غياب التخطيط وحجب الكفاءات عن مؤتمر الحوار
ضرورة تجنب التهميش وحق الاعتراض في أي مؤتمر أو لقاء تشاوري يتعلق بمستقبل البلاد.

أحمد سليمان : إن المرحلة الحالية تشكل نقطة تحول حساسة في تاريخ سوريا. وبينما يستمر التنافس بين الأطراف المتربصة داخليًا وتلك التي تسعى لتحقيق مصالح خارجية، يبقى التحدي الأكبر هو ترسيخ الوحدة الوطنية وإرساء أسس حكومة تحمي مصالح الشعب السوري وتعيد استقرار البلاد بعيدًا عن الانقسامات والتدخلات الخارجية.
لا شك أن ما حدث -سواء سقوطاً أو هروباً- ترك العديد من الأسئلة والتحديات على الساحة السورية، ورغم ذلك فإن هذه المرحلة تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء البلاد بعد حقبة اتسمت بالإرهاب والظلم والفساد، إلا أن قراءة المشهد عاطفياً وانحيازياً جعلت بعض الفئات تركز على إزالة النظام دون تحديد البدائل وتنظيم حركة المجتمع والمؤسسات، وهو ما يتطلب عند عقد أي مؤتمر أو حوار وضع الخطط والبرامج مسبقاً والإعلان عنها ونشرها قبل فترة زمنية، وإتقان كل شيء بعيداً عن تهميش الكفاءات التي تتمتع بحق الاعتراض الفعلي الذي يسعى إلى المساهمة في مستقبل البلاد.
عند عقد أي مؤتمر أو حوار لا بد من وضع الخطط والبرامج مسبقاً والإعلان عنها ونشرها، ولابد من إتقان كل شيء، بعيداً عن تهميش الكفاءات الفعلية التي تسعى إلى المساهمة في مستقبل البلاد.
أولاً: خلفية الأحداث والتحولات السياسية
- النهاية الغامضة للنظام:
- أدت إلى فجوة سياسية أثّرت على المشهد الوطني بسبب غياب البديل الفوري.
- استُغلّت كمنصة لتبرير الانقلاب على مجرم ورث حكم سوريا وارتكب أبشع أنواع الإرهاب ضد الشعب.
- تأخر التوجه الداخلي:
- أسهم في قراءة التحولات على أنها خطف للبلاد أو فرض حصار على الوطن.
- أغفل أهمية تشكيل حكومة وطنية جامعة تعكس وحدة الشعب السوري.
ثانيًا: التحديات الداخلية
- المتربصون والطامعون الداخليون:
- المتربصون:
- الجهات أو الأطراف التي تنتظر فرصة للتدخل أو استغلال الفوضى لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
- استغلال الفجوات في النظام لفرض أجندات تفضيلية تخدم مصالحهم الخاصة.
- الطامعون الداخليون:
- القوى السياسية والطائفية والقومية التي تسعى لتعزيز نفوذها داخل سوريا على حساب الوحدة الوطنية.
- سياسات الانقسام التي تُعيق تشكيل إطار وطني موحّد، مما يُضعف قدرة الشعب على مواجهة التحديات المشتركة.
- المتربصون:
- الإهمال الإداري والإقليمي:
-
تدهور ملف مناطق مثل السويداء، والذي يتزامن مع تلاعب ميليشيا قسد في المناطق التي تحتلها، إضافة إلى ما جرى في الساحل حيث ساهمت فيديوهات الانتقام والفصل التعسفي للموظفين في تأجيج الفتنة الداخلية.
- الانقسامات الإقليمية التي استُغلت لخلق حالة من عدم الاستقرار تؤثر سلبًا على الأوضاع المعيشية.
-
ثالثًا: التدخلات والعوامل الخارجية
- الطامعون الدوليون:
- الدول والجهات الخارجية التي تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر لاستغلال الفراغ السياسي في سوريا.
- استغلال الفوضى الداخلية وتدهور الوضع الاقتصادي لفرض سياسات تتماشى مع مصالحها الإقليمية والدولية.
- آليات التدخل الخارجي:
- استقطاب بعض الفصائل المحلية لتحقيق أهداف أجندات خارجية.
- تحويل الخطاب السياسي نحو الخارج بدلاً من التركيز على الحلول الوطنية، مما أدى إلى تفكيك آليات الوحدة الوطنية.
رابعًا: الفرص والتوصيات للمستقبل
- تشكيل حكومة وطنية جامعة:
- ضرورة إشراك كافة مكونات الشعب السوري لضمان تمثيل عادل وتحقيق وحدة حقيقية.
- اعتماد آليات شاملة للحوار الوطني – سواء عبر مؤتمر الحوار أو برامج الحوار – لتجاوز الانقسامات الداخلية التي تغذيها النزعات الطائفية والقومية والإقليمية.
- إعادة توجيه الخطاب السياسي:
- التركيز على الداخل وتعزيز مفاهيم الوحدة الوطنية بدلاً من الانشغال بمطالب خارجية.
- وضع استراتيجيات واضحة لمواجهة الفتن الداخلية ومحاسبة الأطراف المتربصة.
- تعزيز الرقابة ومكافحة استغلال الأوضاع:
- إنشاء آليات رقابية فعالة تضمن عدم استغلال الفراغ السياسي من قبل الجهات الطامعة داخليًا أو خارجيًا.
- دعم مؤسسات الدولة لتأمين استقرار الخدمات الأساسية وتحسين الوضع المعيشي للشعب.
- الوعي والتحليل السياسي العميق:
- ضرورة قراءة التحولات السياسية بمنظور بعيد عن العواطف والإنقسامات، والتركيز على المصلحة الوطنية الشاملة.
- تعزيز الوعي الجماهيري بدور المتربصين والطامعين الداخليين والدوليين في محاولة تفكيك البلاد.
تشكل المرحلة الراهنة فرصة لإعادة رسم ملامح سوريا، إذ يجب على الجميع – سواء كان من الجهات الداخلية أو الدولية – العمل على دعم مسار الحوار الوطني وإرساء أسس حكومة جامعة تحمي مصالح الشعب. وفي ظل التحديات الراهنة، يبقى تعزيز آليات الحوار ومكافحة الانقسامات ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية.