زملاء

محمد الأمين: رحيل الطاهر وطار … رائد الرواية العربية في الجزائر

  • ينحدر وطار من أسرة بربرية من شرق الجزائر- و كان عضوا في حزبجبهة التحرير الوطني، ويُعرف عنه اعتراضه على قرار إلغاء نتائج انتخابات 1992 التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامي. وهو القرار الذي أدخل البلاد في دوامة من العنف الأهلي طوال عقد التسعينيات، الذي راح ضحيته عشرات الآلاف.

توفي الروائي الجزائري الطاهر وطار مساء الخميس في الجزائر العاصمة اثر مرض عضال عن عمر يناهز 74 سنة حسبما أوردت وكالة الأنباء الجزائرية استنادا إلى أقاربه. ويعتبر الطاهر وطار رائد الرواية العربية في الجزائر. وحظي بشهرة واسعة، ليس على الصعيدين الجزائري والعربي فحسب، بل على الصعيد العالمي، إذ ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الحية، منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والبرتغالية والفيتنامية واليونانية والأوزبكستانية والآذرية.

ونال الطاهر وطار جوائز أدبية عدة، كان آخرها جائزة الرواية لمؤسسة سلطان العويس الثقافية في العام 2009.

لا يكتب من البرج العاجي
عن مكانة الطاهر وطار في الثقافة الجزائرية قال الكاتب والمفكر الجزائري أمين الزاوي في حديث للقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية:
“أعتقد أن رحيل الطاهر وطار يخلف فراغا كبيرا ليس في الكتابة وإنما في الحياة الثقافية، فلم يكن كاتبا يكتب من برجه العاجي وإنما كان منشطا للوسط الثقافي وعلى مستوى الحوارات الثقافية.”

أسس الطاهر وطار الجمعية الجاحظية نهاية الثمانينات. وتفرغ في السنوات الأخيرة من حياته للعمل الثقافي ضمن هذا المشروع الذي كان يسعى إلى أن يمكون منبراً للحوار بين جميع أطياف الثقافة الجزائرية. عن هذا المشروع قال الزاوي “أسس الطاهر وطار الجاحظية مع مجموعة من الكتاب والأدباء من بينهم شهداء من شهداء الثقافة الجزائرية هم الروائي الجزائري الكبير الطاهر جاووت والشاعر والأستاذ الجامعي يوسف سبتي وبختي بن عودة، وفي انطلاقتها الرئيسية جمعت هذه الجمعية المثقفين المعربين والمفرنسين، وكانت مجالا حيويا للحوار الثقافي والفكري والأدبي وكانت فضاء العقل في الثقافة الجزائرية حتى مطلع العام 2000، وكان دور وطار كبيرا في هذه الجمعية، فكان يجمع بين مختلف الاتجاهات ليس من باب التنميط وإنما انطلاقا من الحرص على الاختلاف. إن شخصية الطاهر وطار لا تريدك أن تكون معه ومثله وإنما أن تكون معه ومختلفا عنه في الوقت نفسه.”

لا إكراه في الرأي
ولم يقتصر نشاط الطاهر وطار على المجال الأدبي، بل كان مشاركاً بشكل دائم في النقاش العام حول القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية في بلاده، وفي العالم العربي.. ودخل في سجالات مع أطراف عدة. وفي سنواته الأخيرة رفع شعاره المتميز: “لا إكراه في الرأي”. وعن المواقف السياسية والفكرية للكاتب الراحل قال المفكر أمين الزاوي، إن “وطار هو ابن النظام ولكنه كان دائما في هذه العلاقة على سجال واختلاف مع النظام، فاختلف مع الرئيس هواري بومدين فكتب رواية الزلزال في نقد مشروع الثورة الزراعية في السبعينات، واختلف مع الحزب الذي انتمى إليه أي حزب جبهة التحرير الوطني حينما كتب رواية “الزنجية والضابط”، وأعتقد أن الذين اختلفوا معه كانوا يحترمونه لأنه كان يحمل حاسة النقد دائماً، وكتب الطاهر وطار عن الإسلاميين وكان له موقف خاص منهم، وكان عروبيا دافع بشكل شرس عن موقع اللغة العربية في الجزائر دون أن يعني أنه كان ضد اللغة الفرنسية.”

الخصم المحرّض
عن علاقة الطاهر وطار بالرئيس الأسبق هواري بومدين يستذكر الزاوي لقاءً جمعه بالراحل الطاهر وطار بعد وفاة الرئيس بومدين واستفسر منه عن السبب في حزنه الكبير خصوصا وان وطار كان يعتبر الرئيس بومدين يشكل خصما رئيسيا له، وحسب الزاوي فقد أجاب الطاهر وطار:
“بفقدان بومدين فقدت من كان يحرضني على الكتابة، فقدت خصما كان محركا للغريزة الجمالية للكتابة”.

العنف الإسلامي
ويعتبر موقف الطاهر وطار من الجماعات الإسلامية في الجزائر، هو الاكثر إثارة للجدل، بسبب اختلافه الجذري في هذا الأمر مع مواقف أغلب المثقفين الجزائريين. فقد رفض الطاهر وطار تبني مصطلح الإرهاب مفضلاً مصطلح العنف والعنف المضاد، وهو ما اعتبره ناقدوه يتضمن تبريراً للعنف الذي ارتكبته الجماعات الإسلامية، وهو عنف لم يسلم منه حتى المثقفون الذين لم يبدر منهم أي موقف عدائي أو عنيف تجاه هذه الجماعات.

وعن هذا الموقف المثير للجدل يعتقد أمين الزاوي أن الطاهر وطار، وفي لحظة من لحظات صعود المد الإسلاموي بدأ في مغازلة هذا المد وهو واضح في روايته حول الولي الصالح، ولم يتخذ وطار مسافة بعيدة من الحدث تمكنه من قراءة الحدث بشكل جيد. ، ولا يستبعد الزاوي أن يكون الخوف سببا آخر لاتخاذ هذا الموقف، فتصفية بعض رموز الثقافة الجزائرية جعلت الطاهر وطار يلطف من الأجواء في علاقته بالإسلاميين رغم انه ظل شيوعي الفكر طوال حياته.

يقول الزاوي: “أعتقد أن مقولة العنف والعنف المضاد هي مقولة خاطئة لأن الإسلامويين كانوا دائما ضد الثقافة الديمقراطية وثقافة الحرية والاختلاف وهم يستعملون الديمقراطية حينما يكونون في موقع الضعف، ولكنهم يعتبرون الديمقراطية كفرا وضد الإسلام حينما يصلون إلى مواقع السلطة.”


  • الطاهر وطار في سطور
ولد رائد الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية الطاهر وطار في العام 1936.
من أشهر روايات الطاهر وطار رواية “اللاز” 1974، “الزلزال” “1974، “الحوات والقصر” 1975، و”عرس بغل” 1978، “العشق والموت فى زمن الحراشى” “قصيد فى التذلل” ورواية “الولي الطاهر يعود على مقامه الزكي” في العام 1999، ورواية “الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء” في العام 2005

تقرير: محمد الأمين- إذاعة هولندا العالمية/

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق