زملاء

برهان غليون يكتب عن أول حكومة سورية وطنية تعلن نهاية عهد الأسد المشؤوم

برهان غليون

أعلن اليوم في استنبول عن ولادة أول حكومة ثورية مؤقتة في سورية لاعداد البلاد والشعب لحقبة ما بعد الأسد. وهو يوم تاريخ بامتياز، وصفعة قوية لأولئك الذين كانوا ينتظرون، في دمشق المعتقلة وعواصم الدول الداعمة لنظام المافيا السورية، التي راهنت على تفكك المعارضة وانقسامها وعجزها عن القرار.

بالاعلان عن ولادة هذه الحكومة تبدأ أيضا نهاية عهد الأسد المشؤوم وبداية المرحلة الانتقالية التي لن تكون سهلة ولا سريعة، والتي تتصارع فيها سلطتان، سلطة مارقة، مطلقة الشراسة والهمجية، لا تزال تتشبث بالسلطة على حساب دماء السوريين ومستقبل أبنائهم، وسلطة وليدة، ضعيفة الامكانات والموارد، تتلمس طريق المستقبل، وتواجه تحديات غير مسبوقة في أي عصر.

لن تكون المهمة سهلة، بل تكاد تكون مهمة الحكومة المؤقتة مهمة انتحارية. فهي تواجه، في أسوأ ظروف، استحقاقات هائلة، إنسانية وسياسية واجتماعية وعسكرية، وعلى رأسها تنسيق الدعم لأكثر من ٩ ملايين سوري فقدوا منازلهم وهاموا على وجوههم في بلدان اللجوء ومدن النزوح، من دون موارد ولا عمل، وتلبية طلبات عدد أكبر من المحرومين من لقمة العيش في أماكن سكنهم، بسبب الحصار أو سياسة التجويع أو انعدام العمل والدخل، بالإضافة إلى مئات آلاف الجرحى والمعتقلين والمختطفين والمفقودين.
ولا داعي للتذكير بمشاكل إعادة بناء القوات المقاتلة للثورة وتجهيزها لصد العدوان الدائم للقوى الأجنبية التي أصبحت الركيزة الرئيسية لجيش النظام.

ولا للحديث عن إعادة بسط سلطة القانون في مناطق أصبحت نهبا للفوضى ومرتعا لتجار السلاح والبشر و المباديء والاعتقادات.

لا ينبغي ان نعتقد أننا ربحنا الرهان لمجرد نجاحنا في تشكيل الحكومة المؤقتة، وان ما كان السوريون يفتقرون إليه قد تحقق. سيكون إنجازا كبيرا لها لو نجحت الحومة الجديدة في الرد على الحاجات المستعجلة والملحة للسوريين المنكوبين.

لكن حتى على هذا المستوى، لن يكون هناك إمكانية للتقدم إن لم يشمر كل سوري عن ساعده لتقديم الدعم والعون لأعضاء الحكومة، ولمواكبة نشاطها بالنشاطات الشعبية المستقلة، وسيكون دعم العمل الاجتماعي الشعبي التطوعي أهم ما يمكن أن ينقذ الحكومة، أمام ضعف امكانياتها ووسائلها، ويمكنها من تحقيق الحد الأدنى من واجباتها.

لكن من وراء هذا وذاك يبقى التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة الجديدة كما يواجه الثورة والمعارضة هو وقف تحلل النسيج الوطني السوري وتفكك الدولة وتحول الوطن إلى إمارات شخصية في كل قرية وحي وناحية، حتى لا نقول إعادة بناء هذا النسيج الذي كان تمزيقه الاستراتيجية الرئيسية لمافيات الحكم حتى تضمن لنفسها البقاء والاستمرار في نهب البلاد واستعباد العباد.

كل التقدير لروح الواجب التي حدت بأعضاء الحكومة العتيدة إلى قبول العمل في ظروف يكاد يكون فيها الانجاز مستحيلا، واخلص التمنيات لهم بالتوفيق والنجاح، ولشعبنا الصابر بالخلاص ونهاية المأساة.

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق