أحمد سليمانتقارير حقوقية
الرقة: رصاصة في الرأس … و سقوط إعلامي فاضح.

لاحقا حول جريمة مقتل الطفل، والذي أقدم أحد عناصر “قسد” على قتله برصاصة مباشرة في الرأس، قرب معمل السكر في ريف الرقة.
الطفل، الذي خرج فجراً ليساعد أسرته في التقاط ما يمكن من بقايا المحصول، لم يكن يحمل سلاحاً، ولم يشكّل أي تهديد. ومع ذلك، كانت رصاصة واحدة كفيلة بإنهاء حياته فوراً.
غير أن الجريمة لم تتوقف عند القتل، بل تواصلت على شاشات الإعلام الرسمي. حيث أورد مراسل “الإخبارية السورية” أن الطفل “رفض التوقف عند الحاجز”، في تبرير صريح ومباشر لقتله، وكأننا أمام محاكمة ميدانية لا تغفر لطفل فقير أن يتحرك بلا إذن.
هذا التوصيف، الذي حمل في طياته تبرئة ضمنية للقاتل، يُعدّ سقوطًا أخلاقيًا ومهنيًا فاضحًا في أداء وسيلة إعلام من المفترض أنها تمثّل الدولة ومصالح المواطنين. فبدلاً من إدانة القتل وتقديم المعلومات الدقيقة، خرج التقرير ليقلل من فداحة الجريمة ويبرر إطلاق النار وكأن الطفل كان هدفًا مشروعًا.
الانحياز الصارخ في التغطية ليس تفصيلاً عابرًا، بل جزء من أزمة أعمق يعيشها الإعلام الرسمي، الذي يغيب تمامًا عن قضايا أبناء الجزيرة والرقة، ويظهر فقط حين يحتاج إلى نفي أو تبرير، لا حين تُزهق الأرواح ظلماً.
أما الصمت العام من المؤسسات الأخرى، سواء العشائرية أو المدنية، فلا يقل خطورة. إذ لم تُصدر أي جهة محلية أو وطنية بيانًا يدين ما جرى أو يطالب بمحاسبة الفاعلين، ما يطرح أسئلة جدية حول قيمة الدم في هذه المناطق، ومن يحمي أبناءها حين تُنتهك حقوقهم بهذا الشكل العلني.
إن هذه الجريمة، الموثقة والواضحة، تتطلب موقفًا رسميًا واضحًا من الحكومة السورية، لا تبريرًا، ولا صمتًا، ولا تغطيات مخففة. فالطفل الذي قُتل اليوم كان مواطنًا سوريًا أعزل، لا يجوز أن تتحول قضيته إلى هامش إخباري أو رواية مشوشة تمر مرور الكرام.
الحقيقة اليوم أن القاتل معروف، وأن الضحية طفل بريء، وأن من برّر القتل شريك في الجريمة. والمسؤولية الأخلاقية والسياسية والإعلامية واضحة.
أحمد سليمان