زملاء

دعوة أوجلان لحل حزب PKK وتنصل مليشيا قسد: انعكاسات على المشهد السياسي السوري والتحديات الوطنية

الشعب السوري يرفض نشوء كيانات تسعى إلى حكم ذاتي لأن حقوق الجميع متساوية

أحمد سليمان : في خطوة لافتة أثارت جدلاً واسعًا على الصعيد الإقليمي، دعا عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني (PKK)، إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، معتبرًا ذلك مسؤولية تاريخية يستوجب عليها إعادة النظر في مسار النضال المسلح. وقد جاءت هذه الدعوة في وقت تتداخل فيه المصالح الإقليمية مع التحولات السياسية، مما أثار تساؤلات حول مستقبل القوى المسلحة الكردية وتأثيرها على المشهد السوري.

دعوة أوجلان وحجم التحول المثير

على مدى عقود طويلة من الصراع المسلح مع السلطات التركية، بات أوجلان رمزًا للتحدي والتمرد. وفي تصريح تاريخي، دعا إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح، معتبرًا أن التغيير الهيكلي الذي يقترحه يجب أن يبدأ من داخل الحزب ذاته.

هذا النداء جاء ليضع حجر الأساس لمستقبل مختلف، حيث من المتوقع أن تؤدي مثل هذه الدعوة إلى إعادة ترتيب الصفوف والحد من التأثير المباشر لهذا الحزب على العمليات المسلحة في المنطقة.

موقف مليشيا قسد وتنصلها من الدعوة:

على الرغم من العلاقة الوثيقة التي تربط مليشيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بحزب العمال الكردستاني، فقد أبدت قسد موقفًا واضحًا في هذا السياق؛ إذ أعلنت أن دعوة أوجلان تنطبق حصريًا على الحزب، ولا تمتد لتشمل الوضع في سوريا أو تتحول إلى تغيير في مسار النضال الوطني.

يبرز هذا التنصل محاولة قسد الحفاظ على مواقفها واستمرار احتلالها اجزاء من الأراضي السورية، خاصةً في ظل الضغوط الداخلية والخارجية لإعادة هيكلة القوى المسلحة. ويطرح هذا الموقف تساؤلات حول مستقبل قسد، وكيفية تعاملها مع التطورات المحتملة في الهيكل التنظيمي الذي قد يُعيد رسم ملامح المشهد العسكري والسياسي في سوريا.

تأثير الدعم الخارجي على مشهد قسد:

يُعد الدعم الخارجي، الذي تتلقاه قسد من جهات عدة أبرزها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبعض القوى الأوروبية، عنصرًا مركزيًا في تحليل مسارها.

فهذا الدعم، الذي يشمل توفير الأسلحة والتدريب والمساندة اللوجستية، منح قسد إمكانيات عسكرية وسياسية متقدمة، لكنه في الوقت ذاته أربطها بأجندات خارجية قد تتعارض مع تطلعات الشعب السوري.

إن الاعتماد على دعم خارجي يجعل قسد عرضة للتقلبات في السياسات الدولية، بالتالي هي ليست جهة مستقلة تسعى لتحقيق مصلحة الوطن السوري، بل أصبحت أداة في يد قوى خارجية تسعى لإعادة رسم الخريطة السياسية.

إن الاعتماد على دعم خارجي يجعل قسد عرضة للتقلبات في السياسات الدولية، بالتالي هي ليست جهة مستقلة تسعى لتحقيق مصلحة الوطن السوري، بل أصبحت أداة في يد قوى خارجية تسعى لإعادة رسم الخريطة السياسية.

رفض الشعب السوري لأي امتيازات خاصة أو حكم ذاتي:

يواجه مشروع الحكم الذاتي أو الفدرالية الذي تسعى بعض الفصائل المسلحة المرتبطة بقسد إلى تحقيقه رفضًا شديدًا من قبل الشعب السوري.

فالشعب السوري، الذي قدم تضحيات فادحة في مواجهة نظام بشار الأسد المجرم، لا يقبل بفكرة منح امتيازات أو وضع خاص لبعض المكونات على حساب وحدة الوطن.

من المؤسف أن تُذكر هذه المطالب في ظل واقع نضالي شهد تدخلات متكررة من قوى خارجية، فضلاً عن سجل قسد الذي تشكل ” وحدات الحماية الكردية ” أهم مكوناتها منذ بداية ثورة مارس 2011 وساعدت نظام الأسد في ضرب السوريين.

هذا التاريخ من التعاون بين قسد و النظام الأسدي السابق يقوض مصداقيتها ويزيد من تحفظ الشعب السوري تجاه أي مشروع قد يُفضي إلى تفكيك الوحدة الوطنية، وهو ما يُعد نقطة تحول خطيرة في المسار السياسي للدولة.

تحديات المشهد السياسي السوري والمخرج المحتمل:

يبدو أن المشهد السوري اليوم يشهد تمردًا عصابيًا مدعومًا من قوى خارجية، تسعى من خلاله إلى تعطيل العملية السياسية الوطنية وإعادة رسم خريطة النفوذ في البلاد.

إن دعوة أوجلان لحل حزب PKK وتنصل قسد من هذا القرار تُبرز عمق الانقسامات والتحولات التي تجتاح المنطقة.

ولحل هذه الإشكالية، يجب على الأطراف الوطنية إعادة تجميع الصف الوطني، والبحث عن صيغة سياسية شاملة تحافظ على وحدة الدولة وتكرم تضحيات الشعب السوري، دون الانجرار وراء توجهات تقود إلى تفكيك الكيان الوطني.

إن الدعوة التاريخية لحل حزب العمال الكردستاني التي أدّاها عبد الله أوجلان، وتصريحات مليشيا قسد بالتنصل منها، تُشكل مرحلة محورية في التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة.

يتجلى التحدي في كيفية تجاوز تأثيرات الدعم الخارجي وتحقيق توافق وطني يُبقي على وحدة سوريا، في ظل رفض الشعب السوري لأي مشروع يمنح امتيازات خاصة أو يُفضي إلى حكم ذاتي لا يمثل تطلعات تضحياتهم.

في هذا السياق، يبقى المخرج الأمثل هو إعادة ترسيخ الوحدة الوطنية والشراكة بين كافة مكونات الشعب السوري لتحقيق مستقبل يعمه الأمن والعدالة.

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق