إقالات احترازية في تيار المستقبل
يبدو أن الإقالات التي حصلت مؤخرا في تيار المستقبل لها سبب واحد هو المحاسبة، والتي طالت العديد من المسؤولين في تيار المستقبل، وفي ضوء النتائج التي تحققت في الانتخابات النيابية كثُر الكلام حول الإقالات التي طالت عددًا كبيرًا من مسؤولين تيار المستقبل. حيث تحدّث البعض عن بيع عمليات أصوات لغايات شخصية بعيدًا عن العمل الحزبي المنظّم، وحتّى عن تحرّك بعض ماكينات، وكوادر تيار المستقبل بشكل مغاير، ومخالف للتعليمات الحزبية ا، وعن عملها لصالح مرشحين على لوائح منافسة. حتى ان البعض تحدّث عن اوراق تنازل قدّمها رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري لتصحيح علاقته مع المملكة العربية السعودية من خلال التخلّي عن مدير مكتبه نادر الحريري، والذي قدّم استقالته طوعًا بالتزامن مع صدور قرارات الإقالة العلنية بحق باقي مسؤولي تيار المستقبل بحجة المحاسبة، دون أي حفظ لكرامتهم، أو لجهودهم حتى، وبغض النظر عن النتائج التي حققوها، ولا شكّ أن مسؤولي هيئات شؤون الانتخابات ومُنسقيات بيروت والبقاع الغربي، وراشيا والبقاع الأوسط والكورة وزغرتا الذين طالتهم قرارات الإقالة من جانب رئيس تيار المستقبل شخصيا
يتحمّلون جزءا من التراجع الكبير الذي طال حجم، وحضور تيار المستقبل في المجلس النيابي، شانهم في ذلك شأن مسؤول الماكينة الإنتخابية، والمنسّق العام للإنتخابات وسام الحريري، ومدير دائرة المتابعة في مكتب رئيس تيار المستقبل ماهر أبو الخدود الذي أُعفيَ من مهامه في التيار الأزرق، علمًا انه كان قد عمل في المرحلة الأخيرة كمستشار لوزير الداخلية نهاد المشنوق. ولكن من غير المنطقي حصر الخسارة التي لحقت بالتيار الأزرق بهؤلاء المسؤولين، وبغض النظر عن درجة تقصير كلّ منهم، وعن سوء تقدير بعضهم، وعن مخالفات بعضهم الآخر، ولكن من المؤكّد أن جزءا كبيرا من الخسارة التي لحقت بتيار المستقبل لا يعود لأسباب تنظيمية، أو لأسباب حزبية إنما لأسباب أكبر من هذا، ويتحمّل مسؤوليتها رئيس تيار المستقبل شخصيا، وهذا يعود إلى أسباب عديدة منها:
اولا: دخول تيار المستقبل في تحالف سياسي-مصلحي مع التيار الوطني الحر.
ثانيا: غياب الرؤية السياسية الاستراتيجية لقيادة تيار المستقبل، وتبدّل خطابها السياسي بشكل عشوائي، والانتقال إلى خطاب آخر مناقض خلال فترات زمنية متقاربة، الأمر الذي تسبّب بضياع الناخبين، ودفع الكثير منهم إلى التنّحي جانبا، وعدم المشاركة في الانتخابات من باب الإعتراض.
ثالثا: امتعاض جزء كبير من مناصري تيار المستقبل من تحوّل معركة قيادة تيار المستقبل إلى داخل البيئة السنية، وضد شخصيات كانت محسوبة من الصقور. فبدلًا من مواجهة محاولات الخرق لشخصيات محسوبة على قوى 8 آذار إضافة إلى تصويت جزء من المؤيدين المفترضين لصالح اللوائح التي دعمها أشرف ريقي.
رابعا: لجوء رئيس الحكومة سعد الحريري إلى خطاب انتخابي يتناقض مع ممارساته على الأرض منذ أكثر من سنتين حتى اليوم. حيث بدا هذا الخطاب بعيدًا عن الممارسات الفعلية، وعرّض مصداقية القيادة إلى الإهتزاز أمام محبيها.
خامسا: تدهور علاقة رئيس تيار المستقبل الشخصية مع قيادات رئيسة في السعودية، وغياب الدعم الإقليمي المهم الذي كان يتوفّر للتيار الأزرق على أكثر من مستوى سياسي، ومعنوي، ومالي. ومن الطبيعي أن العديد من أسباب تقلّص حجم كتلة المستقبل يتحمّل مسؤوليتها سعد الحريري دون سواه، وليس بعض المسؤولين التنفيذيين عن ماكينة التيار الإنتخابية على الأرض.
ولا بدّ من الإشارة إلى انّه في كل الدول المتحضّرة، وعلى مستوى الأحزاب الديمقراطية التي تحترم نفسها يتحمّل رئيس الهرم أي إخفاق، أو فشل بحيث يسارع رئيس الحزب إلى تقديم استقالته في حال فشل حزبه في الفوز بأيّ انتخابات، إلاّ في لبنان!
وعلى ما يبدو ها هو سعد الحريري رئيس الحكومة اللبناني المنتهية ولايته ما زال يكابر محاولا كسب ودّ المملكة العربية السعودية في محاولة يائسة منه لنيل رضاها مهما كلّف الأمر، والأيام الآتية ستثبت هذا إذ سيصار إلى تسمية سعد الحريري لتشكيل الحكومة اللبنانية، ويرفض بالطبع إكراما للسعودية لأن الغالبية فيها ستكون للشيعة.
ما يعيشه لبنان في المرحلة القادمة مرحلة صعبة، والأيام القادمة ستثبت مجددا لنا أن لبنان يعيش في زمن وصاية مرتهن للخارج.
س. ن
شاهد عيان