عريب الرنتاوي – العرب في لبنان..جزء من المشكلة أم جزء من الحل ؟!
هل ينجح العرب المنقسمون على أنفسهم في مساعدة اللبنانيين على تجاوز أزمة انقسامهم؟…وهل تفلح بنود المبادرة العربية القديمة في معالجة أزمات لبنان الجديدة؟…وإذا كان الوضع اللبناني قد انزلق إلى أتون الحرب الأهلية، برغم وجود مبادرة النقاط الثلاث للجامعة العربية، فهل يمكن للبنود الثلاثة ذاتها، أن تخرج اللبنانيين من ورطة الحرب الأهلية التي تطل برأسها البشع عليهم من شرفات طرابلس وبيروت والجبل والبقاع والشوف ؟!.
أسئلة وتساؤلات عدة، تقافزت إلى أذهاننا ونحن نتابع وقائع المؤتمر الصحفي للأمين العام للجامعة ووزير خارجية جيبوتي، من دون أن نعثر على أية إجابة مقنعة من جانب المتحدثين على أي منها، إلى الحد الذي بتنا نرى معه “الحضور العربي” في الأزمة اللبنانية، سببا لإدامتها وتعقيدها لا وسيلة لحلها، وجزءا من مشكلة وليس جزءا من الحل.
حدثان وقعا في الساعات الثماني والأربعين الفائتة، أعادا تعقيد الأزمة اللبنانية، وأدخلا عناصر جديدة إلى حسابات بعض أطرافها، ولسنا نستبعد أن يترتب عليهما تعطيل سترجئ الحل وجعله أصعب منالا: التطور الأول، ويتمثل في بعض ما تسرب من مداولات وأفكار ومقترحات وزراء الخارجية العرب، من مواقف ومقترحات سافرة في انحيازها لهذا الفريق أو ذاك، أما التطور الثاني فيتمثل في تحرك المدمرة الأمريكية قبالة الشواطئ اللبنانية، وهما حدثان أقنعا فريق السلطة وائتلاف الرابع عشر من آذار، بأن “المدد السياسي والعسكري في الطريق”، وأن الجولة الأولى التي حسمت لصالح المعارضة، ستتلوها جولات أخرى، بالاستناد إلى قوة “الدعم السياسي العربي عموما، السعودي المصري على وجه الخصوص”، وبالاتكال على “دبلوماسية البوارج الأمريكية” التي تقترب من ساحة الأحداث وخطوط التماس.
لذلك رأينا رئيس الوزراء اللبناني يتراجع عن “صفقة التهدئة” ويرجئ اجتماع حكومته المكرس للرد على طلب قيادة الجيش اللبناني إلغاء قراري “شبكة الاتصالات والعميد شقير”، بعد أن قال أنهما لم يصدرا أصلا، ليعود ويتراجع بشكل مؤسف عن قوله هذا، وينسب الأمر برمته إلى “خطاء في البرتوكول والمراسم”.
كما رأينا بعض أفرقاء السلطة والموالاة (أمين الجميل)، يتحدثون عن شروط إضافية للاستجابة لنداء الحوار ودعوته، من نوع تقديم “تعهد مضمون” من حزب الله بعدم اللجوء إلى السلاح في الداخل من جديد، باعتبار أن هذا السلاح فقد شرعيته، ولا أدري من أين يمكن الحصول على ضمانات من هذا النوع، أللهم إلا إذا كان المطلوب استحضار سوريا وإيران إلى مائدة الحوار (؟!)…كما رأينا هجوما مركزا على الجيش من قبل بعض أطراف الحكومة من أركان فريق 14 آذار (سمير جعجع)، وتأكيدات منه بأن الرجل لم يعد مرشحا توافقيا بعد عن استنكف عن “قمع” فريق المعارضة والتصدي لهجمات حزب الله.
إذن، وتحت تأثير خطابات بعض الوزراء العرب الذين لوّحوا بسيف الإدانة وإرسال القوات العربية، وألمحوا إلى “التدويل”، وعلى وقع هدير محركات المدمرة كول، يبدو أن السلطة وائتلافها بات أقل جنوحا للسلم والتسوية والصفقة، وأصبح خطابهما أكثر تصعيدا وتشددا مما بدا عليه بعيد اقتحام بيروت من قبل قوات المعارضة، حيث بدت النبرة يائسة ومحبطة إن لم نقل مستسلمة ومنهارة تماما.
والحقيقة أننا لم نكن نتوقع خطابا عربيا محايدا على الطريقة السويسرية، ولكننا كنا نأمل أن يكون بعض وزراء الخارجية العرب من معسكر الاعتدال قد تعلموا الدرس، وأن يكفوا عن تصفية حساباتهم مع جوارهم الإقليمي، ومع أطراف في المعسكر الآخر على حساب لبنان، وأن يقفوا على مسافة واحدة من الأفرقاء، وأن يجبروا الأطراف العربية والإقليمية في ما يسمى بمعسكر الممانعة على اتخاذ مواقف مماثلة، أما أن يكونوا على هذا المستوى من الانحياز لفريقهم، وأن يكونوا أشداء في نقد انحياز الآخرين لحلفائهم في الوقت ذاته، فهذه لعبة لن تنتهي إلا بانتهاء لبنان واللبنانيين في مستنقع الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي المدمر والمميت، فهل هذا هو دور النظام العربي، وهل هذه هي وظيفة الجامعة العربية و”الدور العربي” في لبنان؟.