مرتكبو المجازر الكبرى يجب ألا يُستثنوا إطلاقاً، بغض النظر عن تعاونهم المتأخر
الإعفاءات تفتح الباب أمام تبرئة "المجرم الأكبر بشار الأسد

كتب أحمد سليمان:تقف سوريا اليوم عند مفترق طرق تاريخي، حيث تتشكل ملامح الدولة الجديدة وسط تحديات دقيقة تتطلب من السلطة تحقيق توازن حساس بين إعادة الأمن والاستقرار، وضمان العدالة الانتقالية التي تحفظ كرامة الضحايا والمجتمع. إن مجرد الإخلال بالمحاسبة، وتخفيف العقوبات، أو منح الأمان لمرتكبي جرائم الصف الأول، وخاصة الذين ارتبطت أسماؤهم بالنظام الساقط، يفتح الباب أمام تبرئة “المجرم الأكبر بشار الأسد” وداعميه، مما يهدد شرعية المرحلة الانتقالية واستقرارها على المدى الطويل.
في هذا السياق، أثارت تصريحات المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، وخاصة المبررات التي ساقها حسن صوفان، عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي، سخريةً وتبريرًا من جانب بعض المسؤولين، وجدلاً واسعًا حول كيفية التعامل مع مجرمي الحرب – لا سيما أولئك الذين قد يقدمون تعاونًا لاحقًا – مقابل التخفيف من العقوبات. وقد جاء هذا الملف ليفتح نقاشًا معمقًا حول الجوانب الحقوقية والقانونية والدستورية لهذه التصريحات، من خلال الربط بينها وبين ملفات شخصيات بارزة مثل فادي صقر وخالد الأحمد، ممن وُثّق تورطهم في جرائم جسيمة بحق المدنيين. ويؤكد الملف أن أي تهاون في محاسبة هؤلاء يشكل انتهاكًا صارخًا لمبادئ العدالة الانتقالية والسلم الأهلي، ويهدد بفقدان ثقة الضحايا والمجتمع بمصداقية المرحلة الجديدة.
ولتعزيز نزاهة الإجراءات، أعتقد من الضروري توسيع اللجنة العليا للسلم الأهلي لتشمل منظمات حقوقية مستقلة وممثلين عن الضحايا، لضمان تمثيل شامل يحدّ من أي محاولات لإقرار إعفاءات مشبوهة. إذ إن بناء دولة قائمة على العدالة يتطلب محاكمات شفافة، ومحاسبة عادلة، وتمكين الضحايا من إيصال صوتهم. فلا يمكن تحقيق المصالحة الحقيقية دون الاعتراف بالجرائم ومحاسبة مرتكبيها، لضمان استعادة الثقة بين جميع الأطراف وبناء مستقبل سوري خالٍ من الإفلات من العقاب.