زملاء

صالح دياب:تعرض خالد النجار لعنف مجاني مرعب

عادة اعتراض المعارضين، و المزعجين السياسيين في الشارع وإشباعهم ضربا بالعصي وغيرها عادة عامة عند كامل الحكومات في عالمنا العربية، كما يمكن أن تمارسها الأحزاب المعارضة الشمولية.وهو أمر يدخل في نطاق البلطجة، حيث توجد قناعة بأنه لا يوجد لا قانون ولا دولة ،بل إن الممارسين هم أنفسهم موظفون عند الدولة ومتخصصون بهذه الممارسات، وتنفيذ هذه الأدوار المتوحشة، حيث بالإكراه، الجميع يسكت الجميع. ولكن أن يعترضك عدد من الأشخاص ويشبعوك ضربا، كيفما اتفق، في وضح النهار، ويكسرون كتفك، وأنت لست لا معارضا سياسيا، ولا تمارس السياسة لا كتابة ولا تنظيما، فأمر غير مفهوم إطلاقا، ويدعو إلي الرعب والاشمئزاز من الحال التي وصلنا إليها.أسوق هذا الكلام للحديث عن الشاعر التونسي خالد النجار الذي اعترضته مجموعة من الأشخاص وأشبعته ضربا أثناء عودته إلي بيته وكسرت كتفه. أمر لا يمكن فهمه، وهو عنف مجاني مرعب ويثير الذعر جراء عبثيته. لم يفعل شيئا النجار في حياته، سوي أن يفتن بالشعر ويتنقل من مدينة إلي مدينة في فرنسا علي طريقته البوهيمية، ثم يعود إلي مدينته تونس. لم ينتسب إلي أي تنظيم سياسي، كما لم يمارس السياسة بشتي أنواعها وطرائقها. ما فعله هو أنه أنشأ دار التوباد، لطباعة الشعر الفرنسي، برفقة النص العربي اعتمادا علي إمكاناته الشخصية. هذه الدار لا تختلف عن أرقي دور النشر الفرنسية التي تعتني بالشعر وتعطيه المكانة اللائقة علي الصفحات.الأناقة الشديدة للكتب والإخراج الرائع يجعلنا نظن أن وراء ذلك مؤسسة كبيرة، في حين ليس هناك سوي روح خالد النجار والمحبة التي يعطيها للشعر، وتتجلي عبر متابعته الشديدة وحيدا، لكل صغيرة وكبيرة في الطباعة الأمر الذي أغري شعراء فرنسيين معروفين حتي خارج فرنسا بأن يمنحوه نصوصا ،لم يسبق لهم أن طبعوها في فرنسا.
علي الهاتف، منذ يومين، لا يعرف النجار كيف يرد علي: أنا لا أفهم شيئا أبدا! ولا أعرف لماذا؟ تعرفني ليس لي علاقة بأحد سياسيا إطلاقا ! لقد حطموا كتفي. أشبعوني ضربا. كنت عائدا إلي البيت فاعترضوني وانهالوا علي بالضرب المبرح. صدقني لا شيء…. أنا لا أفهم شيئا، لا الأسباب ولا الدواعي. ليس لي أعداء. لا أجد سببا واحدا لكل هذا العنف.لا تسألني لماذا. أنا مثلك لا أعرف شيئا.
سمحت لي زياراتي المتكررة إلي تونس أن أعرف النجار عن قرب أكثر. طيلة الوقت كان يحدثني عن محبته لتونس وتاريخها العربي والإسلامي ، وللثقافة العربية. مرة كنت عنده فاتصل به شاعر لبناني ليستضيفه علي قناة يسميها المشاهدون في تونس قناة المخابرات الأمريكية. يا صالح أنا أرفض ذلك. يريدون أن يشتروني لقاء ألف دولار وتذكرة طائرة.ما يهمهم هو أن أشتم بلدي والحكومة وتاريخي العربي، والإسلامي. وهذا هو هدفهم ،أنا لن أفعل ذلك إطلاقا. ليسمحوا لي بأن أتحدث عن إرهاب إسرائيل وأمريكا علي قناتهم، ومن ثم يمكن أن أتحدث في مواضيع أخري. هذا غير مسموح.ومن بعد، يقولون لي لا تخف السفير الأمريكي يحميك.
لم يفعل النجار شيئا سوي بقائه في تونس، ملتما حول مشروعه الجميل الذي وجد فيه نفسه.كان رده علي ما لاقاه من عنف أن تقدم إلي مخفر الشرطة الأقرب إلي منزله. وأقام دعوي ضد مجهول، لأن ثقته لم تنعدم بعد بالقانون الذي ينظم حياة هؤلاء البشر في هذه البقعة من الأرض، أو هو لا يريد أن تنعدم. خالد النجار لا يستحق أن تقابل محبته لبلده، وثقافته بكل هذا العنف المجاني الذي كنا نحسب أنه لا يمكن أن يحدث إلا في الروايات والمسرحيات العبثية. تحية له، ولدار التوباد. هاتفه المحمول المغلق منذ يومين يحكي الكثير عن حجم الصدمة التي ألمت به.

صالح دياب(سوريا/باريس)

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق