زملاء

بسام درويش: جحش تكريت وجحش الكوف

في سنة 1960، عندما كانت العلاقات بين الجمهورية العربية المتحدة (والتي فرط عقدها) والمملكة الأردنية الهاشمية تمر بأسوأ مراحلها، ألقى جمال عبد الناصر آنذاك خطبة ضمّنها نكتة يستهزئ بها من الملك حسين، قال: “فكّرنا الملك حسين بحكاية قديمة كلنا يمكن نعرفها.. كان فيه واحد زمان اسمه علي الجحش. كان علي الجحش دا موجود فى بلد، وكان بيجد الناس بتبص له وتسخر منه، ويسخروا من اسمه، قال لهم والله أنا رايح أغير اسمي، فرحوا له؛ زي ما فرحنا للملك حسين، وراح غير اسمه ورجع، قالوا له غيرت اسمك؟ قال لهم آه غيرت اسمي، قالوا له غيرته بإيه؟ قال لهم غيرته بحسن الجحش…!
نفس الحكاية هي هي، الملك حسين فى سنة 56 قال لنا إيه؟ قال لنا إن أنا بقيت وطني، فرحنا.. فرحنا إنه غير الخط اللى سار فيه، واللى سار فيه أجداده، ورجع بصينا لقيناه فى سنة 57 حسن الحجش زيّ ما كان علي الجحش، نفس الحكاية ونفس الطريق. احنا كشعب يمكن شعب بيضحك، شعب طيب، ولكن ما ينضحكش عليه، الشعب اللى بيضحك والشعب اللى بيفهم والشعب الطيب لن يمكن للاستعمار بأيّ حال من الأحوال إنه يضحك عليه، بيغير اسمه من حسن الجحش لعلي الجحش بنفهم أولاً وأخيراً إيه الهدف، الهدف؛ هو خداع الشعب العربي، والشعب العربي لن يخدع بأى جحش من جحوش الاستعمار.”

************

اليوم، تذكرتُ نكتة عبد الناصر تلك وأنا أقرا خبر تصويت البرلمان العراقي على إقرار علمٍ جديد للبلاد بعد تغيير “دلالاته ورموزه”.

العلم العراقي السابق الذي أقرّه الانقلابيون البعثيون، كان يتضمن ثلاثة مستطيلات متوازية ملونة بالأحمر والأبيض والأسود، تتوسّط الجزء الأبيض منه ثلاث نجوم خضراء.

وخلال الحرب التي شنتها أميركا على العراق لتحرير الكويت، قرر صدام إضافة عبارة “الله أكبر” بخط يده إلى جانب النجوم الثلاث، وكانت غايته، وهو السكير العربيد، استثارة حميّة الناس الدينية، ـ كما هي العادة دائماً في بلاد العرب ـ لجعل الحرب تبدو وكأنها حرباً غربية ضد المسلمين.
وبعد دخول القوات الأميريكية وتحرير العراق من حكم الطاغية، جرت محاولة لتبديل العلم بآخرَ جديد صممه فنّان عراقي، لكن المحاولة باءت بالفشل نتيجة اعتراضات جهات كثيرة ولأسباب متعددة. وأخيراً، توصل البرلمان العراقي اليوم إلى اعتماد علمٍ جديد مؤقتٍ لمدة سنة واحدة ـ على الأقلّ ـ على أمل أن يجري خلالها الاتفاق على علمٍ نهائي للبلاد. أما التعديل الذي أقرّه البرلمان على العلم، فإليكم تفاصيله:

إسقاط النجوم الثلاث وتغيير عبارة “الله أكبر” من خطّ صدام إلى “الخط الكوفيّ”!

ترى هل ما قام به البرلمان يختلف كثيراً عما قام به عليّ الجحش بتبديله اسمه إلى حسين الجحش (مع بالغ احترامي للراحل الملك حسين) أم أنّ جحش الكوفة يختلف عن جحش تكريت…؟

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق