أحمد سليمانتقارير حقوقيةمنظمة نشطاء الرأي

تقرير حول استمرار العمل بمذكرات الملاحقة الأمنية بحق المعارضين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد

 كتب أحمد سليمان: مع تشكيل الحكومة السورية الجديدة وسقوط النظام السابق، اتخذت السلطات الجديدة خطوات جديرة بالاهتمام في ما يتعلق بإلغاء عدد كبير من القرارات والسياسات الاقتصادية الجائرة التي فرضها نظام بشار الأسد. غير أن هذا التوجه الإصلاحي لم ينسحب – حتى تاريخه – على القرارات والمذكرات الأمنية التي طالت آلاف المعارضين السوريين في الداخل والخارج، والتي كانت في معظمها صادرة لأسباب سياسية لا علاقة لها بالقانون أو القضاء.

الوقائع:

رصد عدد من المعارضين السوريين، ممن حاولوا العودة إلى سوريا بعد تغيير السلطة، استمرار ورود أسمائهم في قوائم الاعتقال والملاحقة، وواجه بعضهم بالفعل صعوبات أمنية مباشرة عند المعابر والمطارات. كما تبيّن أن أجهزة الأمن ما زالت تتعامل مع هذه المذكرات كما لو أنها صالحة المفعول ولم يتم مراجعتها، في حين تُرك المتضررون دون أي ضمانات قانونية أو مؤسساتية.

الإشكالية القانونية والحقوقية:

إن استمرار العمل بهذه المذكرات يثير تساؤلات جدّية حول مدى التزام الحكومة السورية الجديدة بمبادئ العدالة الانتقالية والإصلاح المؤسسي، ويُعد خرقاً لحق المواطنين في الأمان الشخصي وحرية التنقل، كما أنه يُبقي على أدوات القمع السياسي الفاعلة ضمن مؤسسات الدولة، مما يقوّض ثقة المواطنين والمهجرين بجدّية التغيير الحاصل.

أسئلة قانونية ملحة:

1. ما هو السند القانوني الذي تستند إليه الحكومة السورية الجديدة في الإبقاء على مذكرات التوقيف الأمنية الصادرة عن النظام السابق، رغم الطابع السياسي لغالبها؟

2. هل جرى تشكيل لجنة قانونية مستقلة لمراجعة كافة ملفات الملاحقة الأمنية المرتبطة بالمعارضة السياسية السلمية؟ وإن لم يتم ذلك، فما هي الأسباب؟

3. هل تُصنَّف هذه المذكرات ضمن ما يُعرف بـ “القرارات غير المشروعة” والتي يجب أن تُلغى حكماً بعد انهيار النظام الذي أصدرها؟

4. ما هو موقف الحكومة من الضباط والموظفين الذين تورطوا في إصدار أو تنفيذ هذه القرارات؟ وهل توجد آلية واضحة للمحاسبة؟

5. هل يُعتبر الاستمرار في تفعيل هذه المذكرات انتهاكاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل حرية الرأي والتنقل والمحاكمة العادلة؟

التوصيات:
1. إصدار قرار رسمي وفوري بتجميد كافة مذكرات الملاحقة الأمنية الصادرة قبل تاريخ سقوط النظام.

2. تشكيل لجنة قضائية مستقلة لمراجعة هذه القرارات، بمشاركة قضاة نزيهين وممثلين عن منظمات حقوق الإنسان.

3. توفير ضمانات قانونية واضحة لعودة المعارضين إلى سوريا دون خوف من الملاحقة أو الاحتجاز التعسفي.

4. الإعلان بشفافية عن إجراءات المحاسبة الداخلية داخل أجهزة الأمن.

5. إدراج هذه القضية ضمن أولويات عمل لجنة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.

اشارة أخيرة:

لا يمكن بناء دولة القانون والمؤسسات دون مراجعة شاملة للإرث القمعي الذي خلّفه نظام الأسد، وفي مقدمته قرارات الملاحقة الأمنية بحق معارضيه. إن تجاهل هذا الملف يمثّل خطراً حقيقياً على مسار الانتقال السياسي ويشكّك في مصداقية النظام الجديد أمام شعبه وأمام المجتمع الدولي.

أحمد سليمان

صادر عن نشطاء الرأي 

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق