تناقضات العدالة الانتقالية في المشهد السوري
بين ما يُطبَّق في الخارج ويُغيب في الداخل

في سابقة قضائية دولية تحمل أبعاداً رمزية كبيرة، أصدرت محكمة ألمانية حكماً بالسجن المؤبد على الطبيب السوري علاء موسى، بعد إدانته بأكثر من 18 جريمة تعذيب مروعة ارتُكبت بحق معتقلين داخل مستشفى حمص العسكري.
هذا الحكم يأتي استكمالاً لنهج اتبعته ألمانيا سابقاً، حين حكمت في عام 2022 على أنور رسلان، الضابط السابق في أجهزة الأمن السورية، بالسجن المؤبد أيضاً بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. كما تتابع السلطات الألمانية حالياً ملفات عدة بلاغات ضد متهمين آخرين ضالعين في جرائم مماثلة.
هذه الملاحقات تمثل بارقة أمل للضحايا السوريين، وتؤكد أن العدالة، وإن تأخرت، يمكن أن تتحقق ولو خارج حدود البلاد. في المقابل، لا يزال النظام السوري يتعامل مع مفهوم العدالة بمنطق مقلوب، حيث تم الإفراج عن عدد من مجرمي الحرب بدعوى “التوبة” أو التعاون مع النظام، مما يكرّس مناخ الإفلات من العقاب.
هكذا تُمارَس العدالة الانتقالية للسوريين في المنفى، بينما يُغيّب صوت الضحايا داخل وطنهم. فهل يمكن لأي مصالحة حقيقية أن تتم دون محاسبة أو اعتراف بالجرائم؟
العدالة ليست انتقاماً، لكنها الشرط الأساسي لأي مستقبل سوري عادل ومستقر.
أحمد سليمان
صادر عن نشطاء الرأي