زملاء

تسليح المعارضة.. طريق لجنيف أم لدمشق؟

يرى محللون أن مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” انتقلت من الأقوال إلى الأفعال بشأن تسليح المعارضة السورية. فوزراء خارجية هذه المجموعة لم يتفقوا فقط على التسليح بل أيضا على منح الحرية لكل دولة لتقديم المساعدات بطريقتها الخاصة، واعتماد “قرارات سرية” لتغيير الوضع على الأرض في سوريا.

ورغم “الحديث الدبلوماسي” الذي رافق أروقة اجتماعات الدوحة، إلا أن صحيفة لوفيغارو الفرنسية نقلت عن أحد الدبلوماسيين الغربيين قوله إن هدف الاجتماع “منع نظام دمشق من الاعتقاد بأن انتصاره بات حتميا، مما قد يبعده عن طاولة المفاوضات”. وكشفت الصحيفة أن شحنات السلاح الروسي تصل للنظام كل يومين.

هدف تسليح المعارضة كرره مسؤولون غربيون بينهم وزير الخارجية الأميركية جون كيري والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي تحدث عن أن تحقيق التوازن الميداني يساهم في تحسين فرص الحل السلمي. وكشف الرئيس الفرنسي عن مسعى لمساعدة المعارضة على هيكلة نفسها حتى لا تصل المساعدات العسكرية “للجهات الخطأ”.

النصر لا إعادة التوازن
وقررت خمس دول إرسال أسلحة بشكل عاجل للمعارضة بينها دولة أوروبية بحسب لؤي المقداد المنسق السياسي والإعلامي للجيش الحر، وتابع أنهم لا يبحثون عن إعادة التوازن مع النظام بل عن النصر عليه والإطاحة به.

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن “الإخراج الدبلوماسي لتسليح الثوار لا يعني قيادة الأركان بشيء”، وأوضح أن “ما نريده هو وصول السلاح”، وتحدث عن “خطط عسكرية للبقاء بمواقعنا واستعادة أخرى وإدارة المناطق المحررة والحفاظ عليها”. وأكد أن السلاح الذي وصل إلى الآن قادر على تحسين ظروف المعركة أما السلاح الذي “وعدنا به وفقا للوائح محددة بالنوع والكميات، سيغير المعادلة”.

ورأى أن مجموعة أصدقاء سوريا -وتحديدا واشنطن- تركت الباب مواربا من أجل “جنيف 2″، لكن الجميع يعلم أن النظام لا يفهم إلا لغة القوة، بحسب تعبيره، “وإذا كان تسليح المعارضة بالنسبة لهذه المجموعة طريقا لجنيف2، فهو بالنسبة لنا طريق إلى دمشق”.

وفيما ركز الثوار والعسكريون المعارضون على السلاح، فإن المعارضة السياسية تنظر أيضا إلى المضمون السياسي للمؤتمر، حيث يرى عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض برهان غليون أن الجهد السياسي يوازي التسليح أهمية أو حتى يفوقه، لأن التسليح “سيأتي بمؤتمرات أو من دونها”، أما رسالة المؤتمر بعدم منع وقوع سوريا بيد الروس والإيرانيين وتحولها “لمحافظة إيرانية” فتحتاج إلى مؤتمرات على هذا المستوى، بحسب قوله.

وفي حديث للجزيرة نت، أرجع غليون التغير في موقف واشنطن إلى عدة عوامل: أولها، تيقن أميركا من أن موسكو لا تسيطر على الوضع السوري وأنها غير صادقة في الدعوة إلى “جنيف 2” التي وصفها بأنها تغطية للحسم العسكري على الأرض، وهذا ما ظهر في معركة القصير.

أما السبب الثاني في تغير موقف واشنطن -بحسب غليون- فهو محاولات النظام السوري الحثيثة لاستثمار سيطرته على القصير وتصويره بأنه “نصر تاريخي”، واستكمال هذه السيطرة بالزحف إلى حلب وريفها وباقي المناطق السورية. أما السبب الثالث فهو أن من يريد الحل السلمي لا يدفع باتجاه العسكري، وهذا ما برز من خلال تأييد موسكو لتقدم النظام عبر دعمه بصفقات أسلحة جديدة.

ووصف غليون ما جرى في اجتماع أصدقاء سوريا بأنه رد على التصعيد العسكري للمحور الإيراني الروسي السوري، وذلك لعدم التزام روسيا بالحل السياسي، وخديعة موسكو للأميركيين، وموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التصعيدي في قمة مجموعة الثماني وعدم تطمينه للغرب وحسم أمره من أن الحل في سوريا هو سلمي، على حد وصفه.

واعتبر غليون عدم اعتراف هذه الدول بضرورة التسليح للقضاء على النظام يعود لاستبعادهم خوض معركة ضده وترك المعركة للشعب. وخلص إلى أن هذا جزء من “التخاذل والتردد وضعف الموقف الدولي”.

نكتة ساخرة
هذه القرارات التي اتخذتها مجموعة أصدقاء سوريا وصفها المحلل السياسي اللبناني المقرب من سوريا فيصل عبد الساتر “بالنكتة الساخرة، فكيف تريد (هذه الدول) حلا سلميا وتسلح في الوقت نفسه؟”.

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن المعارضة السورية التي كانت تطالب بإسقاط النظام ورحيل الأسد تدعو اليوم إلى التسليح لتغيير ميزان القوى على الأرض، وتابع أن اجتماع أصدقاء سوريا كان يضم عشرات الدول، والآن أصبحت 11 دولة فقط.

ورغم “الصراخ العالي” لمؤتمر الدوحة -بحسب عبد الساتر- فإن المؤتمر يأتي في إطار سلسلة من التراجعات التي فرضها “السقف السياسي الروسي العالي، وكذب (المشاركين) وما يسمى بالثورة السورية بأن الأسد يسقط خلال أسابيع”. وخلص إلى أن مزيدا من التسليح للمعارضة السورية سيؤدي إلى استمرار سفك الدماء وانهيار البلد وتدمير الدولة.

قرارات سرية
وعلى عكس المؤتمرات السابقة التي كان “الحديث فيها يطغى على الأفعال”، فقد أبرز مؤتمر الدوحة للمرة الأولى إصرار الغرب على التسليح وتغيير موازين القوى على الأرض بحسب الأكاديمي والباحث غسان شبانة.

وتابع في حديث للجزيرة نت أن بوتين في قمة الثماني “اغتر بنفسه وتمرد على الغرب”، ولأن الدول الغربية لا تريد الدخول في صراع مباشر مع موسكو، فقد قرر الغرب تسليح الثوار على الأرض لتغيير المعادلات الميدانية.

ولفت شبانة إلى أن رئيس هيئة الأركان سليم إدريس بات الوجه الأبرز والحقيقي للمعارضة السورية ورقما صعبا في المعادلة بعد “ثقة واشنطن والغرب فيه”، أما بالنسبة للائتلاف فإنه لم “يُهمش” برأيه ولكن دوره السياسي يأتي في المرحلة المقبلة والكلمة الآن هي للميدان والعسكر.

وأوضح أن “القرارات السرية” التي تحدث عنها رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم تتعلق بنوعية الأسلحة التي ستدخل لسوريا وكميتها وهوية المستلم، وبما أن السعودية وقطر لا تعتبران اللواء إدريس الوجه الحقيقي للثورة -لأن البلدين لديهما رجال على الأرض بحسب وصفه- فإن الاجتماع الذي لم يحضره أي ممثل للمعارضة، “أبقى على هذه القرارات سرية، لأن التسليح يذهب لإدريس وجهات مقبولة لدى القطريين والسعوديين وحتى الأميركيين”.

المصدر:الجزيرة

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق