زملاء

شعلان شريف : عام على اختفاء الشابة السورية طلّ الملوحي

نشطت طل الملوحي في وقت مبكر من حياتها على شبكة الانترنت، حيث بدأت بنشر القصائد والخواطر. وأنشأت ثلاث مدونات الكترونية. الأولى كانت بعنوان “مدونتي” كانت تنشر فيها مقالات وقصائد تدور معظمها حول القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. وفي مدونة ثانية جمعت معلومات حول القرى الفلسطينية التي دمرت منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948. وفي المدونة الثالثة التي أسمتها “رسائل” كانت طل توجه “رسائل إلى الإنسان في هذا العالم” بلغ عددها 35 رسالة، تتحدث بأسلوب رومانسي عن المعاناة الإنسانية في العالم بسبب الفقر والكوارث والظلم.

يوم الاثنين السابع والعشرين من كانون الأول- ديسمبر أكملت الشابة السورية طلّ الملوحي عاماً كاملاً في السجن. بالرغم من الحملات الكثيفة التي شنتها المنظمات الحقوقية السورية في الخارج ومطالبات المنظمات الدولية بالإفراج عنها، أو تقديمها إلى محاكمة علنية، فإن طلّ البالغة من العمر 19 عاماً، لا تزال تقبع في السجن، دون توجيه تهم لها بشكل رسمي، ولا عرضها على القضاء حتى الآن.

وفيما يؤكد المتضامنون مع طلّ الملوحي أنها اعتقلت فقط بسبب ما كانت تنشره على مدونتها الالكترونية، وبسبب علاقاتها التي نسجتها عبر الشبكة، مع ناشطين سوريين، ومع أجانب، فإن السلطات السورية ووسائل الإعلام الرسمية لا تزال تلتزم الصمت بخصوص أسباب اعتقال الشابة الملوحي. لكن مواقع الكترونية معروفة بقربها من السلطات السورية قد نشرت معلومات قالت إنها حصلت عليها من الجهات الأمنية التي حققت مع طل الملوحي. وحسب هذه المواقع فإن طلّ الملوحي متهمة بالتخابر مع دولة أجنبية، وإعطاء معلومات لها أدت إلى تعرض عنصر أمن سوري لاعتداء في العاصمة المصرية القاهرة.

حمص والقاهرة والانترنت
كانت طلّ الملوحي، المولودة في حمص عام 1991، لا تزال تتابع دراستها الثانوية، حين قرر والدها عام 2007 مغادرة سوريا والانتقال مع الأسرة إلى العاصمة المصرية، لأسباب تتعلق بأعماله التجارية. وكانت طلّ تتردد على بلادها من حين لآخر، لإجراء الامتحانات الدراسية. وفي عام 2008 وهي في القاهرة انخرطت في معهد سرفانتس لتعلم اللغة الأسبانية. وفي صيف عام 2009، قررت الأسرة العودة إلى سوريا. وفي السادس والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 2009 تم استدعاء طلّ الملوحي إلى أحد الفروع الأمنية، وسافرت في اليوم التالي من محل سكناها حمص، إلى العاصمة دمشق بمفردها، لتنقطع أخبارها بعد ذلك. وتنقل المنظمات الحقوقية السورية في الخارج عن أسرة الملوحي، أن عناصر الأمن قد داهموا منزل الأسرة في حمص في اليوم التالي لاختفائها.

نشطت طل الملوحي في وقت مبكر من حياتها على شبكة الانترنت، حيث بدأت بنشر القصائد والخواطر. وأنشأت ثلاث مدونات الكترونية. الأولى كانت بعنوان “مدونتي” كانت تنشر فيها مقالات وقصائد تدور معظمها حول القضية الفلسطينية ومعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. وفي مدونة ثانية جمعت معلومات حول القرى الفلسطينية التي دمرت منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948. وفي المدونة الثالثة التي أسمتها “رسائل” كانت طل توجه “رسائل إلى الإنسان في هذا العالم” بلغ عددها 35 رسالة، تتحدث بأسلوب رومانسي عن المعاناة الإنسانية في العالم بسبب الفقر والكوارث والظلم.

استدعاءات سابقة
حسب سيرة طل الملوحي المستندة إلى ما نشرته الجمعيات والناشطون المتعاطفون معها، فإن استدعاءها من قبل الأمن السوري في كانون الأول 2009، لم يكن الأول. فقد استدعيت، حسب هذه المصادر، للمرة الأولى في عام 2006، أي حين كانت في الخامسة عشرة من العمر، بسبب نشرها رسالة مفتوحة على مدونتها موجهة إلى الرئيس السوري بشار الأسد تذكره فيها بتعهداته بتحقيق الانفتاح السياسي في البلاد. واستدعيت أيضاً أثناء إقامتها في القاهرة، إلى مقر السفارة السورية هناك للتحقيق معها، كما إنها تعرضت للتحقيق أثناء إحدى زياراتها لبلدها لأداء الامتحانات المدرسية عام 2008. وحسب هذه المصادر فإن عناصر الأمن كانت تحقق مع طلّ حول مضمون ما تنشره على الأنترنت، وعن الأشخاص السوريين المقيمين في الخارج، الذين تتواصل معهم عبر الانترنت.

جاسوسة
المواقع المحسوبة على السلطة السورية نشرت خلال الشهور الماضية روايتها لاعتقال طل الملوحي. وهذه القصة باختصار هي أن طل الملوحي لم تعتقل بسبب ما تنشره على الانترنت، بل بسبب كونها “جاسوسة” لصالح أجهزة مخابرات أجنبية. وتلمح هذه المواقع إلى علاقة عاطفية بين الشابة السورية، وشخص أجنبي أثناء إقامتها في القاهرة وأن هذا الأجنبي استغلها لاحقاً للحصول على معلومات حول السفارة السورية، وأجهزة الأمن السورية، وأنها كانت تتردد إلى السفارة في القاهرة للحصول على المعلومات المطلوبة. وتضيف هذه المواقع، التي تقول إنها اطلعت على محاضر التحقيقات الأمنية مع طلّ، أن المعلومات الجاسوسية التي قدمتها طلّ قد عرضت للخطر حياة أحد موظفي السفارة السورية في القاهرة.

نفت المنظمات الحقوقية السورية بشدة هذه الرواية، واعتبرتها تلفيقات لا أساس لها من الصحة. لكن الناشط السوري، والكاتب المسرحي الشاب، ثائر الناشف، الذي كانت تربطه صداقة وثيقة مع طلّ يقول، على موقعه الالكتروني، وفي لقاء أجرته معه قناة تلفزيونية سورية معارضة، إن هناك بالفعل عنصر أمن سوري تعرض للضرب في القاهرة، وأن اعتقال طلّ له بالفعل علاقة بهذا الحادث، لكن بتفسير آخر مختلف تماما عن التفسير الذي أوردته المواقع الالكترونية المعبرة عن رواية السلطات.

رواية الناشف
يقول الناشط والكاتب المسرحي ثائر الناشف إن الشخص المعني اسمه سامر الربـّوع، ويعمل في السفارة السورية في القاهرة بصفة ملحق عسكري. وحسب الناشف فإن الربوع هو الذي حقق مع طل الملوحي عند استدعائها إلى السفارة، وقد طلب منها التجسس على الناشطين السوريين الذين تتواصل معهم عبر شبكة الانترنت لكنها رفضت ذلك. ولاحقاً، بعد أربعة أشهر من عودة طلّ وأسرتها إلى سوريا، يضيف الناشف، حدثت مشكلة في أحد شوارع القاهرة بين الربوع وبين سيدة أمريكية، يبدو أنها ذات صفة دبلوماسية، انتبهت إلى أن الربوع يتعقبها، فتشاجرت معه واستدعت حراسها فضربه أحدهم بسكين على وجهه. يقول الناشف مضيفاً، دون أن يشير إلى مصادره، إن القضية حـُسمت بشكل دبلوماسي بين السفارتين السورية والأمريكية في القاهرة، ولم تحول إلى القضاء المصري، وأن السلطات السورية استدعت الربوع ليعود إلى دمشق بشكل عاجل.

حسب التفسير الذي يطرحه الكاتب المسرحي، والذي يقول عن علاقته بطلّ “أعرف طلّ مثلما أعرف أختي”، فإن سامر الربوع وبعد عودته إلى دمشق، وربما للدفاع عن نفسه أمام السلطات، برر حادث الضرب الذي تعرض له، بأنه جاء نتيجة معلومات عنه نقلتها الشابة طل إلى “جهة أجنبية”.

أيقونة
لا يبدو أي شيء أكيداً من بين جميع القصص التي تدور حول أسباب اعتقال الشابة التي لم تكمل عقدها الثاني بعد، والتي بدأت تتحول إلى أيقونة تمثل النضال من أجل الحريات والعدالة في سوريا، البلد الذي لا يزال من بين أكثر البلدان في المنطقة انغلاقاً سياسياً وحقوقياً، بعد عشرة أعوام من تولي الرئيس الشاب بشار الأسد مقاليد الحكم فيه، ووعود الإصلاح التي أطلقها. هذه الوعود التي لم يتحقق منها شيء، وفقاً للتقرير الذي أصدرته منظمة “هيومان رايتس ووتش” بمناسبة مرور عشر سنوات على وصول بشار الأسد للحكم.

تقرير: شعلان شريف- إذاعة هولندا العالمية

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق