زملاء

خولة حسن الحديد : أين المثقف ؟؟ و هل هكذا يفهم الثورة و ما جرى ؟؟

دعتني قناة سكاي نيوز العربية مرتين . للمشاركة في برنامج عن دور المثقفين ( فنانين و أدباء) في المجتمع بالذكرى الثالثة للثورة ، اعتذرت لأني لا أحب الظهور في الإعلام، ولأني أعرف توجهات القناة و غيرها من قنوات . بالأمس صدفة تابعت البرنامج الذي شارك فيه ثلاثة أشخاص . الفنان التشكيلي بسيم الريس الذي أعرفه جيدا ، و محامي من آل الشوفي و شخص ثالث اسمه عدنان العودة ( شاعر و كاتب ) ، ….

الحقيقة عندما تابعت البرنامج .حمدت الله ألف مرة أني لم أخطىء برفض المشاركة . يمكنني و ببساطة أن أقول كانت حلقة مُفجعة حقا ، و كانوا الشباب عجيبين بفصامهم عن الواقع و عدم معرفتهم بقراءته و لا تحليله بأبسط المعاني إلا ” الشوفي ” كان مختلفا قليلا لكنه لم يجرؤ على الكلام إلا بالترميز و كأن القناة قد أوصتهم بذلك، و الأهم الجبن في تسمية الأشياء بمسمياتها . لي لوم و عتب كبير جدا عليهم و خاصة على “بسيم” . و إن كانت هذه فعلا صورة المثقف السوري و هكذا يفهم ما جرى و يجري فذلك لوحده فجيعة كبرى …

أما مآخذي فهي كثيرة وتحتاج مقال طويل . ولكن يمكن أن أشير لعدة نقاط .. أولها لم تذكر كلمة ثورة ولا حتى مرة احدة ..أو ربما مرة بالغلط . كل كلامهم كان عن ” أزمة” كما تسميها السكاي نيوز أو حرب . من حقهم و حق الناس أن تسميها ما تشاء .لكن ألم يكن واجب التوضيح على الأقل أنها بدأت كثورة و لا أعرف هذا الهرب من اسم ” ثورة ” لماذا ؟؟ .. ثانياً كل الحديث عما جرى و يجري لم يشير أحد ولا مرة واحدة إلى النظام الفاشي إلا ” الشوفي” بشكل عابر و مرمز بدون ذكره كاسم واضح . و إنما كان الكلام كله عن طرفين متوحشين يمارسان العنف لأقصى درجة، و ذكرت قضية قطع الرؤوس منهم و من مذيع العربية أكثر من مرة في إشارة إلى عنف المعارضة ، . ولم يجرؤ أحد منهم على ذكر أنها حرب ظالمة شنها النظام على الشعب الثائر ، المُفجع طبعا أكثر من أي شيء هي قصة المصالحة و التي ركّز عليها بسيم و قال أن الآخرين يسخرون منه عندما كان يطرحها من فترة.

لا أحد مننا بالتأكيد يتمنى استمرا العنف للأبد و لا أحد مننا يتمنى استمرار القطيعة بين أبناء الشعب السوري ، لكن هذا الفهم الساذج للقضية كلها و فهم بسيم الساذج جدا و توصيفه لفكرة المصالحة و الله لا يقبل به طفل صغير ..؟؟ و كأننا وحوش و أهلنا وحوش و هو الفنان العظيم الذي يريد السلم و السلام و نحن دعاة السلاح. الذي لم يشير بسيم لا غيره من الموجودين إلى فظاعة استخدام السلاح من قبل النظام ولا استدراجه العالم كله للحرب في سوريا، و المصالحة لا تتم بين نظام سياسي فاشي و فئات كبيرة من المجتمع خرجت ضده .المصالحة تتم بين فئات الشعب، و هذا لن يتم إلا برحيل النظام الفاشي .

ولن يتم إلا بتحقيق العدالة لمن خسروا كل شي . يريد بسيم ممن خسروا كل شي أن يسامحوا الشبيح الذي استباحهم و عفى الله عما مضى . ولا أعرف ما هذا الخوف من طرح فكرة العدالة و المحاسبة . لا أعرف ما هذه السذاجة في قراءة الأمور .و حتى أن الجميع كان يحاول أن يظهر بمظهر البريء الحالم الأكثر إنسانية من هؤلاء السوريين العنيفين .لدرجة صدقا تثير القرف، ؟؟!! .لأنهم بالنهاية قالوا أنهم الآن لن ينجوا من نقد السياسيين و العسكر !! … كان واضحا أن تعليمات معينة أعطيت قبل الحلقة وقد التزم بها الشباب ( المثقفين ) بشكل صارم ، وحتى ما أتت به المحطة من مشاهد لدريد لحام كانت مثيرة لألف شيء يُقال عنه و عن دريد . و لم يعلق أي منهم . بحيث لا يمكن لمتابع غريب أن يفهم أي شيء منهم عن سوريا .سوى أن فئات الشعب السوري تتقاتل و تتصارع و تأكل بعضها .وهيك لله !! … الكلام كثير و أعرف أني أطلت كعادتي … لكن فعلا مُفجع إن كان هذا هو مثقفنا ” الثوري” ..و فعلا مفجع بالنسبة لي فهم بسيم الريس للثورة .. و الجميع أيضا ..وربما تتضح قليل من الصورة لو عرفنا أن جميعهم لم يخسروا لا أخ و لا أم و لا بيت .. و لكن مع ذلك ما هكذا ترد الإبل … و قال نعتب على الناس كيف مو فاهمة قضيتنا … يا حيف !!

باحثة و إعلامية سورية

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق