زملاء

المحامي هيثم المالح يترافع عن نفسه أمام القضاء السوري

” في عام 1962  زار خالد العظم مدينة درعا فرماه المتظاهرون ناصريون ومعنيون بالبيض والبندورة ،وتحول لباسه الأبيض الذي كان قد اعتاد أن يلبسه إلى ملطخ بالألوان،وفي عودته إلى دمشق، توقف في الصنمين وهتف إلى المحافظ وأمر بإطلاق سراح من اعتقلهم،وقال :( سأحاربهم بالديمقراطية). “

  • المحامي هيثم المالح: مشكلتي:أيها السادة أنني أعشق الحرية وأرفض الاستبداد أعشق الحق وأكره الباطل وأدين الظلم أعشق دمشق الشام إلى درجة الهيام وأرى العيش خارجها موات. من التاريخ القريب: تعلمون أنني اعتقلت في مطلع عام 1980 وحتى نهاية 1986 وأمضيت نحواً من سبع سنين عجاف بين فروع الأمن ،حتى انتهى بنا المطاف في فرع التحقيق العسكري أمضيت فيه مع زملائي ست وثلاثين يوماً خرجت بعدها إلى الحرية من جديد. لم يجر معي وزملائي أي تحقيق ،وإن كان جرى حوار أسميته آنذاك”دردشة” وقد أعلمنا رئيس الفرع في المخابرات العامة أنه ليس علينا بأس وسوف يخلي سبيلنا أياماً، ولكنها امتدت سنوات، وهكذا انتهكت حقوقنا نحن الذين كنا ندافع عن حقوق الآخرين .


القانون:

أتمسك دائماً بمقولة انعدام سيادة القانون في سورية وأطالب دائماً”بسيادة القانون” ولكن لا أرى أملاً.
– فلقد انتهك قانون الطوارئ عام 1963 حين أعلن الضباط الذين استولوا على الحكم برئاسة الضابط زياد الحريري، حالة الطوارئ،بعد أن اسموا أنفسهم مجلس قيادة الثورة.

ومعلوم أن قانون الطوارئ اشترط لإعلان حالة الطوارئ أن تصدر بمرسوم عن مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية،ثم ينبغي عرضها على مجلس النواب في أول اجتماع له، وهو ما لم يحصل حتى الآن.

– ثم صدر المرسوم رقم 14 لعام 1969 ، فنصت مادته 16 على حماية العاملين في أمن الدولة من الملاحقة القضائية إذا ارتكبوا جرماً،وهكذا بدأ ينحسر دور القانون لصالح أجهزة الأمن،ثم تتالت تشريعات متناقضة وخارج مفهوم العدالة.

– في عام 1965 تم إعارتي للعمل في القضاء الليبي وفي منتصف عام 1966 أصدرت السلطات في سورية مرسوماً يرفع الحصانة عن القضاء،ثم مرسوماً آخر بصرف”24″قاضياً كنت من بينهم، ودون مراعاة أي تشريع آخر كما نص مرسوم الصرف من الخدمة على عدم جواز الطعن فيه أمام أي مرجع قضائي ،وأشاعت صحافة السلطة بأن المصروفين ليسوا منسجمين مع الثورة، وهذا المرسوم سلب المصروفين من الخدمة من حقهم في التقاضي وهو ما ضمنه دستور البلاد. عدت من ليبيا وأعدت قيدي محامياً، ثم اعتقلت خارج القانون كما أسلفت.

– حصلت على عدة أحكام قضائية على بعض الوزارات، ولكن تم رفض تنفيذها، فتوجهت إلى مجلس الشعب وقدمت مذكرتين متتاليتين في هذا الصدد طالبت فيهما باستجواب الوزراء ومن ثم بتنفيذ الأحكام، ولكني لم أتلق أي جواب بينما أصدرا إدارة الفتوى في وزارة العدل شورة قضت بحماية الوزراء من الملاحقة بداعي أنها محصورة برئيس الجمهورية وهذا عين الخطأ.

– حصلت على أحكام من المحكمة الشرعية بتثبيت زواج وإشهار إسلام، إلا أنني صدمت بأن هناك تعليمات وبلاغات تمنع ذلك، وبرغم أن وزارة العدل قد أمتنعت بوجوب تعديل قيود الأحوال المدنية استناداً للأحكام إلا أنني لم أفلح.. فما العمل؟

– دخل مكتبي شخص اسمه عبد الله أحمد محمد وروى لي قصة عجيبة، زعم أنه اعتقل من قبل الأمن السياسي- في الفيحاء- وأقتيد إليهم من داره معصوب العينين،وبعد نحو عشرة أيام أكره على التوقيع على أوراق لا يعلم محتواها،ثم أفرج عنه ،وطلب إليه معتقلوه أن ينسى أن له داراً في المزه فيلات شرقية،وإذا كان يريد الأثاث فبإمكانه الحصول عليه000 طبعاً شيء غاية في الغرابة.
نظم لي المذكور وكالة ،فأبرقت إلى وزير الداخلية وإلى رئيس الأمن السياسي آنذاك اللواء غازي كنعان.
بعد أيام استدعيت الموكل للمثول أمام غازي كنعان وبعد التحقيق عاد الموكل إلى داره ، ولكن تبين فيما بعد أن عقداً مزوراً مضى بيعه للدار لشخص آخر، وتم تبليغه بالصحف وصدر الحكم بنقل ملكية الدار للشاري المزور ثم حكم آخر بنقل الملكية لشخص ثالث.
دخلت القضاء الجزائي عن الموكل مدعياً وحصلت على أحكام بإلغاء كل ما تم وعادت الملكية للموكل، ولكن بعد نحو أكثر من عام طرق شخص على الموكل باب داره وما أن فتحه حتى أطلق على الطارق النار فأصابه في وجهه وكسرت فكه،وقيدت القصة ضد مجهول. في شباط من العام الحالي تم توقيف الموكل ثانية بسبب بيعه داره في المزه إلى الدكتور هيثم أباظة وألزم طرفاً لقضية بإلغائه بالقوة برغم وجود أمر عرفي بالمصادرة ، فلجأت إلى القضاء الإداري.

– منذ نحو سنتين طوقت عناصر ما يسمى “مكافحة الإرهاب” مبنى في السيدة زينب يعود لآل “الشقير” واعتقل رب الأسرة البالغ سبعين عاماً وبعض عائلته وزج بهم في سجن المخابرات العامة في كفرسوسة،واستمر الحصار أسبوعاً واستطاعت ابنه المعتقل من توجيه نداء للرئيس فتم فك الحصار،وأفرج عن المعتقلين.
تبين أن جريدة الوطن كتبت خبراً عن القضية لم يكن صحيحاً وعندما أفرج عن رب الأسرة راجعني وبيده الصحيفة،ثم نظم لي وكالة،أرسلت بموجبها رسالة إلى رئيس تحرير الصحيفة طالبته بتصحيح الخبر،إلا وأنني في اليوم التالي فوجئت باتصال هاتفي من شخص زعم أنه العميد “زهير حمد” من فرع المعلوماتية في أمن الدولة،وطلب إلي أن اجتمع به،وبعد جدل أزعنت له فأرسل لي سيارة مرسيدس أحضرتني إليه في كفرسوسة وهناك سألني عما بيني وبين جريدة الوطن،فعجبت من سؤاله وهي صحيفة مستقلة كم هو واضح على صحيفتها ثم عمد لتهديدي بكلام واضح أن علي عدم متابعة القضية.
أرسلت بتلك الورقة رسالة إلى اللواء هشام الأختيار رئيس مكتب الأمن القومي أرفقتها برسالتي إلى جريدة الوطن كما أرسلت مثل ذلك إلى نقيب المحامين وإلى رئيس الجمهورية.
فوجئت بدخول الموكل إلى مكتبي وهو خائف وطلب إلي عدم استعمال الوكالة وأعادتها إليه،وقال لي بالحرف أنه يخاف من تصفيته هو وأسرته. -مضى علي أكثر من خمس سنوات وأنا ممنوع من السفر وقد سطرت في ذلك رسالتين إلى رئيس الجمهورية وإلى وزير الداخلية،وإلى الهجرة والجوازات،كما قابلت وزير الداخلية الذي أعلمني أنه أحال طلبي إلى الشعب السياسية وحتى الآن ليس لدي أي جواب على أية رسالة.

– في آذار 2006 سطر وزير الخارجية فاروق الشرع إلى رئيس مكتب الأمن القومي رسالة لاتخاذ الإجراءات بالسماح لي بالسفر للحصول على جائزة من إحدى المؤسسات الهولندية، كما اتصلت هاتفياً باللواء هشام الأختيار وطالبته بإلغاء منع السفر،كل ذلك لم يجد نفعاً،وحيل بيني وبين عملي.
ثم طوق مكتبي عدة مرات وقطع المرور من الشارع الذي يقع فيه، وتم الاعتداء على النوافذ فكسرت وعلى الباب فوضع عليه روث الحيوانات إلخ .

– في الاعتقال:
على الساعة الثانية ظهراً خرجت من مكتبي يوم 14/10/2009 لأتوجه بسيارتي عائداً إلى داري ،فوجئت بسيارة تقف إلى جانب سيارتي وخرج منها ثلاث رجال ودفعوني بالقوة والشدة لأدخل السيارة التي كانوا فيها دون أن يدعوا لي وقتاً حتى لأضع حاجياتي في السيارة ورفضوا الإفصاح عن هويتهم ووجهتهم ثم اقتادوني باتجاه جسر فكتوريا وحين جاءتني مكالمة على جوالي صادروه مني ولم يتركوني أجيب على المكالمة ثم توجهوا صعوداً باتجاه محطة الحجاز ثم إلى كفرسوسة”إدارة المخابرات”وهناك واجهت اللواد زهير حمد الذي استجوابني كمتهم وبجواره كان يوجد شخص أشيب وآخر ينادونه دكتور والذي حاول أخافتي وكان محور الحديث هو مقابلة لي مع قناة بردى الفضائية ثم بعض المقالات ،دون حضور مندوب النقابة ثم أنزلني مدير السجن المدعو(أبو رائد)الذي قال لي ستخرج غداً فليس عليك شيء ، إلا أنني بقيت محتجزاً حتى يوم الاثنين 19/10/2009 حيث تم اقتيادي إلى القضاء العسكري،ولعدم وجود وقت لدى ممثل النيابة وضرورة حضور ممثل النقابة فقد احتجزت في فرع الشرطة العسكرية لمدة ليلتين بوضع بالغ السوء ولا يمكن وصفه.

حتى هذا التاريخ لم يكن أحد ولا أهلي يعلمون بمكان وجودي ،وفي يوم الأربعاء 21/10/2009 تم استجوابي من قبل ممثل النيابة العامة العسكرية الذي أصدر مذكرة توقيف بحقي شاملة نسبت جرائم لي دون أن تتحقق منها ، وبالتالي توقيفي غير قانوني لا شكلاً ولا موضوعاً.

ففي الشكل: تم اختطافي بالقوة كما قدمت ويشكل اختطاف العصابات دون أية مذكرة أو تبليغ مسبق وتم تغييبي عن العالم أسبوعاً دون أن تعلم أسرتي مكان وجودي.

وفي الموضوع: فإن جميع ما أسند إلي لا يعدو أكثر من حرية التعبير عن الرأي وكل ما يحويه الملف هو مقالات ومقابلات صحفية وبالتالي فلا يخشى على سلامة التحقيق من متابعته والمحاكمة طليقاً إذا كان ثمة موجب،فضلاً عن أن الاعتقال لم يكن في حالة ما يسمى “الجرم المشهود” ،إلا إذا كان هناك ثمة هدف بالإساءة إلي.

إلا أن الأمر الأغرب حقاً هو أن يتجه القاضي(نيابة وتحقيقاً)إلى إسباغ الشرعية على توقيفي بإصدار مذكرة التوقيف،في حين أن الأصل في القضاء أن يحمي المواطن من عسف السلطة التنفيذية،لا أن يذعنها لمطاليبها.
فالقضاء هو العين الساهرة على تحقيق العدالة وحسن تطبيق القانون، أما في هذه القضية فقد انحرف ممثل النيابة والتحقيق عن مساره الصحيح حتى شرعن التوقيف .

لقد كان لي دور بارز في الكثير من القضايا الوطنية ومن أهمها أخماد الفتنة التي كانت تطل برأسها يف أحداث القامشلي منذ نحو أربعة سنين، فيها تركت مكتبي وأعدت المتظاهرين الأكراد إلى بيوتهم في دمر ثم توجهت إلى القامشلي حيث حللت مع أصدقاء لي في وقوع فتنة بين الاثنيان هناك، وكل ذلك بمعرفة اللواءين سعيد بخيتان وهشام الأختيار،وما كنت في يوم من الأيام أتوقع أن يكون جزائي الاعتقال على الصورة التي تم فيها.

عقب الحرب العالمية الثانية شكى مسؤولون إلى رئيس الوزراء ومسنون تشرشل الفساد، فسألهم عن القضاء وحين علم بأنه لم يطله الفساد قال (كل يحصل في القضاء على حقه.)
حين ولي الخليفة عمر بن الخطاب أمر المسلمين خطب وقال (أن أحسنت فأعينوني وأن أسأت فقوموني) فقام إليه من المسجد وقال له (لو رأينا فيك أعوجاجاً لقومناك بحد سيوفنا.)

وقال تعالى:(وإذا قلت فإعدلوا ولو كان ذا قربى) و(ولا يجرمنكم شنآن قوم أن تعدلوا ،اعدلوا هو أقرب للتقوى.)

– في عام 1962 زار خالد العظم مدينة درعا فرماه المتظاهرون ناصريون ومعنيون بالبيض والبندورة ،وتحول لباسه الأبيض الذي كان قد اعتاد أن يلبسه إلى ملطخ بالألوان،وفي عودته إلى دمشق، توقف في الصنمين وهتف إلى المحافظ وأمر بإطلاق سراح من اعتقلهم،وقال :( سأحاربهم بالديمقراطية). –
وفي جلسة أثناء الاحتفال بيوم الجيش في الأربعينات ألقى الشاعر عمر أبو ريشة قصيدة قال بها:
إن أرحام البغايا لم تلد مجرماً في شكل جميل مردم وكان هذا رئيساً للوزراء فلم يعتقل الشاعر ومضت الحفلة منتهاها .

الخاتمة:
لقد حاولت الحوار مع السلطة ومددت يدي فالتقيت كلاً من:
– وزير العدل عدة مرات. – وزير الداخلية عدة مرات. – وزير الخارجية . – وزير الثقافة. – وزيرة المغتربين السيدة بثينة شعبان. وراسلت الوزراء الرئيسيين : – وزير الداخلية. – وزير الدفاع. – وزير التربية. – وزير التعليم العالي. – وزير العدل.
بمذكرات طالبت فيها بنشر ثقافة حقوق الإنسان ومنع التعذيب.
وألتقيت بقيادة أمنيين أمثال اللواءين سعيد بخيتان وهشام الأختيار وغيرهما فماذا كانت النتيجة؟!
أود أن أقول أخيراً أنه لم يسبق أن اعتقل شخص مثلي على أبواب الثمانين من عمره من أجل آرائه وأفكاره، مقالات ومقابلات إذاعية وتلفزيونية، وهل يمكن أن يهدد السلطة كلام كالذي يحويه الملف. ؟
ما كنت أحسبني أبقى إلى زمن يسئ لي في حمد وهو محمود

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق