لقاء المعارضة في دمشق- دعم للثورة أم غطاء للنظام؟
مؤتمر المعارضة السورية في الداخل، لصالح من؟
فيما أكد معارضون اجتمعوا في دمشق عن دعمهم لـ”لانتفاضة السلمية” مطالبين بـ”إنهاء الخيار الأمني”، شكك آخرون في جدوى هذا الاجتماع معتبرين أن نظام الأسد يستغله لإضفاء الشرعية وتسويق رسالة للخارج مفادها أنه يقبل بالحوار.
تعهد معارضون سوريون الاثنين، خلال اجتماع لهم هو الأول من نوعه في دمشق لبحث سبل الخروج من الأزمة، بـ”دعم الانتفاضة الشعبية السلمية التي تريد الانتقال إلى الديمقراطية”، مطالبين في الوقت نفسه بـ”إنهاء الخيار الأمني”. كما تعهدوا بالبقاء “جزءا من الانتفاضة السلمية في سوريا في سبيل الحرية والديمقراطية والتعددية”.
وأعرب المشاركون في وثيقة سموها “عهد” عن رفضهم “اللجوء إلى الخيار الأمني لحل الأزمة السياسية البنيوية العميقة التي تعاني منها سوريا”، وأكدوا إدانتهم لأي “خطاب وسلوك يفرق بين السوريين على أساس طائفي أو مذهبي أو عرقي”. كما أعلنوا رفض “أي دعوة للتدويل أو التدخل الخارجي في شؤون سوريا”، داعين إلى “تغليب مصلحة الوطن وحرية المواطن على كل مصلحة أخرى “.
دعم للثوار أم تسويق للسلطة؟
الازمة في سوريا خلفت مئات القتلى وآلاف النازحين والمفقودين
وقال المعارض منذر خدام الذي ترأس الاجتماع في كلمة له أمام الحضور “يرتسم طريقان: مسار واضح غير قابل للتفاوض نحو تحول سلمي آمن لنظامنا السياسي، نحو نظام ديمقراطي وفي ذلك إنقاذ لشعبنا ولبلدنا. وإما مسار نحو المجهول وفيه خراب ودمار للجميع”. من جهته حذر المعارض السوري ميشال كيلو خلال افتتاح الاجتماع من أن الحل الأمني للازمة “يؤدي إلى تدمير سوريا”. وتابع كيلو أنه يجب إيجاد بيئة تفاوضية حقيقية تسمح بخلق آليات تسهم في انتقال آمن نحو دولة ديمقراطية مدنية وتوزيع عادل للثروة الوطنية “المتركزة في معظمها حاليا بيد خمسة في المائة من أبناء السلطة” وأن يكون المجتمع منتجا للسلطة وليس العكس. وطالب كيلو بضرورة صدور “قرارات فورية اليوم قبل غد” بترخيص للأحزاب التي تعمل على أرض الواقع.
إلا أن المعارض السوري عبد الرزاق عيد، رئيس المجلس الوطني لإعلان دمشق في الخارج، والمقيم في باريس، قال في حوار لدويتشه فيله، إن “اجتماع عشرات الأشخاص من المعارضين في فندق في دمشق يعني أن هناك نوع من الرضا غير المعلن إعلاميا من قبل السلطات، وهذا يعني أن هناك من أعطى الضوء الأخضر لهذا الاجتماع”، ويضيف بالقول:”لقد استخدمت بعض الأسماء لإعطاء نوع من الشرعية، لكن هناك أسماء كبيرة قد انسحبت إذ أنه من الصعب عليهم أن يكونوا شهود زور على هذه التمثيلية التهريجية التي يريد النظام تسويقها”. وذكر أن من بين المنسحبين عارف دليلة.
وأكد عيد أن “لجان التنسيقيات في الداخل اعتبرت أن مؤتمر المعارضة الذي عقد اليوم في دمشق يضفي نوعا من الشرعية على النظام، وبالتالي يساعد النظام على إرسال رسالة للخارج مفادها أنه يرغب في الحوار، في الوقت الذي يستمر في سفك الدماء وبالدبابات”.
وقد أدانت لجان التنسيق المحلية في سوريا الاجتماع، وقالت إن أي اجتماع للمعارضة لابد وأن يعكس مطالب الشارع وهي إسقاط النظام وضمان الانتقال إلى سورية ديمقراطية.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مقرا له، إن 1342 مدنيا قتلوا في الحملة الحكومية على المعارضين، كما قتل 342 من قوات الأمن أيضا. وتشهد سوريا منذ ثلاثة أشهر احتجاجات غير مسبوقة تسعى السلطة إلى قمعها عن طريق قوات الأمن والجيش مؤكدة أن تدخلها أملاه وجود “إرهابيين مسلحين يبثون الفوضى”.
حوار أم التفاف؟
النظام السوري يدعو الى مشاورات مع المعارضة في 10 تموز/يوليو (اجتماع هيئة الحوار الوطني) الحكومية
وبالموازاة مع مؤتمر المعارضة في الداخل، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن “هيئة الحوار الوطني تابعت اجتماعاتها برئاسة فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية حيث جرى البحث في جدول أعمال اللقاء التشاوري الذي أعلن عنه الرئيس بشار الأسد في كلمته على مدرج جامعة دمشق والذي يعمل على وضع أسس الحوار وآلياته تمهيدا لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني”. وأوضحت أن الهيئة “قررت بعد مناقشة معمقة تحديد يوم الأحد العاشر من تموز/يوليو 2011 موعدا لانعقاد اللقاء التشاوري، وتوجيه الدعوة إلى جميع القوى والشخصيات الفكرية والسياسية الوطنية لحضور هذا اللقاء”.
وقررت الهيئة أيضا “عرض موضوع التعديلات التي تبحث حول الدستور ولاسيما المادة الثامنة منه على جدول أعمال اللقاء وطرح مشروعات القوانين التي تم إعدادها على اللقاء التشاوري وخاصة قوانين الأحزاب والانتخابات والإدارة المحلية والإعلام”. وأكدت هيئة الحوار “أنه لا بديل عن المعالجة السياسية بأبعادها المختلفة وفتح الباب واسعا أمام جميع المواطنين السوريين للمشاركة في بناء مجتمع ديمقراطي تعددي يستجيب لتطلعات الشعب السوري”.
إلا أن المعارض السوري عبد الرزاق عيد، يرى في هذه الدعوة “محاول للتغطية على صورة العنف المنتهجة من قبل نظام الأسد، وهي محاولة لكسب الوقت وامتصاص نقمة المجتمع من جهة، ودفع بعض الفئات الصامتة لمزيد من التحييد”. ويؤكد عيد لدويتشه فيله أن” دعوة السلطات للحوار في الوقت الحالي تأتي للالتفاف حول توجه المجتمع الدولي لنزع الشرعية عن النظام السوري”.
وكان الرئيس بشار الأسد اقترح في كلمة متلفزة في 20 من الشهر الجاري إجراء حوار وطني يفضي إلى تعديلات على الدستور أو دستور جديد. غير أن الأسد رفض خلال الخطاب، الثالث منذ اندلاع الاحتجاجات على حكمه المستمر منذ 11 عاما، إجراء إصلاحات “في أجواء من الفوضى والتخريب”.
ويقول عبد الرزاق عيد إن الأمر في سوريا “لم يعد قابلا لمسألة الاجتهاد، بعد أن بلغ عدد الضحايا أكثر من 1650 قتيل، وعشرات ألآلاف من الجرحى والمعتقلين والمهجرين”. ويؤكد أن “أولياء الدم الذين يقودون الثورة على الأرض هم الأولى بالحوار، وهؤلاء لا يمكن أن يحاوروا إلا بوجود ضمانات دولية”.