جدوى استعادة التاريخ وتدويره بشكل مبرمج ومفخخ وغير واقعي ؟ خصوصا إذا وضعنا في الاعتبار ان الحاضر و المستقبل قائم على إلغاء الآخر؟.

ما يهمني قوله هو ضرورة العمل على ترميم الإنسان أولا. وبعد ذلك يستقيم الحديث عن الأوطان وتاريخها الماضي. وكذلك حاضرها ومستقبلها وفق معلومات واضحة المصادر وبعيدا عن التخندق خلف الصيحات الحزبية والمليشاوية الضيقة. 

الحاضر لا يلغي المستقبل:

يتمحور الكلام في هذا الموضوع حول الخلط الذي يحدث في بعض الأحيان بين المعلومات والتركيز على منابت الأفراد وإعطائها أهمية أكبر من الوضع العام في بلد مثل سوريا الذي يتميز بتنوع سكاني وثقافي وديني وجغرافي. يعتبر البعض أن كل من في سوريا زائر أو سائح، وبالتالي فإن الاهتمام بتاريخ سوريا والمستقبل يبدو غير مهم ومبالغ فيه.

من الواضح أن تاريخ سوريا يحتوي على العديد من الأحداث والمنجزات الهامة التي لا يمكن تجاهلها، وهو يشكل جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية للسوريين. ومع ذلك، يجب عدم الانغماس في التاريخ ونسيان الحاضر والمستقبل الذي يعتمد بشكل كبير على التحديات والمشاكل الحالية التي يواجهها السوريون.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الحديث عن تاريخ سوريا يجب أن يستند إلى مصادر صحيحة وموثوقة، ولا يجب الاعتماد على تكتلات سكانية محددة تجمعت وفق ظروف اقتصادية وسياسية في ظروف محددة أو ربما وفق برمجة متخيلة. على الرغم من أن تلك الأساليب يمكن أن تساعد في فهم التاريخ، إلا أنها يمكن أيضا قد تسفرعن تشويه الحقائق وتحريف التاريخ.

إعادة بناء الإنسان أولا:

الأمر الأكثر أهمية هو التركيز على إعادة بناء الإنسان السوري أولا. وهذا يشمل ترميم العلاقات بين الأفراد وإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها البلاد وإنهاء أي دور للمنظومة العائلية المتسلطة منذ عشرات السنين لليوم. بمجرد تحقيق ذلك، يمكن البدء في التفكير في ترميم الوطن وتحسين حالته وتاريخه.

في العودة إلى التاريخ، واقعيا وفي النظر لمجمل القضايا المترابطة والتي تم ذكرها يمكن أن يكون التاريخ مفتاحًا هامًا في فهم الماضي والحاضر وبالتالي يساعد على البناء والتأسيس نحو المستقبل، ولكن يجب أن يتم التعامل معه بشكل صحيح وعلمي. أي الحرص على نشر المعلومات من مصادر موثوقة، وتجنب ( الانحياز والتحيز) في تفسير هذه المعلومات.

من ناحية أخرى، يجب النظر إلى الأهمية الكبيرة لإعادة بناء المجتمع السوري بعد الحرب الدائرة في البلاد وفهم هذه الحرب كنتيجة تسلط النظام الذي مارس دمويته منذ أول مظاهرة سلمية التي تحولت الى ثورة شعبية عادلة ذات مطالب مدنية من أجل المساواة والحرية ووقف القمع والاعتقال الكيفي والحد من احتكار السُلطة و التركيز على التعايش والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع السوري، وتعزيز الوحدة والتضامن والتعاون بينهم. والعمل على تحقيق المصالح المشتركة لجميع أفراد المجتمع.

في النظرة الى التاريخ يتلخص بكونه أداة مساعدة في فهم الحاضر والبناء نحو المستقبل،  وهذا يشمل الأخطاء التي ارتكبت في الماضي. ومن خلال النظر إلى هذه الأخطاء وتعلم الدروس منها، يمكن لنا تجنب تكرارها والعمل على تحسين الأوضاع الحالية وبناء مستقبل أفضل.

تعدد الأعراق والمنابت :

وبما أن سوريا هي بلد متعدد الأعراق والأديان والمشارب، فإن العمل على ترميم الإنسان أولاً يجب أن يشمل تشجيع التعايش السلمي بين جميع المكونات المختلفة في المجتمع، وتعزيز الحوار والتفاهم بينهم. يجب أن يتم تشجيع المجتمعات المحلية وتعزيز دورها في إدارة وتطوير المناطق المحيطة بها، مما يؤدي إلى تعزيز الشمولية والمشاركة المجتمعية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب العمل على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، وتعزيز العدالة والمساواة لجميع المواطنين. ويجب أن يكون للشباب دور هام في هذه العملية، حيث يمثلون المستقبل والأمل لسوريا، ويجب تشجيعهم على المشاركة الفعالة في بناء مجتمع أكثر تعاوناً وازدهاراً.

أخلص بالقول، من المهم أن يكون هدفنا هو تحقيق الاستقرار والسلام في سوريا، وهذا يتطلب العمل الجاد والمثابرة والتضحية من قبل الجميع. يجب التركيز على ما يجمعنا وليس على ما يفرقنا، والعمل معا لإزالة منظومة الإجرام التي حكمت واحتكرت البلاد وقمعت المجتمع السوري طيلة العقود الماضية . وتابعت هذه المنظومة عبر التوريث الدموية الذي دمر البلاد وفكك وسرد السوريين . 

ان تحقيق مصالحنا المشتركة كسوريين ينبغي أن يقوم فكر من يتشاركون البلاد وفق واقع و دستور عصري يعتمد على مدنية الدولة وعدالتها ومساواتها بين كل مواطنيها .

أحمد سليمان

 

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق