الذكرى السنوية الثانية لأحداث سجن صيدنايا.. الضحايا في غياهب المجهول والجناة أحرار
سكايز- دمشق- مايا أحمد : قبل سنتين وتحديداً في الخامس من آب 2008 شهد سجن صيدنايا العسكري، أحداث شغب أدت إلى قتل العشرات وجرح عدد كبير من السجناء جلهم من الإسلاميين، عقب إطلاق الرصاص الحي من قبل حراس السجن وقوات خاصة قدمت لإخماد ثورة السجناء. وفي حين بقي الجناة طلقاء، ما زال مصير الضحايا مجهولاً، ومئات العائلات والأسر السورية تنتظر جواباً من السلطات الرسمية، لاستيضاح حقيقة مصير أبنائهم المعتقلين داخل السجن، منهم من يخشى خبر الوفاة، ومنهم من يقول “أعطونا موتانا، دعونا نغسلهم ونكفنهم ونصلي عليهم، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
بقي ما حصل داخل السجن ذلك اليوم مجهولاً، وتضاربت الأنباء حول مصير مئات المعتقلين، فذهبت أوساط حقوقية سورية إلى أن عدد القتلى بالعشرات، والجرحى بالمئات، في حين اكتفت السلطات الرسمية بإيراد خبر مقتضب عبر الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” قائلة أن “عدداً من السجناء المحكومين عليهم بجرائم التطرف والإرهاب أقدموا على إثارة الفوضى والإخلال بالنظام العام في سجن صيدنايا واعتدوا على زملائهم، فقمنا بالتعامل معهم بالتدخل المباشر من وحدة حفظ النظام لإعادة الهدوء داخل السجن”. وبذلك أنهت السلطات السورية روايتها الرسمية عن الأحداث التي حصلت داخل جدران سجن “صيدنايا” المحكمة.
ما يزال مصير الناشط السوري نزار رستناوي، عضو “المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية” مجهولاً، بالرغم من انتهاء مدة محكوميته، في نيسان 2009 وتذهب أوساط حقوقية سورية أنه من المحتمل أن رستناوي قتل في الاضطرابات التي حدثت في السجن.
القضية لم تنته عند التصريح الرسمي للدولة، فبادرت اللجنة السورية لحقوق الإنسان المقربة من “جماعة الإخوان المسلمين” المحظورة في البلاد، إلى إحصاء عدد الضحايا الذين استطاعت اللجنة جرد أسماءهم، فكانوا تسعة معتقلين قتلوا على يد سلطات السجن، في حين تفيد مصادر حقوقية أخرى بأن عدد القتلى يفوق هذا الرقم بكثير، في ضوء تعتيم إعلامي تام حتى اللحظة.
“اللجنة السوري لحقوق الإنسان بادرت في نشر أولى الأخبار عن الحادثة، ولدى سؤال “سكايز” رئيس اللجنة وليد سفور عن آخر حصيلة للضحايا أجاب: “لا أظن أن أحداً يعلم الحصيلة النهائية لمجزرة صيدنايا حتى الآن سوى سجلات الأمن العسكري والشرطة العسكرية المشرفتان على المجزرة. هناك جهات تتابع تقصي الحقائق ووردها أخبار من 54 أسرة عن انقطاع أخبار معتقليها بعد المجزرة ولم يستجب لهم بترتيب زيارات للسجن. لا شك أن هناك عدد أكبر من هذه الأسر لكن لم يتم التواصل معها لأسباب متعددة على رأسها الجهل بها”.
وأضاف سفور: “التواصل مع المعتقلين وأسرهم صعب جداً في هذه الظروف ومحفوف بالمخاطر، لكن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تحاول أن تجد وسائل للاتصال والاطمئنان على أوضاع المعتقلين في سجن صيدنايا”.
يقول سفور في شأن الناشط نزار رستناوي: “انقطعت أخبار الناشط نزار رستناوي إثر أحداث مجزرة صيدنايا في 5/7/ 2008 وما تزال منقطعة، ولقد حصلت اللجنة على أخبار متداولة شبه مؤكدة، تزعم أنه كان أحد ضحايا المجزرة التي وقعت. أصدرت اللجنة بيانا حول الأمر في حينه، وطالبت مؤسسات محلية ودولية عديدة بالكشف عن مصيره من دون جدوى، ولقد مضى زهاء سنتين على انقضاء فترة محكوميته ولم يرشح عن مصيره خبر مما يوحي أنه من ضحايا المجزرة”.
وذكرت “منظمة العفو الدولية” أن أكثر من 50 معتقلاً هم في عداد المفقودين بعد عصيان 2008 وقتل خلاله 17 سجيناً على الأقل وخمسة عناصر من الشرطة العسكرية.
وأشارت المنظمة في تقرير بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لعصيان 5 تموز، إلى أن عائلات 52 معتقلاً على الأقل تحاول منذ تلك الفترة تقصي أخبارهم من دون التوصل إلى نتيجة.
وجاء في تقرير “منظمة العفو” أنه ومن أصل 52 معتقلاً “18 هم مفقودون قسراً”، من بينهم المدافعين عن حقوق الإنسان نزار رستناوي وباسل مدراتي. وكان يفترض أن ينهيا عقوبتيهما في 18 نيسان 2009 و20 كانون الثاني 2010 تباعاً إلا أنه لم يتم الإفراج عنهما وانقطعت أخبارهما عن عائلاتهما ومحاميهما.
وصرح والد مدراتي لمنظمة العفو أن “السجناء الذين أفرج عنهم من صيدنايا قالوا له إن أبنه قتل في أعمال الشغب وأن جثته وضعت في ثلاجة (…) وهي معلومات لم يتمكن من التحقق منها”. وأضافت أنه “حتى إعداد (التقرير) ما تزال السلطات السورية التي أقرت أو ألمحت إلى أنها تعتقل جميع الرجال (الـ18) باستثناء نزار رستناوي، ترفض إعداد أي معلومات حول مصيرهم”.
بني سجن صيدنايا في عام 1981 وبدأ استخدامه للمعتقلين السياسيين عام 1987 ولا يوجد عدد معروف من السجناء، لكن يقدر أن العدد مابين 2000-3000 سجين، بحسب نشطاء حقوق الإنسان في سورية، كما أن معظمهم معتقلي سجن صيدنايا هم من الإسلاميين، يتوزعون بين ما يعرف بالسلفية الجهادية، وبين حزب التحرير وعددهم قليل جداً، إضافة إلى المتهمين بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، كما أن هناك قلة قليلة من الفلسطينيين الموالين لياسر عرفات غير معروفة العدد، وعدد ضئيل من المنتمين ل”حزب البعث” العراقي. إضافة إلى العديد من المعتقلين الأكراد وخاصة أولئك الذين اعتقلوا على خلفية انتماءهم ل”حزب الاتحاد الديمقراطي” الجناح السوري من حزب العمال الكردستاني، ونشطاء من “حزب يكيتي الكردي” في سورية.
يقع السجن المكون من ثلاثة طوابق على شكل ثلاثة أجنحة تلتقي في المركز على شكل ماركة المرسيدس، في قرية صيدنايا الجبلية الواقعة شمالي العاصمة السورية دمشق، ويتكون كل جناح في كل طابق من عشرين مهجعاً جماعياً بقياس ثمانية أمتار طولاً وستة أمتار عرضاً. وفي السجن مكاتب للتحقيق مجهزة بأحدث أدوات التعذيب وأكثرها تطوراً، ويتم توزيع المعتقلين في سجن صيدنايا في كل طابق من طوابق سجن صيدنايا الثلاثة والمقسم إلى جناحين يمين ويسار، وكل جناح منهما مقسم إلى (أ، ب، ج)”.
في جلسة لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة التي عقدت في منتصف أيار/مايو المنصرم، واجه المندوبون السوريون جلسة قاسية، بعد أن قدمت سورية تقريرها الأول عن التعذيب في البلاد، فشهدت فتح كل الملفات الخاصة بالتعذيب من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة في السجون السورية، إلى حد أن رئيس الوفد السوري أحمد النجم دهش”لكون عدد من القضايا التي أثيرت من قبل الخبراء لم تكن تحت ولاية هذه اللجنة، ولكن من غيرها من هيئات وآليات حقوق الإنسان”، فقد كان عليه أن يجيب على أصعب الأسئلة التي لم تواجه فيها الحكومة بعد في أروقة الأمم المتحدة.
المندوبون السوريون الرسميون اكتفوا بالحديث عن الدستور السوري والمواد الدستورية التي كفلت حماية حقوق الإنسان، ولكنهم اتهموا التقارير الستة المقدمة إلى اللجنة بأنها “مسيَّسة” وتحتوي على معلومات مضللة.
وزعم رئيس الوفد السوري أن الحكومة أجرت تحقيقاً حول أحداث سجن صيدنايا، وأرسلت ردوداً تفصيلية إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنتائج التحقيق، وأشار المندوب السوري إلى أن ما حدث في سجن صيدنايا كان شغباً، وأن “السجناء احتجزوا حراس السجن كرهائن وهددوا بقتلهم إذا لم تلب سلطات السجن مطالبهم. وأن بعض الحراس قد قتلوا بالفعل. وأن الشرطة لم تستخدم القوة ضد مثيري الشغب في البداية، وإنما فقط بعد مفاوضات طويلة”. إلا أن اللجنة لم تقتنع بكلام المندوب السوري خصوصاً وأنه أبقي سرياً عن الشعب السوري ولم يُعلن، ولم يُبلغ الأهالي بحقيقة أوضاع أبنائهم أو تسلم جثث القتلى إليهم، بل جرت عملية إخفاء تام لما حصل، الأمر الذي اضطر اللجنة إلى دعوة الحكومة إلى إجراء تحقيق مستقل وذو مصداقية في أحداث صيدنايا.
وصدم المندوبون أنهم ووجهوا بالاستفسار عن المجازر، وبالخصوص “مجزرة حماة، وعما إذا كان سيتم إجراء تحقيق في هذا الحادث”! ذلك أنه لأول مرة يواجه المندوبون السوريون بهذا السؤال في مجلس حقوق الإنسان! وتجاهل المندوب السوري الإجابة عن هذا السؤال نهائيا.
من معتقلي سجن صيدنايا المجموعة الطلابية المعتقلة على خلفية نشاط شبابي في ربيع 2006 “سبعة طلاب اعتقلوا من قبل المخابرات الجوية وحوكموا من قبل محكمة أمن الدولة بأحكام تراوحت بين 5-7 سنوات” وهم حسام ملحم، طارق الغوراني، ماهر اسبر، أيهم صقر،علام فاخور، عمر العبد الله، دياب سرية.
بتاريخ 17/ 6/ 2007حكمت محكمة أمن الدولة العليا في دمشق المجموعة، بالسجن خمس سنوات، باستثناء ماهر اسبر وطارق الغوراني بالسجن سبع سنوات، بتهمتي النيل من هيبة الدولة وتعريضها لإعمال عدائية.
في أيلول 2009 أبلغت السلطات السورية الرسمية أسرة المعتقل خوشناف سليمان نبأ وفاته في سجن صيدنايا العسكري عبر شهادة وفاة مرسلة من النيابة العامة العسكرية بدمشق مؤرخة في 3/3/2003، من دون تسليم رفاته، ومن دون إيضاح أية معلومات عن أسباب وفاته أو مكان دفنه.
واعتقل خوشناف بحسب المعلومات المتوافرة، من قبل أجهزة أمن الدولة في أيلول العام 1998، حين قدومه من موسكو بعد دراسته لكلية الصيدلة، بتهمة الانتماء لحزب العمال الكردستاني قبل مغادرته سورية. وكان أهله قد قاموا بزيارته بعد ستة أشهر من اعتقاله، ووردت أنباء مؤكدة في 2005 بأنه على قيد الحياة، وأنه في سجن صيدنايا مما يعني أنه قد توفي أثناء أحداث سجن صيدنايا.
خوشناف كان متزوجاً من امرأة روسية وله بنت، وكانت زوجته تنتظر العودة لسورية قريبا لرؤية زوجها لأن الأخبار تتردد حول صدور عفو رئاسي قريب مع عيد الفطر وكانت تتوقع أن يطال العفو زوجها. وطالبت حينها مصادر مقربة من عائلته السلطات السورية الكشف عما جرى لخوشناف وعن مصيره وتسليم رفاته إلى ذويه.
ويرى سفور أنه “من الناحية النظرية لا يوجد ما يمنع من إقامة دعوى قضائية، لكن تجارب ماضية باءت بالفشل وتعرض رافعوها للمضايقات والمخاطر. أذكر في هذا الصدد مثالين: الأول حاول المحامي المعتقل هيثم المالح إقامة دعوى ضد وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس على خلفية تصريحاته المثيرة للجدل الأسبوعية “دير شبيغل” الألمانية حول دوره في الإعدامات الجماعية في عقد الثمانينات من القرن الماضي، لكن الدعوى رفضت وتعرض لمضايقات عديدة إثرها. والمثال الآخر الأكثر حداثة هو الدعوى التي أقامها المحامي خليل معتوق على الأمن العسكري إثر مصرع ابن أخيه سامي معتوق وزميله جوني سليمان اللذان قتلا بنيران دورية من المخابرات العسكرية أمام منزل أحدهما في 14/10/2008 لكن القاضي العسكري أمر بحفظ الدعوى وهدد المحامي خليل بتقديمه للمحاكمة إذا استمر في محاولته تحريك الدعوى”.
ما يزال مصير الناشط الكردي السوري تحسين خيري ممو العضو في “حزب يكيتي الكردي” مجهولاً كذلك، وذلك بعد أحداث سجن صيدنايا في تموز 2008 حيث انقطعت جميع المعلومات عن المجموعة الكردية التابعة ل”حزب يكيتي” وهم نظمي عبد الحنان محمد، أحمد خليل درويش، دلكش شمو ممو، وياشا خالد قادر، إضافة إلى تحسين خيري ممو، انقطعت المعلومات عنهم حتى نهاية عام 2009. وفي بدايات 2010 سمح لذويهم بزيارتهم، وقد فوجئ أهالي تحسين بعدم وجوده مع رفاقه، حيث أخبر رفاقه أهاليهم بأن الشرطة العسكرية قد أخذته من بينهم إلى جهة مجهولة من دون إن يعرفوا شيئاً عن سبب ذلك أو الجهة التي أخذت إليها.
اعتقلت المجموعة الكردية بتاريخ 31/1/2007 من قبل الأمن العسكري في مدينة حلب، خلال عقدهم لندوة ثقافية في منزل المعتقل ياشا خالد قادر، وبعد حوالي شهرين من الاعتقال لدى فروع الأمن العسكري في حلب ودمشق أحيلوا إلى محكمة أمن الدولة العليا في دمشق، وأودعوا سجن صيدنايا العسكري.
لدى مراجعة والد تحسين إدارة السجن وسؤاله عن الجهة التي أخذت ابنه من سجن صيدنايا، أجابته بأن فرع التحقيق التابع للأمن العسكري في دمشق هي التي استلمته من السجن. وقد راجع والده فرع التحقيق أكثر من مرة ولكن من دون جدوى حيث ينكر هذا الفرع وجوده لديه. بذلك يكون قد مضى على اعتقال تحسين مع رفاقه الأربعة سنوات وستة أشهر، ويكون قد مضى على اختفائه أكثر من عام وما زال مصيره مجهولاً حتى اللحظة.
ويشير سفور إلى أن “القانون السوري يتيح زيارة السجناء في الأوقات المحددة للزيارة ويلزم الجهات المعتقلة بإبلاغ ذوي السجين عن تطورات حالته في السجن، لكننا نتعامل مع مجموعة من الأوضاع والأجهزة والإجراءات غير القانونية والاستثنائية التي تتعامل مع ذوي المعتقلين بمزاجية ووفق اعتباراتها الخاصة، ولا تلزم نفسها بقانون أو عمل وفق الأصول القانونية المفروض إتباعها”.
بتاريخ 18/4/2010 حكمت محكمة أمن الدولة العليا في دمشق، بالسجن لمدة خمس سنوات على كل من نظمي عبد الحنان محمد، ياشا خالد قادر، دلكش شمو ممو، أحمد خليل درويش، بتهمة الانتماء إلى “حزب يكيتي الكردي” في سورية وذلك بموجب المادة /267/ من قانون العقوبات، بحجة الدعوة إلى اقتطاع جزء من أراضي الدولة وإلحاقها بدولة أجنبية. في حين تم فصل ملف المعتقل تحسين الذي كان قد اعتقل معهم، بسبب اختفائه.
بتاريخ 8/6/2010 تم الإفراج عن الناشط والكاتب السوري رياض درار الذي كان معتقلاً في سجن صيدنايا لمدة خمسة أعوام، وذلك بعد يوم واحد من إلقائه كلمة تأبينية في خيمة عزاء الشيخ محمد معشوق الخزنوي، في مدينة القامشلي في حزيران 2005.
رياض حمود درار، مواليد 1954 اعتقل بتاريخ 4/6/2005 من قبل الأمن السياسي بمدينة دير الزور، كان قد رئس لقاء دير الزور للحوار الوطني الديمقراطي الذي عقد في دير الزور في 20/5/2005، وكانت محكمة أمن الدولة العليا قد حكمت عليه بالسجن خمس سنوات في 2/4/2006 بتهمة ” بتهمة نشر أخبار كاذبة وإيقاظ النعرات العنصرية والانتساب لتنظيم سري”.
يقضي الكاتب والشاعر فراس سعد /1970/ ، حكماً بالسجن أربع سنوات، في سجن صيدنايا، وذلك بعد أن اتهمته محكمة أمن الدولة العليا بتهمة “نشر أنباء كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة، والنيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي” بتاريخ 7/4/2008 وذلك على خلفية كتاباته لعدة مقالات منها عن موقف سورية من حرب تموز بين لبنان وإسرائيل، ومقال يحلل فيه نهج سورية الدولي والعربي ومقال بعنوان “ميشيل كيلو يكشف المرض السوري”. وكانت الأجهزة الأمنية استدعت فراس للتحقيق عدة مرات قبيل اعتقاله بتاريخ 30/7/2006.
من معتقلي سجن صيدنايا المدون طارق البياسي، الذي اعتقل بتاريخ 7/7/2007 من قبل المخابرات العسكرية بسبب انتقاده لسلوك الأجهزة الأمنية، عبر تعليقات أرسلها لمنتديات إلكترونية، وحكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن ثلاث سنوات، وذلك بتهمتي “إضعاف الشعور القومي ووهن نفسية الأمة”.
بتاريخ 7/1/2010 أفرجت السلطات السورية عن المدون كريم أنطوان عربجي قبل إنهاء محكوميته، بستة أشهر، بقرار حفظ المدة الباقية من الحكم، والذي هو بمثابة عفو خاص يصدر عن رئيس الجمهورية، وذلك بعد تدخل جهات دينية مسيحية في الوساطة مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان فرع فلسطين للمخابرات العسكرية اعتقل عربجي بتاريخ 7/6/2007 وجرى نقله في 18 أيلول/سبتمبر 2007 إلى سجن صيدنايا العسكري ليصار إلى محاكمته أمام محكمة امن الدولة العليا، وذلك على خلفية كتاباته لمقالات انتقد فيها السلطات السورية ونشرها في منتدى “أخوية” الإلكتروني.
وفي 13/9/2009 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا في دمشق حكماً بسجنه ثلاث سنوات بتهمة “نشر أنباء كذابة من شأنها أن توهن نفسية الأمة”، وذلك وفقاً للمادة /286/ من قانون العقوبات السوري العام.
لا تكف السلطات السورية عن انتهاك حقوق الإنسان بالرغم من توقيعها على كافة المواثيق والعهود الدولية، وتستمر في مصادرة الحريات وقمع حرية التعبير، والنشاط المدني، وتستمر في اعتقال الناشطين السياسيين والحقوقيين وتقدمهم إلى محاكم استثنائية تفتقر إلى أبسط قواعد القانون، وتحكمهم بأحكام قاسية وجائرة.
بالرغم من مرور سنتين على أحداث العنف فيه، ما يزال الجناة طلقاء، وبعيدون عن يد العدالة، لا يزال مصير المئات من المعتقلين السوريين مجهولاً في سجن صيدنايا، وتتخوف العديد من العوائل من أن أبنائهم قضوا في تلك الأحداث الدامية، وتسعى بكل الطرق والوسائل المتاحة للاطمئنان عليهم، علماً أنه هناك الكثير منهم من منعوا من الزيارة منذ تموز 2008. ويرى بعض الأهالي بضرورة مواجهتهم بالحقيقة مهما كانت، فأنهم مستعدون لأن يتقبلوها مهما كانت قاسية، فهل من مجيب لدعوات الأهالي، أم أن ذلك ستنثره الرياح كغيرها؟؟؟