د. وفاء سلطان : الإرهابيون لايعرفون كيف يتزلّجون على سطح الماء!! (الشيخ محمّد وظاهرة اللسان الداشر..2)
الدكتور أحمد بغدادي رجل مسلم كويتي واستاذ جامعي ومفكر كبير، سبق بأفكاره النيّرة وكتاباته التي تتناقلها الصحف والمواقع الإلكترونيّة، سبق زمانه ومكانه، كتب مؤخرا يقول: نحن الذين شوهّنا الإسلام! رغم اعجابي الشديد بهذا الرجل المسلم الكبير، صعقت عندما قرأت له تلك العبارة، لأنني اؤمن حقّ الإيمان بخطأ مضمونها وفحواها، وبالظلم الذي يقع على المسلمين أنفسهم من جرّاء الإيمان بها! نحن المسلمون لم نشوّه الإسلام، بل هو الذي شوّهنا! عندما تتلو على طفل لم يتجاوز بعد سنواته الأولى الآية التي تقول: أن يُقتلوا أو يُصلبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ..”(المائدة33) تكون قد خطوت الخطوة الأولى في صناعة إرهابيّ كبير! أنا كطبيبة ملمّة بعلم النفس والسلوك، اؤمن بأنّ أيّ رجل مسلم في العالم عاجز أن يشوّه هذه الآية أكثر مما هي مشوّهة! هي نفسها التي ساهمت في تشويه هذا الرجل!
قد لايكون مطلوبا من الدكتور بغدادي أن يكون طبيبا ملمّا بعلم النفس والسلوك، ولكنه ملزم أن يقرأ مايكتبه هؤلاء الأطباء! أيّة جريمة في الأرض تستحقّ هذا العقاب؟!! أيّة جريمة في الأرض تستحقّ أن تقطع رجل مرتكبها ويده من خلاف؟!! هل هي العدالة السماويّة التي تأمر بهذا العقاب؟!! في تلك الحالة، لاأعتقد إنّ مرتكب الجريمة أشدّ ارهابا من منفّذ العقاب!! هذه الآية هي التي شوّهت محمّد عطا وصنعت منه ارهابيا، وليس هو الذي شوّهها وأساء فهمها وفحواها!!
عندما فجّرت مجموعة ارهابيّة في اندونيسيا ناديا يؤمّه السيّاح من جميع أنحاء العالم، راح ضحيّتهم شاب أمريكي من منطقة هانتنتون بيتش في جنوب كاليفورنيا. هذا الشاب يهوى التزلج على سطح الماء، وهو بارع في أداء تلك الرياضة. في حفل تأبينه، علقّ أصدقاؤه على باب بيته لائحة كبيرة تقول:
Terrorists do not know how to surf أي: الإرهابيون لايعرفون كيف يتزلّجون على سطح الماء!!
حلمي الوحيد أن يتعلم أطفال المسلمون كيف يتزلّجوا على سطح الماء، بدلا من أن يتعلّموا كيف يقطعون الأرجل والأيدي من خلاف!! عندها لن يكون هناك محمّد عطا آخر أو زرقاوي أو أسامة بن لادن، وسيتوجه قرّاء الشيخ محمّد بمنشوره إلى أقرب برميل لرمي الأوساخ!
مزّقوا كتبكم، اهدموا كلّ بيت للعبادة في بلادي، إنّ الله يُعبدُ بالتزلج فوق سطح الماء!
كنت وأطفالي يوما نراقب برنامجا تلفزيونيّا، استضاف مقدّم البرنامج مجموعتين من الناس. إحداهن من البيض والأخرى من السود، وكان الخلاف بينهما على أشدّه. نظرت امرأة بيضاء إلى مقدّم البرنامج وقالت: عندما أعرف أنّ هناك رجلا أسود في الجنّة سأسأل الله أن يأخذني إلى النار. التفتت ابنتي نجلاء، وكانت يومها في الخامسة من عمرها، وقالت: هذه المرأة غبيّة ياأماه! قلت في محاولة لقراءة أفكار نجلاء الصغيرة: ولماذا؟!
ـ هي تعرف أنّ مارتن لوثر كينغ في الجنّة، ولذلك حكما ستكون في النار!
ـ ومن هو مارتن لوثر كينغ يا نجلاء؟
ـ هو محرر السود، الذي رفض العنف، وانتصر لقضيّة شعبه بالسلام!
كنت أروي تلك القصّة مرّة لبعض الأصدقاء، ثار أحدهم وقال: لقد فشلت ياسيّدتي في تربيتك لابنتك فشلا ذريعا!
ـ وكيف؟!
ـ في هذا العمر، يجب أن تكون ابنتك، على علم بأنّ مارتن لوثر كينغ والسيّدة البيضاء كلاهما في النار!
ـ لماذا؟!
ـ لأنهما لم يعتنقا الإسلام!
ـ احتفظ ياسيّدي لنفسك باسلوب تربيّتك، ودعني أعلّم ابنتي كيف تتزلّج على سطح الماء!
سُئلت مرّة السيّدة سميث: من هو مثلك الأعلى؟ فردّت على الفور: السيّدة اندرسون!
ـ من هي السيّدة اندرسون؟ وكيف تعرّفتي عليها؟
ـ لاأعرفها، ولم ألتق بها على الإطلاق! كان ذلك منذ عشرين عاما، كنت يومها في السنة الدراسيّة الأولى لي كمعلمة للصف الأول الإبتدائي، وكنت غرّة قليلة الخبرة في هذا المجال. انتقل إلى صفّي طفل في منتصف العام، تبدو عليه علامات الشقاوة وقلّة الإنضباط. اقترب على الفور من طاولتي، وقف بمحاذاتي ثمّ همس في أذني: أحمل اليك رسالة مهمّة أرسلتها معلمتي السابقة السيّدة اندرسون! مددت يدي باتجاه جيبه، وقلت: اعطني اياها! تابع ببراءة طفوليّة: هي ليست مكتوبة على الورق، لقد وضعتها داخل رأسي!
ـ قلها لي!
ـ أنت معلمة محظوظة جدا لأنني انتقلت الى صفك! أدركت لتوي الدرس الذي تودّ السيّدة اندرسون أن تعلّمني إياه، عانقته وضممته إلى صدري وأنا أردّد: أعرف.. أعرف أننّي معلمة محظوظة!
وتتابع السيّدة سميث: بذل الطفل مايكل جهدا كبيرا وملحوظا حتّى نهاية ذلك العام، كي يضبط تصرّفاته ويثبت أنّني معلمة محظوظة جدا جدا!
وعلى غرار السيّدة سميث، قام خليفتنا الراشد والعادل عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه وأطال عمره، فهو مازال يعيش داخل عباءة كلّ رجل مسلم، قام بضرب طفله بالدرّة حتّى أبكاه. سألته حفصة: ولماذا ضربته؟ فأجاب: وجدّته معتّزا بنفسه فكسرتها فيه!
أعرفتم الآن لماذا يحاول سماحة الشيخ محمّد أن يكسر درّته فوق رأسي؟! هو يحاول أن يكون خير خلف لخير سلف! رضي الله عن السلف والخلف، وأمدّ عمريهما، كي لا يتركا مسلما معتزا بنفسه إلاّ ويكسرانها فيه!! من كان مكسورا لايقبل أن يرى غيره معافىً سليما!
الطفل مايكل هو نتاج السيّدة سميث، ولذلك خرج إلى الحياة يعرف كيف يتزلّج على سطح الماء، والشيخ محمّد من نتاج أمير المؤمنين، ولذلك خرج إلى الحياة مكسورا، ويعرف كيف يكسر الآخرين!
قال مرّة أحد المسؤولين الأمريكيّين:
It is a big mistake to believe Uncle Sam’s book is open and yours is closed
إنّه من الخطأ بمكان أن تعتقد إنّ كتاب العم سام مفتوح وكتابك مغلق!
لقد كان العمّ سام مغرورا، غبيّا جدا، جاهلا وأميّا حتّى تاريخ الحادي عشر من أيلول عام 2001. سمح لغيره أن يستبيح كتبه، ولم يقرأ حرفا في كتب هذا الغير! دفع ثمن غلطته باهظا جدا. توجّه في صبيحة اليوم الأول لوقوع المجزرة إلى مدارسهم، وبدأ لأول مرّة في تاريخه، يتعلّم كيف يفكّ حروفهم!
حتّى تاريخ تلك اللحظة الحاسمة، ليس في تاريخه فحسب، بل في تاريخ العالم كلّه، كان يؤمن بالمثل القائل: كي تربّي طفلا تحتاج إلى قرية، وفي اللحظة التي تلتها كتب سطرا آخر: ولكي تحوّل هذا الطفل إلى غول تحتاج إلى أمّة توعظ في الليل والنهار” حيّ إلى الجهاد.. حيّ إلى القتال!”.
روى لي طبيب مصري: أنّ باحثة أمريكيّة مختصّة في علم النفس والسلوك، قد سافرت إلى مصر في نطاق جولة حول العالم، تدرس من خلالها مستوى الذكاء الفطري عند الطفل، وتأثير البيئة على هذا المستوى. تعاون معها الطبيب المذكور أثناء بحوثها، وبعد عودتها أرسلت له تقريرا مفصلا عن نتائج دراستها. جاء في التقرير: إنّ الذكاء الفطري عند الطفل المصري أعلى من مستواه لدى جميع الأطفال الآخرين الذين شملتهم بحوثها، ولكنّ البيئة المصريّة هي من أكثر البيئات تخريبا لهذا الذكاء وأشدّها تدميرا!
طالما يتربّى هذا الطفل في حضن سماحة الشيخ الشعراوي، هل يعقل أنّ تبقى خليّة واحدة حيّة في دماغه!
كنت أصغي مرّة إليه وهو يحاضر في موضوع عن عظمة الخالق وقدراته، داعما أقواله بآيات من القرآن. يميل أثناء حديثه ذات اليمين وذات اليسار، ملوّحا بيده في الهواء، متلاعبا بتعابير وجهه بطريقة تمثيليّة مثيرة للدهشة!
يقول الله في كتابه العزيز ” ويسألونك عن الجبالِ فقل ينسفها ربّي نسفاً “!.. لقد أبدع سماحته في تفسير تلك الآية! سبحانه وتعالى تتجلّى دوما عظمته في قدرته على النسف!! لم يستطع الظواهري أن يثبت عظمته ببناء برج، لكنه أثبتها بنسفه لهذا البرج!! لقد أبدع شيخه في تلقينه هذا الدرس!
يعتقد بعض العلماء إنّ النزعة التخريبيّة عند الانسان قد تكون غريزة موروثة في جيناته، فلقد لاحظوا إنّ الطفل قادر في سن مبكرة جدا، وتحديدا حوالي الشهر السادس من عمره، على أن يضرب بيده عمودا من القطع البلاستكيّة المصطّفة فوق بعضها البعض. يبدو قادرا على فعل ذلك قبل أن يرى أيّ انسان آخر يفعله، وتبدو عليه علامات الدهشة والإستمتاع أثناء سقوطها. بينما قدرة هذا الطفل على رصفها فوق بعضها البعض لايمكن أن تتبلور قبل العام الثالث من عمره، وهي عادة قدرة مكتسبة، يتعلّمها بمراقبة غيره يفعل ذلك. من خلال هذا السيناريو الطبيعي البيولوجي ـ إن صحّ التعبير ـ يبرز دور التربية بوضوح.
الانسان لايولد في أحسن تقويم، بل عمليّة تربيته هي التي تلعب دورا في تقويمه. وقد يكون للطبيعة حكمتها من ذلك، فهي تزوده بغرائز تساعده على البقاء حيّا في سنوات حياته الأولى ـ من يدري، قد تكون الغريزة التخريبيّة عنده الوسيلة الوحيدة التي تمكّنه من شق الأغشية الجنينيّة التي كانت تغلّفه في رحم أمّه والخروج إلى الحياة؟! ولكن مع تقدّم العمر يزداد دماغه نموا، وتزداد بالتالي قدرته على اكتساب مهارات جديدة، تقوم تلك المهارات بتهذيب غرائزه، بل بالحلول مكانها في كثير من الأحيان!
من أين يكتسب الطفل مهاراته؟ يكتسبها من الطاقم التربوي المحيط به، يكتسبها من الشيخ الشعراوي ومن أقواله وحركاته وآياته!! في أغلب الأحيان تكون عمليّة الاكتساب هذه، عمليّة ايحائية تتم بطريقة غير ملحوظة وليست مرئيّة. هل يستطيع أحد فينا أن يرى بالعين المجرّدة، كيف تمتص قطعة من الاسفنج الماء عندما تسقط في البحر؟ هل يعرف أحد فينا كيف يتحول كأس من الماء إلى اللون الأزرق عندما تقع فيه نقطة من الحبر؟ الشيخ الشعراوي ـ كي لاأظلمه ـ لم يأمر الظواهري علنا بالذهاب إلى برج التجارة العالمي ونسفه، لكنّ أمره بالإيحاء عندما أقنعه إنّ الطريقة المثلى التي يظهر الخالق بها عظمته، هي في إظهار قدرته على النسف!!
تصوّروا طفلا يسير مع والده، يدفعه فضوله الطفولي الى السؤال: بابا من هو الله؟ ويردّ الوالد: انظر الى هذه الجبال، كم تبدو ضخمة وقويّة! إنّ الله هو الخالق الذي يستطيع نسفها نسفا! هل تستطيع الآن أن تتصور يابنيّ! عظمة الله؟!
هل يستطيع أحد فينا أن يتصوّر الرسالة التربويّة التي سلّمها الوالد الى ولده من جرّاء هذا المثال؟! طبعا!! إنّها باختصار: كي تكون عظيما عليك أن تكون عنيفا! والعنف يكمن في القدرة على النسف، لافي القدرة على البناء!
تعالوا نتصوّر جوابا بطريقة أخرى: انظر يابنيّ الى هذه الأزهار الجميلة، الى هذه الجبال الشاهقة، الى هذه الروابي الخضراء، الى هذه الأشجار المثمرة، الى هذه الفراشات المزركشة، الى هذه الأنهارالهادرة، الى هذه الأمطار الغزيرة، إنّ الله هو الخالق الذي أبدعها! إنّ الله ـ يابنيّ ـ جميل ويحب الجمال، لقد خلق الكون على شاكلته!
هل تتصورون الطفل الذي يتلقى هذا الجواب، سينسف يوما برجا أو يفجّر نفسه داخل حافلة للركاب؟!!
نشرت إحدى الصحف الصادرة هنا باللغة العربيّة خبرا مفاده: أقام مسجد في جنوب كاليفورنيا دورة تعليمية ضمت مجموعة من الطلاب المسلمين، كان موضوعها “السيرة النبوية” وفي نهاية الدورة وزعت الجوائز على المتفوقين من الطلاب.
الفضول وحب المعرفة غرائز تولد مع الإنسان. يقوم النمط التربوي المتبع إمّا بتعزيزها وإمّا بوأدها في مهدها!
عند الإنسان المسلم تولد هذه الغريزة ميتة. فالتربية الإسلامية تفرض على انسانها أن يتشرّب الفكرة بالإستسلام وتمنعه من أن يصل إليها بالإستنتاج، والفكرة التي تفرض بهذه الطريقة تبقى هشة، لايملك صاحبها أيّة قدرة للدفاع عنها، أو إقناع إنسان آخر من بيئة تربوية أخرى بها.
الطفل المسلم في المجتمع الأمريكي، ومهما كان والداه متشددين، لايمكن أن تقارنه بطفل يتربى ويعيش في بيئة اسلامية أخرى. يتشرّب هذا الطفل، كغيره من الأطفال، حب السؤال والإستفسار ويميل إلى رفض كل فكرة لاتتناسب مع أخلاقية وآداب البيئة التي يعيش فيها. قد تكون درجة هذا الحبّ عنده أقل منها عند الأطفال الآخرين، إذ ليس بإمكاني أن أنفي تأثير الوالدين، ولكنها أعلى بالتأكيد منها عند قرينه في أي مجتمع إسلامي.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
هل يتقبّل هذا الطفل مايسمعه عن سيرة نبيّه دون أن يسأل عشرة آلاف سؤال، وقبل أن يتلقى جوابا منطقيا، أخلاقيا وعلميا على كلّ من تلك الأسئلة؟!!
لاأشكّ لحظة من أنّ حضرة المعلم الذي تزّعم تلك الدورة، قد عرّج في سياق حديثه عن النبيّ محمّد على ذكر غزواته، وعلى رأسها غزوة الخندق وتابع يقول ـ كما قرأت في إحدى الكتب المختصة بهذا التاريخ المشرّف ـ: لقد انتصر ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الكفار واستولى على أموالهم ونسائهم وأطفالهم فأفاء الله بها عليه!
ولا أشكّ لحظة من أنّ ابن الشيخ محمّد، والذي يبدو أبوه فخورا جدا بتلك القيم والحضارة إلى حد يخاف عليها من وفاء سلطان، لاأشكّ لحظة بأنّ هذا الأبن الذي تشرب من المجتمع الأمريكي، ولو قليلا، حبّ السؤال والإستفسار، عاد إلى والده الشيخ يسأله: كيف يستولي رسول الله على نساء الغير وبأيّ حق يفيئ الله عليه بهن؟
من هو هذا الرسول؟ ومن هو هذا الله؟!
ويتابع حضرة المعلم المبجّل: تزوّج رسول الله فلانة.. ثمّ فلانة.. ثمّ فلانة.. ثم فلانة.. ثمّ تزوّج صفيّة بنت حيي بن اخطب من يهود بني النضير، وكانت زوجة كنانة بن الربيع الذي كان من أسرى يهود خيبر وقتله بن مسلمة بأمر النبي، وكانت من السبايا. فلمّا استعرض النبي السبايا ورأى صفيّة، قام وألقى رداءه عليها ليعلم الجميع انه اصطفاها لنفسه! لقد تزوجها الرسول ـ صلوات الله عليه ـ في نفس اليوم الذي قتل فيه زوجها وأبيها وأخيها.
ويجد الشيخ محمّد نفسه مرّة أخرى، ليس في قفص الإتهام الذي وضعته به وفاء سلطان، وإنّما تحت سيل من الأسئلة التي واجهه بها ابنه الذي تشّرب، ولو قليلا، من أخلاقيّة المجتمع الذي يعيش فيه وتعلم كيف يطرح السؤال: يا أبتي! بأيّ حق يقتل نبيّ الله أحد اسراه ويتزوج امرأته في نفس اليوم الذي قتله فيه؟! يا أبتي بأيّ حق يسبي نبيّ الله النساء؟ وكيف يبيح لنفسه الزواج من تلك النساء؟! يا أبتي كيف يختار نبي الله المرأة التي يريد أن يتزوّجها؟ يا أبتي لقد حاولتم اقناعنا بأنّ النبي تزوج الكثير من النساء كي يساعدنه في نشر الدعوة إلى الإسلام، كيف يعرف أنّ تلك المرأة وبمجرد النظر إلى جسدها الجميل ـ على حدّ وصف أم أنس بنت مالك لها عندما قامت بتزينها له ـ قادرة فكريا ولديها من الملكات العقليّة مايمكّنها من القيام بتلك المهمّة؟!! ياأبتي! هل يعقل أن امرأة تعتنق وتنشر دين رجل قتل زوجها وسباها، ثم اغتصبها في نفس الليلة؟!! ياأبتي! هل هذا هو الإسلام؟ هل هذا هو دين الله؟! يا أبتي اتقوا الله فيما تقولون وتفعلون!!
ويبقى الشيخ محمّد مصرا على تجاهل الجواب، مقتنعا بأنه قادر على ممارسة ـ قيمه وحضارته(!!!!) ـ في أمريكا، كما كان قادرا على ممارستها في الربع الخالي ونجد وعرفات!
وفاء سلطان لم تتهم الإسلام ـ على حدّ ادّعاء الشيخ محمّد ـ بل هو الذي وضع نفسه في قفص الإتهام! وإذا لم يجب هذا الشيخ على تلك الأسئلة حبا وطواعية، سيجبره هذا العالم المتمدن، الذي باع سرواله كي يعيش فيه، سيجبره عاجلا أم آجلا على الإجابة قسرا وكراهية!!
سولانجي رجل هنديّ، قصّته ممتعة للغاية! نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في أحد أعدادها تقريرا مفصلا عنه. يعيش في قرية نائية في أحد جبال الهند، يشتغل عاملا في مركز بريد تلك القرية، ويتقاضى على عمله سبعة دولارات في الشهر كافية لإيوائه واطعامه وعائلته الصغيرة. المركز عبارة عن غرفة واحدة تفتقر، كما تفتقر القرية كلّها، الى الطاقة الكهربائيّة. حرارة الجو في تلك الغرفة تتجاوز الخمسين درجة مئويّة. الناس يحترقون وهم واقفون. مضى على وجود سولانجي في ذلك المركز أكثر من عشر سنوات. يقوم خلال عمله بتحريك مروحة معلّقة في سقف المركز، عن طريق سلك يشدّه وهو يجلس في أحد زوايا الغرفة.
مع التكرار وعلى مرّ الزمان، لم تعد يدّ سولانجي بحاجة إلى أيّ أمر دماغيّ كي تقوم بعملها، فتحولت إلى آلة تتحرك بطريقة تلقائيّة ميكانيكيّة، والدليل أنّ الصحيفة المذكورة كانت قد نشرت صورة لسولانجي وهو يغط في نوم عميق، بينما يده مستمرة في تحريك سلك المروحة!
سئل مرّة المطرب الأمريكي مايكل جاكسون عن بعض الحركات التي يقوم بها، والغير مقبولة اجتماعيّا، فقال: أنا عبد النغم، يحرّكني ولا أحرّكه، يثيرني ولا أملك أيّة مقاومة ضدّه!
المسلمون لايقرأون كتابهم، بل يرتّلونه! هناك فرق كبير بين أن تقرأ وبين أن ترتّل! القراءة عمليّة حيويّة، يتفاعل خلالها العقل مع المادة المقروءة، يفكّر.. يحذف.. يضيف.. يتساءل.. يجيب.. يبدّل.. يغيّر.. يرفض.. يقبل. والترتيل عمليّة منفعلة آليّة يهمد خلالها العقل تحت تأثير النغمة، وليس تحت تأثير الكلمة.
المسلمون يقرأون كتبهم على طريقة سولانجي وهم نائمون، وعلى طريقة مايكل جاكسون وهم مخدّرون! لقد خدّر الشيخ عبد الباسط عبد الصّمد عقل المسلم أكثر بكثير مما ساهمت أمّ كلثوم في تخديره! تحت تأثير صوته الرخيم سقط هذا العقل عاجزا عن كلّ تفاعل.. عن كلّ تساؤل.. عن القيام بأية عمل يثبت وجود أثر للحياة في ذلك العقل!
في الطب حالة تدعى “العين الكسولة”، يصاب بها الإنسان في طفولته المبكّرة، إذ يقوم الطفل باستخدام إحدى عينه وإهمال الأخرى. العين التي تُهمل تكون مبدئيّا سليمة من الناحية التشريحيّة والفزيولوجيّة الوظيفيّة، ولكنّها وبسبب عدم استعمالها تتوقف عن ارسال الحسّ البصري الى الدماغ، فيتوقف هذا الدماغ عن ارساله أوامره بالرؤيّة اليها. مع مرور الأيّام يظنّ الدماغ إنّ العين لم تعد بحاجة اليه، وعند تلك النقطة تنقطع العلاقة تماما بينهما، فتصاب العين بالعمى الذي لاعلاج له.
إذا استطاع الطبيب أن يشخّص الحالة قبل الوصول الى تلك الدرجة، يقوم بتغطية العين السليمة واجبار الطفل على استعمال عينه الكسولة، فيستدرك الدماغ على الفور حاجة تلك العين اليه ويستعيد علاقته بها بالكامل رويدا رويدا. التفسير العلمي لتلك الحالة يفسّر الحالات الأخرى التي يتوقّف فيها الانسان عن التفاعل مع محيطه عبر حواسه وبالتعاون مع دماغه.
الانسان المسلم كالعين العمياء التي احتفظت بسلامة منظرها، لكنهّا فقدت وظيفتها! على مدى خمسة عشر قرنا من الزمن لم يستعمل هذا الانسان دماغه. ظنّ هذا الدماغ أنّه لم يعد لهذا الرجل حاجة به فقطع كلّ اتصالته بحواس هذا الرجل وبالتالي بمحيطه وبيئته. الانسان المسلم يستقبل ولا يرسل.. يجيب ولا يسأل.. يأخذ ولا يعطي.. يقبل ولا يرفض.. يكرر، بلا أدنى تفكير، قال فلان عن فلان عن فلان عن فلان، رضي الله عنهم أجمعين!
في أحد الكتب الدينيّة التي بين يدي عبارة تقول: روت أمّ حفصة عن أبي حفصة ـ رضي الله عنهما وعن ابنتهما حفصة ـ! ولا من عاقل يسأل: من هي أمّ حفصة ومن هو أبو حفصة؟! وما مدى مصداقيتهما في نقل مايروون؟!
لم يعد الرجل المسلم مسؤولا عن أفعاله، لكي نحاكمه يجب أن نحيل أم حفصة وأبي حفصة الى محكمة التاريخ، فهما السلك الذي يحرّكه منذ مئات السنين!
السيّدة حياة مدرّسة لمادة اللغة العربيّة. هي من دمشق، لكنّها عُيّنت في سنوات خدمتها الأولى لتدرّس في مدينة بانياس. كنت يومها في الصف الأوّل الإعدادي. تغيّبت حياة عن المدرسة يوما وعادت في اليوم التالي تشرح أسباب تغيّبها:
ـ ركبت أحد الباصات المتوجّهة من دمشق الى اللاذقيّة على أن أترجل في بانياس المحطّة التي أقصدها. جلست في مقعدي أطقطق بمسبحتي وأسبّح بحمد ربّي، وأصليّ على نبيّه. وصل الباص الى بانياس، صاح معاون السائق: بانياس.. بانياس.. بانياس! تتابع السيّدة حياة: لقد سمعته يصيح، لكننّي لم أعِ مايقول، كنت غارقة في تسابيحي وصلواتي! استأنف الباص سيره حتى وصل الى اللاذقيّة، وفي المحطّة هناك نزل جميع الركّاب، واستمر المعاون في صياحه: اللاذقيّة.. اللاذقيّة آخر محطّة، لم أنتبه لصياحه وبقيت غارقة في تسابيحي وصلواتي! اقترب مني وهزّني من كتفي. انتفضت السيّدة حياة ـ على حدّ تعبيرها ـ كعصفور خرج لتوه من بركة ماء: ولكنني أقصد محطّة بانياس!! ويردّ المعاون: اذن انتظري ثلاث ساعات أخرى لنصحبك في طريق عودتنا الى دمشق!
في جداول السيّدة حياة لاقيمة للوقت، طالما تقضيه في التسبيح بحمده والصلاة على نبيّه!! ألف وخمسمائة عام وهذه الأمّة غارقة في تسابيحها، لاتعرف أيّة محطّة وصلت ولا إلى أيّة محطّة هي ذاهبة! تحلم بالمهدي المنتظر كي يهزّها من كتفها، ويعلن وصولها!
إنّ أمّة تنتظر رجلا واحدا كي ينقذها، هي أمّة لن تعيش، والأكثر من ذلك لاتستحقّ أن تعيش!! كيف نستطيع أن نقنع دماغنا أننا بحاجة إليه، علّه يعيد علاقته بنا؟ كيف نستطيع أن نعيد إلى تلك العين العمياء بصرها؟!!
(للحديث صلة)