زملاء

فرح الريس / صديقتي …. طل الملوحي

كنت فتاةَ عادية،جد عادية،لم أكن أحلم إلا بوطن يضمني بين ذراعيه،بوطن يحتضن عروبتي ،شبابي،كهولتي.
لم أكن أتميز عن غيري بشيء يذكر،سوا أنني …أقرأ كتاب القراءة كله فور استلامه
كنت أوسعه ضماَ وشماَ،تعشقت الحرف أوائل الطفولة ،فأغرتني قصائد العروبة بزيها الفضفاض،بكل تلك الشعارات اللامعة،وكنت فتاة تستهويها الأنوار البراقة.
لم أكن مشاكسة،ولكنني فضولية،لم أكن أنتمي الى أي حزب أو تيار سياسي،كنت فقط أحب عروبتي،وحلمت ذات عشاء بلم الشمل الشتيت بعدما…….ظننا كل الظن أن لاتلاقيا.
لم أكن أنوي التخابر ولا التخاطر مع الجن،ولم تكن لي تلك الأيدي المستطيلة عرضاَ ،وسجنوني………………..بين البشر اختطفوني،على مرأى البشر سحبت كما الشاة،يارب الكون النصر عندي هم نالوه،بنت كلب عميلة،جاسوسة ،وضحكت أفواههم بالطفلة الخائنة،أنا أكتب فقط،ويالها من جريمة.
كنت في ملابسي الصيفية حينما اعتقلت،وليتك ياشتاء أخبرتني بأنك ستحتاجين لمعطف البرد،فخريف العمر عندهم قابع،والشتاء ماكث عليك صغيرتي،ستعيشين الخريف تلو الشتاء عندهم.
في زنزانتي الفردية أعيش،ولارفقاء لي ،سوا صفير الجدران،وضحكة عاهر سجان،ويصرخ بي جلادي:بنت الكلب……….ياجاسوسة اليهود،أتطاولت ياكلبة على سيادة الرئيس؟
أنا؟؟؟؟؟؟ومتى تجسس الفجر على عهد الليل الطويل،ومتى حار الزهر بظله تحت سيوف النخيل؟.
بكيت ألفاَ ونامت الدموع غرقى بي،تسحبني…….أسحبها،تلطمني وألطمها،أخادع وحدتي بشجارات افتعلها قهراَ،وأغري السمع بأنيني ،أن ياسمعي مازال عندي حنجرة،أوري جسدي بملابسي التي مازلت عليها،لاهي تخلعني من كسلـ،ولا أنا بقادرة على الرحيل عنها من خجل.
خجلة منك ياأمي،لكم شعرت بأنفاسك المرهقة خلف جداري هذا،وانت تتوسلين،وتقبلين القدم تلو اليد،أن اعطوا ابنتي هذه الملابس رحماكم،لكم صرخت بك ارحلي من هنا،والبسي عني روحي،وطيري،ابتعدي عن اوكار الظلام ،عن ابنتك هذه ابتعدي،أرجوك …..أرجوك ياأمي ان لاتأتي الي بعد الآن،ولا تحضري لي ثياباَ لن ألبسها،وحوائجاَ لم أعد بحاجة اليها،فأنا كفتني الجدران ربع همي ،وغطى الباقي جسدي بستار من سواد.
لاتسألين بعد يومك هذا عني،سيضحكون عليك،ويرمونك من وكر الى وكر،ارحلي……وفري مشقة السفر ،لن تنالي منهم الا وعداَ بعودة…….وقد تطول العودة،ولااطلب منك الا شيئاَ واحداَ،أن تعلمي من بعدي ياامي حقيقة واحدة،وهي ان لاتأتمنن الوغد بكسرة عز.
وأنت ابتي،لاتبكين عينك ،فلم يأكل من هذا الجسد الا هذه الأصفاد،وماتبقى مني ميت لم يعد مني،والشرف الرفيع ياابي لايناله العاهر،لايناله العاهر،كتبت اليكم من زنزانتي الفردية،كنت اود ان اكلمكم بعض الشيء وأسامر.
(شاعرة دمشقية)
مهداة الى طل الملوحي التي تقبع في عزلتها .
فرح الريس عضو حركة شباب سورية المستقبل ..

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق