زملاء

غسان ياسين : حين يسأل الجميع الثورة إلى أين؟!

 

سؤال تبدوا الإجابة عليه ضرباً من ضروب الخيال ..للوهلة الأولى ستجد ان البعض لم يكن يتصور ان الثورة ستصل الى هذه المحطة ,احراق المدن والبلدات مذابح جماعية بالسكاكين تارة او بالبراميل المتفجرة تارة أخرى ,لكن اذا عدنا الى اسباب اندلاع الثورة سنجد الاجابة حينها.

كسوريين نعلم جيداً تركيبة هذا النظام القائمة على تسلط واضح لأجهزة الأمن وغياب تام لكل مؤسسات الدولة الأخرى اي ان النظام احتكر سورية وسيطر عليها بقبضة حديدية حتى بلغت الصفاقة به ان يسميها سورية الأسد مع بداية التسعينيات, لذا كنا ندرك جيدا تبعات تمردنا على هذا النظام وأن طريقنا طويل ودامي.. أذكر جملة قالها لي رئيس قسم التحقيق في الأمن السياسي في دمشق “فرع الفيحاء” ضمن محادثة طويلة بيننا (لاتحلم انو نتركلكون ياها واذااضطرينا نتركها مارح نتركها إلا خرابة) جملة تتماشى تماما مع شعار وجدته أمامي مكتوباً في كل الشوارع بعد خروجي في شهر تشرين الثاني من العام الماضي”الأسد او نحرق البلد” ولأننا امام عصابة حاكمة تسمى جزافاً”نظام” نعرف جيدا ماينتظرنا من إجرام .

الثورة انطلقت لبناء دولة ديمقراطية مدنية تحترم فيها حرية الفكر والمعتقد والدين ويتساوى فيها كل المواطنين على اختلاف اعراقهم وانتماءاتهم ..ولكي نبدا ببناء دولتنا الجديدة وجب علينا التخلص من هذه العصابة الحاكمة بكل الوسائل الممكنة ,بدأنا ثورتنا بشكل سلمي مدني بشكل غير مسبوق بتاريخ الثورات إذ لم يسبق لشعب كان يقتل على الهواء مباشرة وهو ينادي سلمية.. سلمية, ولعل لافتة رفعت في مدينة دوما بريف دمشق كتب فيها على ما أذكر “ولئن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي لأقتلك” تختصر توجه الثوار حينها إلى عدم الانجرار لعنف يريده النظام أن يحدث لانه يدرك تفوقه العسكري في حال نشوب حرب محتملة بينه وبين شعبه الأعزل.حسناً.. كانت الحرب إذا بيننا وبينه حرب غير متكافئة عسكرياً هو لديه طائرات ومدرعات ومستودعات ذخيرة جاهزة لتسد اي نقص ونحن لا نملك الا القليل من اسلحة خفيفة والكثير من وعود وتصريحات عربية وغربية أطلقها مسؤولون كثر ومنذ عدة شهور وقالوا إنهم سيدعمون الثوار بكل انواع الاسلحة لمواجهة النظام..لكن ضجيج تصريحاتهم لن يغفل حقيقة انهم لايريدون لهذه الحرب ان تنتهي ..الكل مرتاح لمعادلة قائمة على الأرض “لا غالب ولا مغلوب” اي ان النظام لن يستطيع قمع الثورة مهما فعل والثوار لن يهزموا النظام عسكرياً بأسلحتهم الخفيفة.. دول الغرب تريد إضعاف سورية لمصلحة إسرائيل، وبعض الدول العربية تريد تشويه صورة الربيع العربي ويحلمون بدفنه في سورية.لا خيار أمامنا إذاً الا الاستمرار ومواصلة كفاحنا بشتى الوسائل.. ولأن لا حل سياسي يلوح بالأفق وجب علينا الاستمرار في هذه الحرب المفروضة علينا .. ولعل ما قاله الكاتب السوري ياسين الحاج صالح في مقاله بعنوان ” إما سياسة بين سياسيين وإما حرب بين متحاربين” تختصر الكثير من الحديث عن مبادرات سياسية سابقة تم إفشالها من قبل النظام ومبادرات لاحقة أيضا ستواجه نفس المصير!
أخيراً .. ولأنها ثورة لبناء دولة، فهي تحتاج لخطوات كثيرة وشاقة، وأولى خطواتها إسقاط هذا النظام من بعدها سنجد الإجابة عن هذا السؤال الثورة الي أين.. الى سورية الحلم.

أورينت نت

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق