زملاء

قصّة الاتفاقية – “الحُلُم”…غاز إيران عبر سوريا إلى أوروبا

الأهمية العملية للاتفاقية، يعبّر عنها وصفُها، “إطارية”، فهي ستبقى في المدى المنظور حبراً على ورق…
مشروع خط عملاق يجسّد الربط الاستراتيجي بين مكونات تكتل سياسي –اقتصادي، يمكن توصيفه بـ”الهلال الشيعي”.

إيران تملك أكبر احتياط في العالم من الغاز الطبيعي.

تزوّد إيران تركيا بحوالي 90% من حاجتها من الغاز.

مشروع إيراني لمدّ باكستان بـ 50% من حاجتها من الغاز، شارف على الانتهاء.

خط نقل الغاز الإيراني إلى العراق فسورية مروراً بالبحر المتوسط فأوروبا. هذا الخط (لو تم) هو أمنية إيران لأن غازها سينتشر في أوروبا وبالأسعار المناسبة.
نص المادة:
خطوة جديدة تخطوها إيران باتجاه تحقيق حلمها الاستراتيجي –الاقتصادي، ولو كانت هذه الخطوة معنوية ونظرية، تعتمد على المراهنة أكثر مما تعتمد على الواقع، حتى الآن.

حلم إيران بتصدير غازها إلى أوروبا، يتقدم عبر “اتفاقية إطارية” لنقل الغاز الإيراني من خلال العراق إلى سوريا، وقّعها وزيرا النفط السوري والإيراني، مؤخراً.

الأهمية العملية لهذه الاتفاقية، يعبّر عنها وصفُها، “إطارية”، فهي ستبقى في المدى المنظور حبراً على ورق، لكنها توضّح حيزاً من القاعدة الأساسية التي تعتمدها إيران في رسم أفق مستقبلها الاستراتيجي في بعده الاقتصادي تحديداً.

فإيران تُراهن على نظام الأسد في سوريا. ويشكّل الأخير حصانها الرابح، في حال نجاحه في هزيمة المعارضة المسلحة، فهو سيكون معبر إيران نحو الأفق الأوروبي.
تبدأ القصة من مشروع قديم بدأت ملامحه قبيل الثورة في سوريا مباشرة، حينها وقّع وزراء النفط في إيران والعراق وسوريا اتفاقية بقيمة تزيد عن عشر مليارات من الدولارات، لنقل الغاز الإيراني إلى القارة الأوروبية عن طريق العراق وسوريا ولبنان عبر مشروع خط عملاق يجسّد الربط الاستراتيجي بين مكونات تكتل سياسي – اقتصادي، يمكن توصيفه بـ “الهلال الشيعي”.

أوروبا التي يتنفس قوامها الصناعي عبر الغاز الروسي، كانت مطمح إيران، بأن تشكّل عبر غازها بديلاً استراتيجياً للغاز الروسي في الحسابات الأوروبية، فيكون ذلك مصدراً لتعزيز نفوذ إيران الإقليمي، ومكانتها الاستراتيجية الإقليمية والدولية.
سابقاً، راهنت أوروبا على خط أنابيب “نابوكو”، الذي كان من المخطط له أن ينقل الغاز من آسيا الوسطى إلى تركيا وصولاً إلى النمسا، لكن الروس نجحوا في إفشال المشروع عبر نفوذهم في دول آسيا الوسطى، فخسرت أوروبا رهانها وبقيت أسيرة الغاز الروسي.

توضّح صحيفة الاقتصادية السعودية أن إيران تملك “…وبحسب تقرير بريتش بتروليوم الإحصائي لعام 2013م أكبر احتياط في العالم من الغاز الطبيعي أي أنها تعدت روسيا والحقيقة كانت هذه إحدى أكبر مفاجآت هذا التقرير إذ إن تقرير العام الماضى أشار إلى أن احتياطي روسيا يقدر بنحو 44 تريليون متر مكعب متقدمة على إيران صاحبة المركز الثاني لذلك العام بأكثر من عشرة تريليونات متر مكعب. على كل حال يقدر احتياطي إيران بنحو 18 في المائة من الاحتياطي العالمي من الغاز التقليدي. وهي حالياً ثالث أكبر منتج للغاز في العالم بعد أمريكا وروسيا ومتساوية مع قطر وكندا…”.

حلم إيران بإيصال غازها إلى أوروبا في جانب منه يتعلّق بالتخلص من الآثار السلبية للعقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة عليها، والتي تحولت في السنوات الأخيرة من العقد الماضي إلى عقوبات دولية بموجب قرارات من مجلس الأمن، كانت روسيا ذاتها توافق عليها، ربما كي تعرقل طموحات إيران، وتُبقي الدولة المحاصرة دولياً، أسيرة الرعاية والتوجيه الروسي.

الكميات المصدرة من الغاز الإيراني لا تُقارن بروسيا وقطر رغم أن لديها احتياطات غازية أكبر منهما. منع الحظر إيران من استغلال غازها.

ونجحت إيران في إيجاد خطوط بديلة لتصدير الغاز، كحالة خطها مع تركيا وأرمينيا، حيث تزوّد إيران تركيا بحوالي 90% من حاجتها من الغاز. إلى جانب مشروعها لمدّ باكستان بـ 50% من حاجتها من الغاز، والذي شارف على الانتهاء.

لكن يبقى الخط الأهم الذي لطالما تأملت إيران إنجازه، هو خط نقل الغاز الإيراني إلى العراق فسورية مروراً بالبحر المتوسط فأوروبا، هذا الخط (لو تم) هو أمنية إيران لأن غازها سينتشر في أوروبا وبالأسعار المناسبة.

حلم إيران يعرقله المشهد السوري، لذلك يمكن أن نفهم بعدا آخر من أبعاد الدعم الإيراني المستميت للأسد في سوريا، ويبدو أن الإيرانيين يدركون أن خسارة سوريا لن تزيد فقط من عزلتهم السياسية الإقليمية والدولية، بل ستزيد من عزلتهم الاقتصادية أيضاً، وتعزّز حالة التململ في الشارع الإيراني جراء الآثار السلبية للعقوبات المفروضة على بلدهم، والتي تنعكس بقسوة على معيشة الإيرانيين.

الاتفاقية الإطارية الموقّعة أخيراً بين سوريا وإيران، برهان جديد على أن لإيران مصالح عديدة في دعم الأسد، تجعلها من أكثر الأطراف تمسكاً به، ومن أكثر القوى شراسةً في دعمه، وأن إيران لن تقبل بأقل من أن يكون حلفاؤها في النظام السوري شركاء فاعلين في صنع مستقبل سوريا، كي تضمن مصالحها الاستراتيجية باتجاه المتوسط، والتي تشكّل مسألة نقل الغاز واحدةً من أبرزها.

اقتصاد – خاص

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق