تركيا تتشاور مع الناتو بشأن الطائرة
تحديد كيفية التحرك يرجع إلى تركيا والحلفاء. فما قد تحتاجه تركيا هو الدعم السياسي، إذ لم نتلق أي طلب آخر، وهذا لا يؤدي بالضرورة إلى الخطوة التالية” وانا لونجيسكو، المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي “الناتو
قالت تركيا الأحد إن سوريا أسقطت طائرتها العسكرية يوم الجمعة الماضي “في الأجواء الدولية ودون توجيه أي تحذير”، وأعلنت أنها ستجري مشاورات رسمية مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي “الناتو” بخصوص الرد، بينما قالت دمشق إن الطائرة كانت في “مهمة استطلاعية عسكرية” وأن إسقاطها جاء “دفاعا عن السيادة الوطنية”.
ففي حديث لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بعد مرور نحو 48 ساعة على إسقاط الطائرة قبالة ساحل مدينة اللاذقية السورية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط إن الطائرة “كانت تحمل علامة واضحة تؤكد أنها تركية”.
وقال أوغلو إن بلاده ترفض البيان السوري الذي يفيد بأن دمشق لم تكن تعلم بأن الطائرة تركية، مشيرا إلى أن الطائرة “لم تكن مسلحة” وأنها كانت في “مهمة فردية لاختبار أنظمة رادار محلية، ولم يكن لها صلة بالأزمة في سوريا”.
وتابع: “لقد أُسقطت طائرتنا على مسافة 13 ميلا بحريا من الحدود السورية في المجال الجوي الدولي.”
وأضاف: “وفقا لصور الرادار، فقد وجدنا أن طائرتنا فقدت الاتصال بمقرات القيادة بعد إصابتها وبسبب فقدان الطيار السيطرة عليها، فتحطمت في المياه الإقليمية السورية بعد قيامها بحركات غير عادية.”
وقال المسؤول التركي إن الجهات العسكرية السورية “لم تصدر خلال كل هذه الفترة أي تحذير لطائرتنا.”
“هدف عسكري”
من جانبه، أكد جهاد مقدسي، المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية، أن الطائرة التي أسقطتها وسائط الدفاع الجوي السورية “هي طائرة استطلاع، وبالتالي فالهدف من وجودها عسكري.”
ففي حديث أجرته معه محطة “أو تي في” (OTV) اللبنانية، قال مقدسي: “ما حصل هو أن هنالك هدفا مجهولا بالنسبة لنا دخل أجواءنا، فقامت الدفاعات الجوية السورية بإسقاطه، حيث كانت بحالة سيادية ودفاعية، وبعد إسقاط الهدف تبين لاحقا بأنه عسكري تركي”.
“وفقا لصور الرادار، فقد وجدنا أن طائرتنا فقدت الاتصال بمقرات القيادة بعد إصابتها وبسبب فقدان الطيار السيطرة عليها، فتحطمت في المياه الإقليمية السورية بعد قيامها بحركات غير عادية”
أحمد داود أوعلو، وزير الخارجية التركي
ولفت مقدسي إلى أنه “لا يوجد نوايا عدوانية لسورية”، وأن الحالة بين سوريا وتركيا هي “حالة خلاف حاد، وليس عداوة، فعدو سوريا معروف.”
وأضاف :”لقد تجسَّد الموقف السوري ببيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع شرح حيثيات الحادثة التي حصلت، ولم يصدر عن سورية سوى هذا البيان”، مشيرا إلى أن سورية “كانت بموقع رد الفعل وليس الفعل، وما حصل أمر سيادي دفاعي وليس أكثر.”
ونفى مقدسي تقديم سوريا أي اعتذار للحكومة التركية عن إسقاط الطائرة التركية.
بعد دولي
وقد أخذت حادثة إسقاط الطائرة التركية بعدا دوليا خطيرا جديدا للاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ 15 مارس/ آذار من عام 2011، والتي تدعمها تركيا ودول غربية وعربية أخرى.
وتأوي تركيا معارضين سوريين وعناصر “الجيش السوري الحر” المنشق، كما تستضيف لاجئين قرب حدودها الجنوبية مع سوريا على بعد نحو 50 كيلومترا من الموقع الذي أسقطت فيه الطائرة، لكنها تنفي تسليح قوات المعارضة.
وقال أوغلو إنه سيبلغ حلف شمال الأطلسي رسميا بالواقعة هذا الأسبوع بموجب المادة الرابعة من معاهدة تأسيس الحلف وسيخطر كذلك مجلس الأمن الدولي بتطورات الحدث.
وقال التلفزيون الرسمي التركي الأحد إن تركيا بعثت بمذكرة دبلوماسية إلى سوريا بشأن إسقاط الطائرة التركية.
اجتماع الناتو
من جهة أخرى، أعلن “الناتو” أنه سيعقد اجتماعاً الثلاثاء المقبل تلبية لطلب من تركيا، للبحث في مسألة إسقاط الدفاعات الجوية السورية للمقاتلة التركية المذكورة.
وقالت المتحدثة باسم “الناتو، وانا لونجيسكو: “لقد طلبت تركيا التشاور بموجب المادة الرابعة من معاهدة واشنطن لإنشاء حلف شمال الأطلسي، والتي تخوِّل أي دولة عضو في الحلف أن تطلب التشاور في أي وقت وفي حال تعرض أراضيها، أو استقلالها السياسي، أو أمنها للخطر.”
وأضافت: “ستجتمع قيادة حلف شمال الأطلسي الثلاثاء بناء على طلب تركيا التي نتوقع أن تقدم عرضا بشأن الواقعة الأخيرة.”
وقال دبلوماسي بالحلف إن من المرجح أن تقدم تركيا لحلفائها تفاصيل بشأن الحادث.
وأضاف: “تحديد كيفية التحرك يرجع إلى تركيا والحلفاء. فما قد تحتاجه تركيا هو الدعم السياسي، إذ لم نتلق أي طلب آخر، وهذا لا يؤدي بالضرورة إلى الخطوة التالية.”
وأردف: “من المهم أن يظهر الحلفاء التضامن والاهتمام.”
مقاتلات بريطانية
في غضون ذلك، كشفت صحيفة “ديلي ستار صنداي” ذكرت أن بريطانيا “وضعت مقاتلات على أهبة الاستعداد لشن هجوم على سوريا”، بعد تعهد دعم حليفتها بمنظمة حلف شمال الأطلسي (أي تركيا) بالثأر من سوريا لإسقاطها واحدة من طائراتها الحربية.
وكانت وكالة أنباء “الأناضول” قد نقلت عن مسؤولين دبلوماسيين أن أوغلو أجرى السبت اتصالات بشأن الحادث مع نظرائه في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وإيران والسعودية.
كما تحادث أوغلو بشأن الحادث أيضا مع كل من كاترين آشتون، ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ونبيل العربي، أمين عام الجامعة العربية.
من جانب آخر، ذكرت محطات التلفزة التركية أن فرق البحث تمكنت من تحديد موقع حطام الطائرة التركية على عمق 1300 متر تحت سطح البحر في المياه الإقليمية السورية.
وكان أوغلو قد ذكر أن الطائرة “أُسقطت في الأجواء الدولية على بعد 13 ميلا بحريا من السواحل السورية، ثم سقطت في البحر، في المياه الإقليمية السورية”.
رواية سوريا
إلا أن الناطق العسكري السوري كان قد أعلن في أعقاب الحادث أن الطائرة التركية كانت قد اخترقت المجال الجوي “فوق مياهنا الإقليمية من اتجاه الغرب”، وكانت تحلق “على ارتفاع منخفض جدا، وبسرعة عالية.”
وأضاف أن وسائط الدفاع الجوي السورية أسقطت الطائرة التركية “على مسافة كيلومتر واحد من اليابسة (الشاطئ) وأصابته إصابة مباشرة واشتعلت فيه النيران وسقط في البحر غرب قرية أم الطيور بمحافظة اللاذقية وضمن مياهنا الإقليمية على بعد 10 كيلومترات من الشاطىء.”
يُشار إلى أن المياه الإقليمية هي مناطق مياه البحار والمحيطات التي تمتلك دولة ما حق السيادة عليها. وقد حددت معظم الدول المائة والعشرين التي لها حدود على البحار حدود مياهها الإقليمية بحوالي 12 ميلاً بحريًا من اليابسة.
وكان شريط فيديو قد بُث الجمعة على موقع التواصل الاجتماعي “يو تيوب” قد أظهر مواطنين سوريين كانوا يتنزهون على الشاطئ شمالي مدينة اللاذقية وقد راحوا يصفون فجأة وبحماس مشاعرهم وهم يشاهدون ما قالوا عنه إنها “طائرة وهي تسقط في البحر”، بينما كانت تُسمع في الشريط أصوات مضادات طائرات ورشاشات تنطلق في المحيط، دون أن تظهر أي طائرات وهي تسقط أو تحلق في أجواء المنطقة.
تركيا تتشاور مع الناتو بشأن الطائرة