زملاء
خولة حسن الحديد : خاتم الزواج
بقيت أمي لأيام تسألني عن خاتم الزواج الفضي الذي كان بيد أبي رحمه الله .و الذي يحمل اسمها مخطوطا بداخله. و كنت أقسم لها أني لم أجده . دون أن أخبرها أن جثة أبي كانت أشلاء، و ربما بقيت أجزاء كثيرة من جسده موزعة على رصيف الشارع الذي استهدفت فيه سيارته سؤالها عن الخاتم خلق لدي هاجس بأن أشلاء من جثة أبي ما زالت غير مدفونة ، فأصبحت كل يوم استغل خلو المكان من الناس و أبحث بين الحشائش و الأعشاب الكثيفة تحت الأشجار التي تتدلى على طرفي الشارع .
و كان ذهولي كبير عندما وجدت جزء من كف أبي و عالق فيه إصبعه و خاتم الزواج !! …..أسرعت إلى الشيخ الذي ذهب معي للمقبرة و دفنته في القبر .و مرّت أيام حتى استطعت أن أخبر أمي أن أحد أطفال الحارة وجدوا خاتم الزواج .
وكانت فرحتها كبيرة و لا يمكن وصف اللمعة التي ظهرت في عينيها و هي تتأمل الخاتم الفضي البسيط في كفها و كأنها وجدت كنزاً. …. هدأ بالي أمي قليلا ، و اشتعلت برأسي الظنون و أصبحت كل يوم أبحث عن بقايا ما لجسد أبي في ذلك الشارع .
أبي الذي كان خوفي عليه هو همي الوحيد خلال تسعة شهور من اعتقالي و تنقلاتي بين كل فروع المخابرات الجوية في البلد ، و الذي لم أقل له كل شيء بعد خروجي من السجن منتظرا الفرصة المناسبة، و قد اغتاله صاروخ غادر قبل أن تأتي تلك الفرصة ..أبي الذي غاب تاركا في قلبي نار مشتعلة و هاجس لا يغيب أن أجزاء من جسده لم تُدفن بعد ..فماذا أفعل لأرتاح يا خالة ؟
إعلامية وباحثة