زملاء

لمى شماس : بين العرب والأتراك كم تختلف مقاييس الشرف.. نحن من “شام شريف” يامن تنالون من شرفنا!

تتفوق سوريتي على حيادية الصحفي، وأنا أكتب هذا المقال، وأول ما يحضر في بالي، الفتاة العراقية التي تعمل في محل ملابس في منطقة عثمان بيه في اسطنبول، والتي لما علمت أنني من سوريا صارت تتكلم بلهجة سورية متقنة، لدرجة جلعتني أظن أنها سورية، لكنها أخبرتني أنها عراقية تركمانية عاشت في دمشق 6 سنوات قبل أن تنتقل مع عائلتها إلى تركيا، وأنها حتى اللحظة لم تستطع التخلص من اللهجة السورية لأنها أحبت العيش في سوريا أكثر من العراق وتركيا… لاشك أن صديقتي العراقية لم تتعرض لأي إهانة أثناء إقامتها في سوريا حتى تحب الشام لتلك الدرجة، وهذا ما قالته لها كوني صرت أشاركها مشاعر اللجوء وأعرف مرارة مذاقها، فإذا كانت سوريا باعتراف الجميع، أم العرب، لماذا صار شرف السوريات موضوعا جاهزا للثرثرة في مختلف الدول العربية؟ 
مخيم الزعتري.. ونكت الأردنيين 
كم أشعر بالفخر، عندما يسألني الأتراك إن كنت من حلب أم دمشق – على اعتبار أنهما المدينتان الأكثر شهرة في تركيا- ولمّا أجيب بأني من دمشق، يستدرك السامع إجابتي بقوله: شام شريف.. نعم نحن من شام شريف حسب وصف الأتراك، ولا نشبه أبداً ما وصفتنا به ناريمان الروسان عضو البرلمان الأردني؛ “شحاذين” فنحن يا ست ناريمان لم نحول خيم الزعتري إلى بيوت دعارة كما قذفتِ السوريات اللواتي أجبرت سرقة ملكك وحكومتك بعضهن على القبول بعروض زواج قد تنقذهن مما هن فيه.. ويبدو أنه كان على السوري تلقي صفعة بهذه القوة ليصحو من كذبة العروبة، التي خدرته طويلاً، فمأساة السوريين تحولت عند بعض الأردنيين إلى مادة “للتنكيت” والضحك، ولا يتحرج هؤلاء من قول النكت أمام مسمع السوريين، ولماذا يفكر هؤلاء بمشاعر السوريين، فالتعدي على السوري جسداً ومشاعراً صار موضة في بلاد العربان..
أم الدنيا.. طعنة بحجم الفاجعة 
والشارع الأردني ليس وحده من يطبل ويزمر على شرف السوريات وإن كان السبّاق، لكن الطعنة عندما تأتي من أم الدنيا تكون بحجم الفاجعة، خاصة أن بعض “الصحفيين” المصريين إن صح وصفهم تحولوا إلى أشبه مايكون بـ”كلاب” مسعورة و تجردوا من أدنى القيم الصحفية والإنسانية وبدؤوا بنهشون أجساد السوريين والسوريات، فمن يوسف الحسيني الذي قال للسوريين في مصر: “ماتعملش دكر في مصر روح اتشطر على بشار”، إلى محمد الغيطي الذي قذف اللاجئات السوريات واتهمهن بالزنا وممارسة الفاحشة في ميدان رابعة العدوية..
اعتذار قناة التحرير..غير مقبول 
ودون البحث في تاريخ الغيطي والحسيني الذي يشهد بامتهانهما لاختصاص “تمسيح الجوخ للسلطة” اسمحوا لي بمنح نفسي حق التكلم بلسان جميع السوريات، ورفض اعتذار قناة التحرير التي خرج محمد الغيطي على شاشتها للتشدق بالحديث عن عرض السوريات لأجسادهن على المعتصمين، لأنه كان يجدر بمحمد الغيطي أن يعتذر ويسحب كلامه بنفسه، لا أن يأتي الاعتذار على لسان صحفي آخر على الشكل التالي: “نحن نعتذر لكل السوريات اللواتي أصابتهن كلمات زميلي الكاتب الصحفي المحترم محمد الغيطي، والأمر لايعدو كونه خبرا وكلمات لا تقصد أي طائفة بعينها”..
فالخبر والكلمات عندما تنال من الشرف، تتحول أيها الصحفي المحترم إلى قدح وذم، وعندما تعتذر القناة، وتقول إن الغيطي لا يقصد في كلامه كل السوريات، معنى ذلك أنها موافقة على وصف بعض السوريات بالفحشاء في شهر رمضان!!..ولذلك نرفض اعتذار القناة لأنه لم يكن بحجم الخطأ الذي ارتكبته، إلا إذا كان التعدي على شرف السوريات سهلاً لهذه الدرجة.
غرباء الشام واليمن
عندما جمع الإمام علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم، بين الشام واليمن في قصيدته الشهيرة “ليس الغريب غريب الشام واليمن”، لم يخطر بباله أن السوريات سيتحولن إلى مادة إعلامية تستغلها جريدة القدس العربي، فتجعل من الجملة الأخيرة في مقال لها ،عنواناً عريضاً لوصف مظاهر شهر رمضان، فكاتب مقال “اللاجئات السوريات يسحبن البساط من المتسولات اليمنيات ” ترك كل أجزاء مقاله وجعل من الفقرة الأخيرة عنواناً مستغلاً تحول شرف السوريات إلى عنصر جذب إعلامي، ولا تقتصر كلمات الكاتب على وصف السوريات بالمتسولات، بل يتعدى الأمر إلى التلميح عن شرفهن، لما تحدث عن امتعاض اليمنيات من اللاجئات السوريات بقوله: “اظهرت الكثير من المتسولات اليمنيات امتعاضهن من بروز ظاهرة تسول اللاجئات السوريات في صنعاء، إثر المنافسة الصعبة معهن، حيث يظهر الكثير من المحسنين اليمنيين تعاطفهم مع اللاجئات السوريات فيغدقون عليهن بالعطاء، نظرا لحالتهن الانسانية ولجمالهن الفاتن”.
شكراً..
إذا كانت هذه تحية العرب لنضال الشعب السوري، فشكراً على كرم الضيافة، ولكن تتوه مني الكلمات التي أريد توجيهها للشعب التركي الذي تخلص من عقدة الشرف والنيل منه والتعدي عليه..فالسوريات في تركيا “ضيوف” ولسن لاجئات يُباح الحديث عن شرفهن.
لمى شماس اسطنبول (تركيا) – زمان الوصل
اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق