زملاء

الفنانة السورية لويز عبد الكريم: ‘خطوة’ نحو رعاية جيل من الأطفال السوريين المشردين

 

يارا بدر : تخلت الفنانة السورية لويز عبد الكريم عن العمل في الدراما السورية قبل وقتٍ قصير من اندلاع ثورة آذار 2011 في سوريا، التي انخرطت فيها مشاركةً على الأرض في مظاهراتها، وعبر وسائط التواصل الاجتماعي. ثمّ كان أن اضطّرت مثل كثير من السوريين إلى المغادرة. من سوريا إلى مصر، ومن مصر إلى بيروت.
تفرّغت لويز للعمل في مجال آخر، هو شغفها ومشروعها كما تقول، الذي بدأ مشروعاً لاستخدام السايكودراما في العمل مع الأطفال المتضرّرين من الحرب وآثارها. انطلق عملها مع الدكتور جمال صبح الذي اشتغل على الإشراف النفسي، وتعاونت مع الممثل السوري جلال الطويل في مشروع ‘أثر الفراشة’. لاحقاً انسحبت لويز من ‘أثر الفراشة’ وانطلقت في بحثها الخاص حول آليّات تطوّير هذا المشروع. 
حول موقفها السياسي من الأحداث في سوريا، وحول مشروعها الخاص كان لـ’القدس العربي’ هذا الحوار معها:

‘ بعيداً عن سوريا، وقريباً من ضحايا الحرب اخترت العمل، وكان تعاوناً ناجحاً مع جلال الطويل. ثمّ انسحبت وانطلقت في ‘خطوة’. ما الذي يُميّز عملك في ‘خطوة’ عن ‘أثر الفراشة’؟
‘ كان الخيار في البداية بالعمل على ‘السايكودراما’، وذلك بالتعاون مع الدكتور جمال صبح كمشرف نفسي. وذلك في إطار المسرح التفاعلي. في ‘اثر الفراشة’ وهي تجربتي العملية الأولى، التزمنا أكثر بشروط المسرح التفاعلي، كان هناك عرض مسرحي في النهاية، وهذا التزام لا تستطيعين الإخلال به.
حين غادرت ‘اثر الفراشة’ غادرتها بحثاً عن مجال أوسع للتجريب في وسائل وكيفيّة أفضل لتطوير العمل باستخدام السايكودراما، وفي بيروت، في بالبيري- عكار اشتغلت ‘خطوة’، وهو مشروع استمر لشهر، اشتغلت خلاله مع مجموع من الأطفال (50 طفلاً وطفلة) ما بين الست سنوات و13 سنة، .لمدة أربع ساعات كل يوم. وخمس من الأطفال كانوا لبنانيون.
تميّز ‘خطوة’ في نواح كثيرة عن تجربتي الأولى، حيث كان المُنطلق مغايراً منذ البدء. في ‘خطوة’ الاهتمام بنفسية الولد أكثر من الاهتمام بإعداده ليكون ممثلاً في العرض النهائي. ومن أجل هذا قمنا بدورة خاصة لإعداد مدربين مؤهلين، كذلك اشتغلنا على آليات تشجيّع الأهالي وتحفيزهم لإرسال أطفالهم للمشاركة في المشروع، ومن هنا رأيت أنّه من الضروري مشاركة الأمهات في المشروع، وكانت النتائج إيجابية جداً.
إذ من الضروري العمل مع الأمهات لتسهيل التفاعل مع الأطفال لاحقاً، ولإضافة فاعليّة أكبر تعود إيجابياً للطفل بالدرجة الأساسيّة.
إذ وعلى الرغم من مساعدة الأخصائي النفسي المشارك في المشروع فإنّه يبقى من الصعب جداً تقديم كامل المساعدة النفسيّة المطلوبة خلال مدة زمنية محدودة مثل شهر. لكننا انطلقنا من فكرة أساسيّة هي أنّ أي أثر إيجابي نستطيع أن نخلّفه لدى الطفل وأسرته ويبقى لاحقاً هو أمر هام جداً وثمين في عملنا.

‘ كيف كان العمل مع أمهات من أعمار مختلفة؟ وهل كُنّ من بيئات اجتماعية متجانسة أم مختلفة ثقافياً وفكرياً؟

‘ كان العمل مُثمراً جداً في الواقع، وممتعاً في ذات الوقت. هم سيدات نازحات من ريف إدلب، وريف تلكلخ، وريف حماة، أي من بيئة اجتماعية متشابهة في عاداتها وثقافتها، خاصة القاسية على المرأة، إذ تزوّج الفتاة ما بين التاسعة والثانية عشر من العمر، وإن أصبحت في الخامسة عشر دون زواج فهي غدت عالة على أسرتها.
في البدء ليس من السهل كسر حواجز البيئة المُنغلقة على ذاتها، وعاداتها وتقاليدها، لكن مع العلاقة اليومية، وعبر جلسات مُتكرّرة، نجحنا في بناء علاقة ثقة مشتركة، وتحدّثنا حتى في أدق التفاصيل الأسريّة، وما يمكن اعتباره تابوهات مُحرّم الحديث فيها في ذلك المجتمع مثل التابوهات الجنسيّة والدينية.
وكان أن شعر الأهالي بضرورة انفتاحهم على الجوانب الأخرى في الحياة، وضرورة فتح المجال أمام أطفالهم لاكتشاف أشكال حياة غير التي اعتادوها منذ زمن، ضرورة أن يكون المجال مفتوحاً أمام أطفالهم لاكتشاف الحياة وفق منطق مختلف عن منطقهم الذي تربوا هم عليه، وهنا أتحدّث عن مفاهيم مثل ضرورة القراءة وأهميّة الفن وسواها.
‘ أين كان الآباء من هذه المشاركة؟ وكيف كان تقبّلهم لهذه العلاقات الاجتماعية والإنسانية الجديدة على ثقافتهم؟
‘ اشتغلت مع الأخصائي النفسي هاني رستم في جلسات الرجال، ففي تلك البيئة كان من الصعب ويحتاج وقتاً أطول مشاركتي في الجلسات الخاصة مع الآباء. عملت وهاني معهم على نقاط عديدة، فتح حوار وطرح أسئلة لمشكلات حياتهم اليومية، وأهمّها أنّ أغلبهم لا يعملون، بل النساء والأطفال من يعمل إن وُجدَ عمل. فطرحنا معهم قضايا الإنجاب الكثير في شروط معيشيّة لا تلبي الحد الأدنى من متطلّبات الحياة، بحث معهم في العنف الأسرّي، وحتى في عدم مشاركتهم في العمل.
‘ وماذا عن الورشة التدريبية للمدربين؟ 
‘ اشتغلت ست ورشات لتدريب، حيث درّبنا (11) شاباً وصبية على طرق التعامل مع الأطفال تحديداً، وذلك بمشاركة الأخصائي النفسي الذي يعمل في ‘خطوة’، ومشرفة نفسيّة مختصة، كان الاتفاق معها على استقبال الحالات الخاصة من الأطفال في عيادتها.
وقد بدأ الشباب المتدربون بالمشروع بأنفسهم وأنا فخورة كثيراً بهذا.

بيروت – ‘القدس العربي’ ـ من يارا بدر

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق