زملاء

صبحي دسوقي : الطائفية

 قاص وصحافي سوريأما أنا فلا أخلع صاحبي….

أنا سوري وأفتخر …وأعلن التزامي بأصدقائي وأساتذتي وعائلتي من العلويين …وآسف لأنني مضطر لهذا التوصيف الآن …لقد عشت بينهم وأكلت من زادهم وتقاسمنا الرغيف والهموم والحب وأنا ملتزم بهم حتى العظم لأنهم أهل لي ونعم الأهل .

أتذكر أنني فتحت عيني على الأدب في بيوتهم من وفيق خنسة إلى نبيه محمد علي وكان الفضل لإظهاري على الساحة الأدبية للأديبان الراحلان محمد عمران  وممدوح عدوان وللأديب نبيل سليمان والأديب أحمد يوسف داوود اللذان أعتز بهما . وهناك عشرات الأسماء التي أعتز بها كذلك.. لأهلي في جبلة من معن أبو غيث وأبو علي مكنا إلى كل بيت احتواني بالحب والحنان.

هم أهلي ولا أسمح لأحد أن يحاول بتر هذا الإحساس النبيل .كنا نتواصل دوما وبيوتنا في الرقة بيوتهم ..وبيوتهم في اللاذقية وجبلة بيوتنا ..إياكم والفصل بين مشاعرنا فهي أثمن ما نملك.

وما يحدث على الأرض ومنذ بداية الحراك الثوري كانت محاولات نظام العصابة الأسدي وأبواق أعلامه يتجه إلى إعطاء صفة الطائفية لثورتنا. وبعد مضي أكثر من عامين من صمود شعبنا الأسطوري ،لا زال النظام يحاول باستماتة حرف الثورة عن خطها الأساسي ووجهتها ،وسمتها أن الشعب السوري ثار من أجل كرامته .

هم أرادوها حربا طائفية تفصل النسيج السوري المتشابك عن بعضه وعن تماسكه ..وقد نجحوا في أكثر من موقع ، ونحن لا نريد لهم ذلك لأن ما يجمع الشعب السوري ببعضه هو أكثر بكثير مما يفرقه .

منذ البداية كانت الهتافات ( واحد ..واحد …الشعب السوري واحد)، أثقلهم هذا الشعار فأرادوا اغتياله ، من خلال زج العديد من الشبيحة والمرتزقة ..وتجار الحشيش والدخان ، وقطاع الطرق والمرتزقة والمتطوعون من الطائفة العلوية، وجاهروا بتخويفهم لها بأن السنة سيذبحونهم ، فعليهم المبادرة بذبح كل سني ، وهناك من عزف على وتر بغيض ( من ذبح سنيا ..ضمن الجنة وضمن قصرا هناك)،وبالمقابل تداعى عقلاء الطائفة لإدانة المجازر وإبعاد الطائفة عن النظام منهم (ائتلاف الشباب العلوي ضد نظام آل الأسد ومؤتمر العلويين في القاهرة الذي أدان في بيانه نظام الأسد الإجرامي وأن الطائفة بريئة منه .

ولا ننسى أن الكثير من العلويين قد عانوا من الفقر ومن اعتقال عدد كبير من المعارضين على يد النظام ..ومنذ بداية الثورة أعلن عدد كبير من الاخوة العلويين موقفهم من الثورة وإدانة جرائم الاسد وعصابته.

هي المأساة الحقيقية لشعبنا لأن من يقاتلنا من الخلف أكثر وحشية ممن يواجهنا وأصبح شعبنا لوحده في مواجهة مصيره وفي مواجهة وحشية لنظام لا يتقن إلا القتل والتدمير.

وحتى أحلامنا أجهضوها وتفاؤلنا بددوه،ويقتلنا الحنين لوطن يدمروه،

ويبقى كبيرا بأبنائه الذين يكتبون حريتهم بدمائهم ،شموسنا وأقمارنا ستبقى تشع في سماء سورية الحرة على مر السنين .

وكأنهم أجادوا وضع أقنعتهم وبهرجتها وأوهمونا بأنهم ينتمون إلى البشرية

دماؤنا تراق وتهدم مدننا والكل صامت ويكتفي بالإدانة،النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة، والحيوان الجريح يفعل كل شيء إن لم يجد من يردعه،دماؤنا في أعناقكم.

حزب الشيطان يقصف أهلنا في حمص ويحاول احتلال قرى قريبة من القصير الصامدة ،وهاهو المالكي يحاول إكمال ما يفعلونه على الحدود اللبنانية بقصف مواقع الثوار القريبة من الحدود العراقية ،هو جزاء لشعب سورية الذي قدم الكثير للشعبين اللبناني والعراقي.

ما يجري في سوريا تحول عملياً إلى عملية إبادة بشرية ( هولوكوست) بحق أبناء السنة في كل مدن و مناطق سوريا بقيادة إيرانية مباشرة و تنفيذ سوري أسدي ولبناني ، أغلب المتورطين بالجرائم في سوريا هم للأسف من أبناء طائفة واحدة عملياً ، يساعدهم مرتزقة من كل الطوائف ،خاصة من أبناء السنة أنفسهموغالبيتهم من المجرمين وقطاع الطرق وأصحاب السوابق الذين أفرج عنهم النظام من خلال مراسيم عفو متلاحقة ومفصلة على قدر جرائمهم.

ولأن السنة ليسوا طائفيين حاول النظام المتوحش جرهم إلى الفتنة الطائفية منذ بداية الثورة ففشلت مخططاته لأنه لو نجح لقصفت القرى الموالية وقرى الساحل بقنابل تتشابه مع تلك القنابل التي يمطرون بها القرى والمدن السنية منذ زمن .

هذه المجازر تصفية عرقية لزيادة الشرخ وتأكيد الانفصال بين الشعب الواحد وما يؤكد ذلك سكوت الطائفة العلوية عن كل هذه المجازر.
هل هم رجال  هؤلاء الذين ينطلقون إلى المدن حاملين سكاكين حقدهم ليقتلوا الشيوخ والأطفال ويغتصبوا النساء، وهل ينتمون إلى الانسانية ، وهم يرتكبون كل هذه الفظاعات ،وهل هم يعيشون ضمن نسيج اجتماعي ولديهم أهل وأطفال، هم الطائفيون وهم الحاقدون والقتلة ، هم من خطط ومنذ  زمن وأعد العدة لإبادتنا وكنا غافلون عنها ،كنا نتعايش معهم بأمان ونعتبرهم أهلنا ، وكانوا يحضرون لمجازرهم.
لم نعد نحتمل كل هذه البربرية والوحوش التي أطلقت علينا ،ننتظر ذبحنا في كل لحظة والعالم كل العالم يباركهم ويؤيدهم ويدعمهم ،وسورية باقية رغم أنوفهم وستنتصر ثورتنا…سننتصر.

أخيرا:

منذ أيام تحدث معي الصديق الفنان عنايت عطار من باريس حول الموضوع وقال يا أخي أنا وأنت لا يمكن أن نذهب لقتل نبيل سليمان أو نبيه محمد علي أو أي من أصدقائنا هناك وبالمقابل لا أتوقع أنهم سيقتلوننا أيضا ، فأجبته :

–      – لا تنس وفق تقسيماتهم أنك كردي .

–      فضحك: إذا أردت قتلي فافعل أما أنا فلن أستطيع

–      فأجبته: وأقسم لك يا صديقي أنني لن أفعل …لأننا لا نخلع أصحابنا.

اظهر المزيد

د. خولة حسن الحديد

د. خولة حسن الحديد ( حساب زميل محرر في نشـــطاء الرأي )

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق