أحمد سليمان
توجه لإطلاق اليورو الرقمي في مختلف مجالات الحياة
كي ينجح هذا التحول،أعتقد لا بد من الموازنة بين الفوائد الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة التحديات بعناية لضمان استفادة جميع شرائح المجتمع
كتب أحمد سليمان: تتجه ألمانيا والعديد من الدول الأوروبية نحو الأتمتة المالية، وهو تحول مهم لجعل العملات الإلكترونية الوسيلة الرئيسية للمعاملات المالية في مختلف مجالات الحياة. ويعتبر هذا التطور نقطة تحول مهمة في تاريخ النظام المالي والاقتصادي في أوروبا.
الحديث هنا عن مشروع يهدف إلى إصدارعملة رقمية يصدرها البنك المركزي الأوروبي (ECB)، وستكون متاحة للمواطنين والشركات في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة تستخدم اليورو كعملة رسمية. وسيكون اليورو الرقمي نسخة إلكترونية من اليورو الورقي والمعدني، وسيكون مكملاً لهما، ولن يحل محلهما. سيكون اليورو الرقمي عبارة عن محفظة رقمية يتم تخزينها بشكل آمن مباشرة في البنك المركزي الأوروبي، وليس في بنك تجاري، وبالتالي سيكون أكثر أمانًا وموثوقية من الودائع المصرفية التقليدية. سيسمح اليورو الرقمي للمستخدمين بإجراء مدفوعات سريعة وسهلة وآمنة عبر الإنترنت أو الهاتف المحمول أو البطاقة، وسيكون متوافقًا مع التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة.
وفي أكتوبر 2020، نشر البنك المركزي الأوروبي تقريرًا عن اليورو الرقمي المقترح، وبدأ مرحلة من التجارب والمشاورات لدراسة مزايا وتحديات هذه العملة الرقمية للبنك المركزي. وفي يوليو 2021، أعطى مجلس الإدارة الضوء الأخضر للانتقال إلى مرحلة الإعداد، والتي من المتوقع أن تستغرق حوالي عامين، بدءاً من الأول من نوفمبر 2021. وخلال هذه المرحلة، سيعمل البنك المركزي الأوروبي على تحديد التصميم والمتطلبات الفنية لليورو الرقمي، وسيتم اختيار الشركاء الذين سيساعدون في تطوير وتشغيل البنية التحتية اللازمة. وبعد ذلك، سيقرر البنك المركزي الأوروبي ما إذا كان سيبدأ في إصدار اليورو الرقمي، وهو ما قد يستغرق ثلاث سنوات إضافية من العمل.
إن إطلاق تجربة حقيقية من خلال توزيع بطاقات برصيد مالي معين على الأشخاص الذين يتلقون دعماً مالياً من مؤسسة المساعدة الاجتماعية يعد خطوة مهمة في هذا الاتجاه. بالتالي ان هذه التجربة تحقق عدة أهداف:
تعزيز العلاقة بين المواطن والأسواق:
من خلال تسهيل الوصول إلى وسيلة دفع إلكترونية، يمكن لهذه التجربة أن تعزز الارتباط بين الأفراد والأسواق المالية. وهذا يمكن أن يزيد من وعي الناس بالأمور المالية ويشجع على الادخار والاستثمار.
زيادة الكفاءة وخفض التكاليف:
تعمل العملات الإلكترونية على تحسين كفاءة عمليات المعاملات المالية وتقليل التكاليف المرتبطة بالعمليات التقليدية مثل الطباعة وتوزيع الورق.
مكافحة الاحتيال والتهرب الضريبي:
تمثل العملات الإلكترونية تحديات أكبر في تتبع ومراقبة المعاملات المالية، وبالتالي يمكن أن تقلل من فرص الأنشطة غير القانونية.
ومع ذلك، هناك تحديات سلبية محتملة يجب أخذها في الاعتبار.
قضايا الخصوصية والأمن:
يتطلب استخدام العملات الإلكترونية حماية قوية للمعلومات الشخصية والأموال. يمكن أن يكون لتسريب البيانات أو الهجمات الإلكترونية تأثير كبير على الأمن المالي.
الحاجة إلى الاستعداد للتغيير:
هناك مخاوف من أن هذا التحول إلى الأتمتة المالية يمكن أن يؤدي إلى التمييز الرقمي، مما قد يؤثر سلبًا على أولئك الذين ليس لديهم إمكانية الوصول بسهولة إلى التكنولوجيا.
ويحظى اليورو الرقمي بدعم العديد من الأطراف المهتمة، التي ترى فيه فرصة لتحديث نظام المدفوعات في أوروبا، وتعزيز السيادة الرقمية، وتقديم خيار عام وآمن للمستهلكين والشركات. ويُنظر إلى اليورو الرقمي أيضًا على أنه استجابة للتطورات العالمية في مجال العملات الرقمية، مثل مشاريع البنك المركزي الأخرى، وخاصة اليوان الرقمي الصيني، ومبادرات القطاع الخاص، مثل Facebook diem (المعروف سابقًا باسم Libra). ومع ذلك، يواجه اليورو الرقمي أيضًا بعض التحديات والمخاوف، مثل التأثير على السياسة النقدية والاستقرار المالي، والحماية القانونية والضريبية والمعلوماتية للمستخدمين، والامتثال للوائح الأوروبية والدولية. ولهذا السبب، يحتاج اليورو الرقمي إلى دراسة متأنية وشاملة قبل إطلاقه.
يجب توفير التعليم والتدريب للأفراد لفهم هذا النظام الجديد واستخدامه بنجاح.
و كي ينجح هذا التحول،أعتقد لا بد من الموازنة بين الفوائد الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة التحديات بعناية لضمان استفادة جميع شرائح المجتمع.
إعداد :أحمد سليمان