زملاء

بيان اليسار الثوري المصري وإئتلاف اليسار السوري حول التدخلات الإقليمية في سورية

بيان اليسار الثوري المصري وإئتلاف اليسار السوري

مع تصاعد الثورة واشتداد قوتها، والشعور بتهاوي النظام، ارتفع حجم التدخلات الإقليمية التي تبتغي التأثير في مجرياتها، وهذا الأمر أبرز دور طرفين اثنين يبدوان متناقضين رغم تشاركهما في هدف واحد وهو: استمرار السلطة.
فالسعودية عززت من دور جبهة النصرة التي باتت تمارس السلطة على الشعب في المناطق المحررة، وبصورة تدفع هذا الشعب إلى الكفر بالثورة التي أتت بهؤلاء. و هو الهدف الأساسي من هذه الجبهة، إضافة إلى أنها باتت تخطف من الأقليات وتحاول تفجير صراع طائفي أكثر مما هي معنية بالصراع ضد السلطة. وكذلك ربما يعود إليها كثير من التفجيرات التي قتلت من الشعب، والتي أعلنت هي عنها.
وهنا نلمس التدخل السعودي/ الوهابي الذي يريد إفشال الثورة خشية أن يقود انتصارها إلى نشوب ثورة في السعودية ذاتها، وهي المؤهلة لذلك نتيجة الوضع المعيشي الصعب لجزء كبير من الشعب فيها. كما نتيجة الاستبداد الشديد، الذي يشمل ما هو شخصي وأخلاقي مثل ما يطال ما هو سياسي، تحت سطوة الوهابية التي تعيد إلى القرون الوسطى.
ولقد طالبنا سابقاً، ونطالب بأن يدان هذا الموقف السعودي، وأن يجري النشاط لردع السلفيين عن أن يتوجهوا إلى سورية، إذ أن شعبها ليس بحاجة إلى أبطال يكون دورهم هو إثارة النزعات المذهبية والطائفية والدينية، بالضبط لأن ذلك يخدم السلطة ويضرّ بالثورة التي قامت ضد سلطة مستبدة ناهبة. فالصراع مع السلطة طبقي سياسي وليس صراعاً دينياً. المطلوب إبعاد هذا الخطر، فالهدف من زج هؤلاء بعد أن ظهر عجز السلطة عن الحسم، وبدء تراجعها عن كثير من المدن والمناطق، هو إرباك القوى الشعبية التي بدأ ميزان القوى يميل لمصلحتها بعد عام من الثورة وامتدادها إلى كل مناطق سورية.
وهذا يفرض كشف سياساتها ودورها الطائفي، وحصارها لإبعادها عن الشعب، ومنعها من ممارسة سلطة على أي منطقة، على أمل طردها نهائياً وإدانة الدور السعودي الذي يدعمها من أجل إنقاذ السلطة، أو تخريب الثورة.
لا بد كذلك من ملاحظة تنامي دور بعض الأطراف الداعمة للسلطة، والتي قامت بأدوار مختلفة في السابق، من الخبرات العالية والخبراء، إلى التدريب، إلى المشاركة في مهمات خاصة مثل القناصة، والمشاركة مع الشبيحة في بعض الهجمات. وهي الآن تُظهر دوراً مباشراً في الصراع. فحزب الله بات يعلن مقتل أعداد من أفراده في سورية، وبدأ يشتبك في بعض المناطق المحاذية للحدود اللبنانية حيث يتواجد علناً في قرى في محيط “القصير بحمص”. وإيران أعلنت عن مقتل قائد كبير في الحرس الثوري في دمشق. وكانت هناك تسريبات عن وجود مجموعات من الحرس الثوري في سورية حسب ما أعلن بعض قادة إيران. ويجري الحديث عن أنهم باتوا يحمون القصر الجمهوري، ربما لكي يتفرغ الحرس الجمهوري للقتل والتدمير.
إن هذا الوضوح في الدور يؤكد تهاوي السلطة، وشعور حلفائها أنها باتت عاجزة ليس عن الحسم بل وعن الاستمرار أساساً. ولهذا فهي تحتاج إلى دور لا يمكن إلا أن يكون مكشوفاً. وفي كل حال هذا هو التعبير العملي عن تصريحات القادة الإيرانيين، وإشارتهم إلى ارسال قوات لكي تدافع عن السلطة في دمشق، لأنها تعتبر أن انهيارها هو مقدمة لانهيار السلطة الإيرانية ذاتها.
كل ذلك يفرض التنسيق مع القوى الثورية في إيران من أجل هزيمة السلطة الأصولية التي تحكم بكل عنف، وتنهب ككل المافيات الحاكمة. ويجب كشف كل سياساتها المعادية للمنطقة، والتي تريد فرض أدواتها في السلطة فيها. ودورها في العراق واضح، ولقد كان متناسقاً مع الاحتلال الأميركي. وهي تلعب هناك اللعبة الطائفية التي تكمل سيطرتها. وهي الآن تريد أن تدافع عن سلطتها في دمشق لكي لا تسقط في طهران.
بالتالي إذا كنا نرفض دور جبهة النصرة والتدخل السعودي لأنه يصبّ في خدمة السلطة، ويفتعل مشكلات للثورة، ويؤدي إلى تفكك الشعب، فإننا بلا شك ندين دعم حزب الله وإيران بعد أن بات واضحاً إلى حدّ أنْ لا يستطيع أحد انكاره. فهذا دعم لسلطة مافياوية مجرمة، تدمر سورية من أجل الحفاظ على سلطتها، وكل دعم لها هو اشتراك في الدم الذي تريقه والتدمير الذي تحدثه.
كذلك لا يمكن تجاهل تدخلات الدولة الصهيونية، والغارة الأخيرة التي نفذتها في سوريا، حيث قامت بغارات عدة خلال العقد الأخير دون أن تمارس السلطة حقها الطبيعي في الرد، وهو ما فعلته الآن كذلك.
نحن نعتبر أن ما جرى هو عدوان على سورية وليس عدوان على السلطة، لأن الدولة الصهيونية هي دولة عدوة، وهي تستفيد من حمق السلطة التي باتت تمارس كل أشكال التدمير التي تريدها الدولة الصهيونية ذاتها؛ تدمير الاقتصاد والبنى التحتية والمدن، وتدمير الجيش الذي من المفترض أنه بني لمواجهة هذه الدولة. وهي الآن تدك المدن السورية بالصواريخ التي كانت تعتبر أنها أساس تحقيق “التوازن الإستراتيجي” مع الدولة الصهيونية، بدل أن توجهها إلى الدولة التي اعتدت على الأرض السورية. لكن حرب السلطة ليست على هذه الجبهة، فقد قررت منذ زمن طويل أن “السلام هو الخيار الإستراتيجي لسورية”.
وإذا كانت الدولة الصهيونية قد فضلت بقاء السلطة منذ بداية الثورة، فيبدو أنها تستشعر انهيارها اليوم، لهذا حاولت رصد طرق إمداد حزب الله لكي تمنع وصول أي سلاح جديد له فيما السلطة تتهاوى.
إن كل هذه التدخلات هي من أجل إجهاض الثورة، كما تخدم سياسة التدمير والقتل التي تمارس ضد سورية التاريخ والحضارة، وضد الشعب الذي صنع هذه الحضارة على مدار العصور السابقة.
لكن رغم كل ذلك الثورة تنتصر وستسقط السلطة وستفشل كل التدخلات، وستصل الثورة إلى السعودية وإيران، وكل من يدافع عن الوضع الراهن في البلدان العربية والإقليمية.
وكل من يؤجج الصراعات الطائفية ويريد نشر الأصولية.
سننتصر حتماً
ائتلاف اليسار السوري 24-2-2013

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق