زملاء

أوضاع حقوق الإنسان في تونس:انتهاكات بالجملة وإضرابات جوع ونداءات حقوقية

يسعى هذا التقرير التلخيصي إلى رصد وضعية حقوق الإنسان خلال شهر أكتوبر 2010 في تونس اعتمادا على البيانات والبلاغات التي أصدرتها منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في تونس وخارجها وعموما تميز هذا الشهر بتواصل نسق الانتهاكات والتضييقات وشمولها لعدد كبير من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني وحاولنا في هذا التقرير تقسيم الانتهاكات والتضييقات إلى أنواع حتى تسهل عملية الدراسة والرصد والتحليل .

1 – المراقبة الأمنية للنشطاء الحقوقيين والنقابيين عرقلتهم أثناء السفر إلى الخارج :
تعرض خلال هذا الشهر عديد النشطاء والنقابيين إلى مراقبة أمنية لصيقة من ذلك ما تعرض له أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف الحقوقية التونسية بداية من 1 أكتوبر 2010 .
كما أن المراقبة الأمنية استهدفت أيضا الأستاذ عبد الرحمان الهذيلي عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعضو النقابة العامة للتعليم الثانوي و الأستاذ مسعود الرمضاني رئيس فرع القيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان , فيما تعرض نشطاء آخرون الى بعض التضييقات عند السفر مثل الناشط عبيد الخليفي الذي احتجز في مطار تونس لساعات طويلة ومنع في البداية من السفر إلى المغرب لحضور فعاليات ندوة حقوقية قبل ان يسمح له في الأخير بالسفر .
علما ان منظمات حقوقية عديدة أدانت هذه المراقبة الأمنية والتضييقات عند السفر وطالبت بوقفها فورا مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية ومنظمة حرية وإنصاف .
2 – تواصل سياسة الحجب والتضييق على المواقع الإعلامية والالكترونية :
تواصل الانغلاق الذي تعرفه الساحة الإعلامية وتواصل حجب المواقع الالكترونية والمدونات التي تحمل أراء مخالفة وحجب صفحات النشطاء على المواقع الاجتماعية مثل الفايس بوك ومن بين المواقع التي تم حجبها خلال شهر أكتوبر 2010 موقع المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية وذلك ساعات بعد إطلاقه رغم ان الموقع لا يحتوي على مواضيع ذات صبغة سياسية او معارضة للنظام وقد نددت بهذا الحجب غير المبرر عديد المنظمات الحقوقية مثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وايفاكس ( مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس ) والاتحاد العربي للصحافة الالكترونية .
3 – تونس عاصمة عالمية لإضرابات الجوع في أكتوبر :
تميز شهر اكتوبر 2010 بتعدد اضرابات الجوع التي خاضها نشطاء حقوقيون او سجناء راي او صحافيون وذلك دفاعا على حقوقهم أو رفضا للتضييقات الممارسة ضدهم وقد أطلق احد المواقع الالكترونية التونسية على ظاهرة إضرابات الجوع في تونس خلال هذا الشهر تسمية ” تونس عاصمة عالمية لإضرابات الجوع ” ومن اهم هذه الإضرابات نذكر
– وليد الرحيمي : هو سجين رأي سابق قضى 5 سنوات في السجن دخل في إضراب جوع يوم 9 اكتوبر 2010 بسبب المضايقات الأمنية التي يتعرض لها والمتمثلة أساسا في المراقبة الأمنية والحرمان من العمل .

– الصحفي الفاهم بوكدوس : هو سجين من سجناء الحوض المنجمي محكوم ب4 سنوات سجنا بسبب تغطيته الصحفية لإحداث الحوض المنجمي دخل في إضراب جوع منذ 08 / 10 / 2010 نتيجة المضايقات التي يتعرض لها داخل السجن .
– عبد اللطيف بوحجيلة هو سجين سياسي سابق دخل في إضراب جوع في 11 /10 / 2010 للمطالبة بحقه في جواز سفر ودفتر علاج .
– غزالة محمدي : ناشطة سياسية ونقابية طردت من العمل منذ سنتين على خلفية مساندتها لقضية الحوض المنجمي دخلت في إضراب جوع يوم 14 / 10 / 2010 للمطالبة بحقها في العودة الى سالف عملها .
– محمد العكروت : سجين سياسي سابق دخل في إضراب جوع يوم 14 / 10 / 2010 احتجاجا على المضايقات التي يتعرض لها منذ خروجه من السجن وحرمانه من جواز السفر .
عادة ما تنتهي إضرابات الجوع بعد تدخل نشطاء المجتمع المدني والضغط على المضرب عن الطعام حتى يفك إضرابه خوفا من تدهور حالته الصحية وأحيانا يتلقى المضرب عن الطعام وعودا من السلطة لإيجاد حلول لوضعيته .
4 – نداءات من منظمات وجمعيات حقوقية حول تونس
– نداء من اجل ان ينعم حمة الهمامي بحريته ويأمن على سلامته :
بعد مضي قرابة سنة على دخول الناشط السياسي حمة الهمامي مدير جريدة البديل المحظورة والناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي في السرية وجهت 7 منظمات حقوقية تونسية وهي المجلس الوطني للحريات بتونس ومرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع والودادية التونسية لقدماء المقاومين والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب والمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية ومنظمة حرية وإنصاف , نداء من اجل وقف كل التتبعات الكيدية التي تستهدف حمة الهمامي حتى ينعم بحريته ويأمن على سلامته .
– نداء من اجل إنهاء معاناة سجناء ومسرحي الحوض المنجمي :
وجهت قرابة 20 منظمة وجمعية حقوقية ونقابية من تونس والبحرين ومصر والمغرب والجزائر والسعودية واليمن والمانيا والنورفيج نداء من اجل إنهاء معاناة سجناء ومسرحي الحوض المنجمي وذلك بإطلاق سراح السجينين حسن بن عبد الله والفاهم بوكدوس ووقف كل التضييقات ضد المسرحين سابقا وإرجاعهم الى سالف أعمالهم ووقف استهداف النشطاء الذين ساندوا قضية الحوض المنجمي مثل الناشطتين غزالة محمدي وزكية الضيفاوي .
5 – هيومن رايتس ووتش : ” ثمن الاستقلالية اسكات النقابات العمالية والطلابية في تونس ”
قدمت منظّمة هيومن رايتس ووتش تقريرها الجديد حول تونس بعنوان “ثمن الاستقلالية: إسكات النقابات العمالية والطلابية في تونس” خلال ندوة صحفية أقيمت بتونس العاصمة يوم الخميس 21 أكتوبر 2010 بحضور عدد من الصحفيّين والوجوه الحقوقية بعد أن منعتها السلطة السنة الماضية من تقديم تقرير حقوقي.
هذا وقد جاء في التقرير المطول الذي احتوى على 62 صفحة انه بالرغم مما تلعبه النقابات في تونس من دور حاسم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلا انه رغم ذلك لا تزال السلطات التونسية تخضع هذه النقابات إلى نظام سيطرة وتضييق وذلك من خلال التدخل في عملها واضطهاد أعضاء النقابات المعارضين لسياساتها وحرمانهم من الصفة القانونية وقد قدم التقرير صورة موثقة عن الأساليب التي تستخدمها السلطة التونسية في قمع المعارضة داخل نقابات العمل والصحافة والطلبة ومن هذه الأساليب ضغط الحكومة التونسية وحلفائها على الصحفيين وخرق القوانين الداخلية المحلية للصحفيين التونسيين الشيء الذي أدى إلى إسقاط مكتب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين المنتخب ديمقراطيا والاستعاضة عنه بمكتب تنفيذي يتألف بالكامل من مقربين من الحكومة أومن حلفاء لها كما يشكل الاتحاد العام لطلبة تونس كما جاء في التقرير هدفا آخر للسلطة فقد قامت باعتقال عشرات من أعضاء الاتحاد وناشطيه وحجزهم بشكل تعسفي ولقد أكد الكثير منهم أنهم تعرضوا للتعذيب في فترة الحجز وأقيمت محاكمات غير عادلة خالية من أية ضمانات قانونية ثم صدرت أحكام قاسية في كثير من القضايا ضد الطلبة وذلك على اثر اتهامهم بالتعدي على القانون دون وجود أية أدلة تثبت ذلك غير أن السبب الحقيقي الذي يكمن وراء هذه المحاكمات هو تشبثهم بممارسة حقهم في حرية التعبير والتظاهر والتنظم والعمل النقابي . وقد حث التقرير الحكومة التونسية على السماح لمواطنيها بتكوين النقابات والجمعيات ذات الطابع الحقوقي أو النقابي والعمل ضمنها بدون تدخل الحكومة كما يضمن ذلك الدستور التونسي ومجلة الشغل وقانون الجمعيات كما دعا التقرير المجتمع الدولي وخصوصا الاتحاد الأوروبي إلى ضمان احترام تونس لحق مواطنيها في حرية التنظّم والتعبير وفق القانون الدولي

6 – بعد شهر حافل بالانتهاكات : اطلاق سراح الدكتور صادق شورو سجين العشريتين :
تم يوم 30 / 10 / 2010 إطلاق سراح الدكتور صاق شورو السجين السياسي الذي قضى قرابة عشريتين في السجن حيث وقع اعتقاله سنة 1991 في إطار المحاكمات التي شملت أنصار وأعضاء حركة النهضة الإسلامية وحكم عليه بالمؤبد ثم تم تخفيف الحكم عليه وإطلاق سراح لكن بعد مغادرته السجن أدلى بأحاديث صحفية حول ظروف اعتقاله وهو ما ادى الى محاكمته من جديد بعد 3 أسابيع فقط من إطلاق سراح وحكم عليه بسنة أخرى سجن قضاها كاملة .
رغم كل الانتهاكات والتضييقات يظل خبر إطلاق الدكتور صادق شورو حاملا لبعض الأمل في إنهاء كل التضييقات والانتهاكات وان المعاناة مهما تواصلت فان فجر الحرية قادم لمحالة.

محمد العيادي : زميل وناشط حقوقي – تونس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق