زملاء

ديوان جديد للشاعر فواز قادري ” في الهواء الطلق “

صدر حديثا عن دار” الغاوون ” الديوان السادس للشاعر السوري فواز قادري تحت عنوان ” في الهواء الطلق ” ويقع الديوان بـــ 96 صفحة من الحجم المتوسط بطباعة انيقة وغلاف للفنان محمد قادري .

يهدي فواز قادري ديوانه الى الممثلة السورية فدوى سليمان التي اضحت كأبرز مناضلة سورية تصدرت المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري حيث يقول ” أهديك كتابي وأنا خجل منكِ يازهرة سورية وهل هناك مَن هو أجدر منك بالقصيدة و أجدر منكِ في هواء طلق “

سبق ونشر القادري نصوص ديوانه في عدد من الصحف والمواقع الثقافية اسوة بدواوينه الشعرية السابقة التي حملت العناوين التالية ” «وعول الدم »« ،)1992( بصمات جديدة لأصابع المطر « ،)1993( » لا يكفي الذي يكفي 2008( » (،«نهر بضفَّة واحدة 2009( » (. وصدر له لدى «دار الغاوون » ديوان «لم تأتِ الطيور كما وعدتكِ 2010( » فوّاز قادري من مواليد العام 1956 في دير الزور بسوريا ويقيم حالياً في ألمانيا
وقد خص موقع نشطاء الرأي مخطوط ديوانه الجديد ، هنا ننشر قسماً منــــــــــه . ،


هواء طلق

الحياة حديقة أرواح بلا أسوار

قصائد بقلوب فستقيَّة وثمر

رصيف لا يتذمَّر من المارة والمتسكِّعين

بحر لا يحزن على الغرقى

ولا على أمواجه

التي تكسَّرت على الرمال

شجر طلق

لا يستأذن

باستقبال العصافير التي ضاقت بأقفاصها

مقهى يعجُّ بغرباء

تسيل أدمعهم

وحنينهم

على الطاولات والمقاعد

 

 

خيل رهوانة

تلاعب الهواء إلى آخرها

صالات موسيقى وراقصون

لا يأبهون للأرض التي

ترقص تحت أقدامهم

صيف أعزب

لا يحسب نفسه على عائلة الفصول

قصيدة نثر

تُحرِّض على الشهوة والقُبَل

قلوبٌ تضرب مواعيدها على مرأى من الخريف

 

 

 

قصائد  جدا محاباة   

أيها الشاعر

أنت إنسان مُحابٍ

لولا أنك بالغتَ في المديح

لما ارتفعت السماء هكذا.

 

ابتسامة

 

أعيادي وزَّعتُها بالتساوي

بين الصباح والمرأة والعصفور

وبقيتُ وحيداً على الرصيف

بانتظار

أن تسقط ابتسامة على وجهي

من شفاه المارّة.

 

ضوضاء

 

شكراً للنافذة التي

منحتني شيئاً

من هذه الضوضاء

لأشعر أني ما زلت

على قيد هذه المجنونة

التي يُسمُّونها الحياة.

 

سقوط

 

الخلل ليس في دوران الأرض

أنتَ قبل أن تهوي

كنت مصرّاً

على أن تبقى في الأعلى.

 

قوس قزح

 

هذه يدي

وهذه يدكِ

عندما تلتقيان

لا بدَّ أن

يُولد في الافق

قوس قزح خنثى.

 

قصَّة

 

الأسرار والقصائد والقُبَل

التي بيننا

بيضاء بيضاء

فخبِّئيها

لأيام فراق سوداء قادمة.

سؤال

 

في بلادي

يُقيم على راحته الجوع

رغم أن هناك الكثير

من الأمطار على الورق

لكن المشكلة

لم تعد الأرض

تتعامل بالشيكات

فما العمل؟

 

سرقة

 

اكتشفتُ كم السرقة لذيذة،

لفعل الشعر

سرقتُ قلماً

وشكرتُ الصدفة التي

جعلتْ جليسي في الترام

يسهو.

 

دوائر

 

بمجدافَين مكسورَين

حرَّكتُ بحيرة الضوء

في داخلي

دوائر دوائر

وفقاعات ملساء

رسمتُ مساري

باتجاه حلكة صارخة في

أنحاء الكون.

 

نجاة

 

هل تبقين بجانبي

لنفتح كلَّما قرع أحدٌ

أبوابَ النجاة؟

 

معلِّم

إلى رمضان سعيد

 

سقط عصفور رضيع

في فنجان الشاي

سقطت وردةُ أناي في الهاوية

وكنتَ معي

بلا يدَيك ولا فمك

فلم تسأل العصفور

عن زغب جناحَيه

ولم تسأل الأشجار

عن تساقط أوراقها في الربيع

عتباك يا معلمي

أعد الفصول إلى حليبها

وأعد الأغاني والسقسقة

إلى فم بلدنا الحزين

عتباك فزَّزتَ سكينة المكان

وطيّرتَ أسراب طيور للبكاء.

 

أزهار

 

تعتنين بأزهار الشرفة

وبالتي على حواف الشبابيك

وبالصناعيّ منها

بالأولاد

بالمقاعد والملابس والأحذية والطعام

ولا تُعيرين اهتماماً

لأزهار أيامنا التي

على وشك!

 

فارق

 

هناك فارق لا يُذكر

بين وجهتَي نظر:

القاتل والقتيل

فالضحية تكتفي

بهزِّ الرأس فقط!

عدالة

 

ورود تحترق

لا لتضيء أكثر من الشموع

أعمار تنُتهَب

في الحروب

وفي متاهات المنافي

 

طفولة

ينتثر دمع أحلامها

على صحن طعامها الفارغ

وعلى ضحك ألعابها في الغيب.

أنا خَجِلٌ من صمتك يا الله

فلا طاقة لدينا

لننتظر عدالتك في الآخرة.

 

تعبٌ

 

أعرف أننا تعبنا

وفاضت غربتنا على الأصقاع

احتمليني قليلاً

لتنتهي هذه الغصَّة العالقة في الحلق

أعرف أني منذ أيام لم أسقِ

كعادتي

زهر شفتَيكِ بالقُبَل

 

وطن

 

أيها المنهار

ثق لم يكن بيدي

بكلمات طيِّبة

وبأحلام ترفرف طوال الوقت

رتقتُ فتوقك، ورمَّمتُ هنا شقَّاً فيك

وهناك فتحتُ نافذة لتتنفَّس

لكنَّ عصفاً كان أقوى

غاشماً

يمشي على إثره زلزال.

 

 

 

أبواب

على كل باب قرعتُ

على كل باب

لم يقل أحدٌ: ادخلْ

ادخلْ يا غريب

على كل منعطف

تركتُ أثراً منِّي

حفنة من الدمع

وبعضاً من نيَّتي البيضاء

وحين استنفدتُ الأبواب جميعها

عبس الشارع في وجهي

ونامت الأضواء على جوع

فمشيت على أربع

في وحشة الليل.

أنتِ

 

أيادٍ ودموع ومناديل

محطات وحقائب ومسافرون

قُبَل وعناقات

وابتسامات لا يُعتمد عليها

أصدقاء ومعارف ومصافحات

أصوات ضجيج وزحام

مقاعد لا تُصدِّق أن ترتاح قليلاً

لافتات تدلُّ إلى كل اتِّجاه

باقات ورد ولهفات شاخصة في العيون

انتظار، قلق لذيذ ومؤذٍ

حزن لا يقبل الشفاعة.

لم ينتبه أحد

إلى ما ينقص هذا الوداع

ليكون حزيناً

ينقصه: أنتِ… أنتِ فقط.

غناء

 

كان غناؤكِ

قرعَ ضحكات طفل فرح

على أبواب روحي

صار جرحاً يتنكَّر

بهيئة ابتسامة

حزيناً لا أقوى على احتماله

من فضلكِ لا تصمتي

ولكن غيِّريه… غيِّريه

كي فرحاً… فرحاً أبكي.

 

أوراق

 

أعدّ الأوارق البيضاء التي في حوزتي

واحدة لقصيدة حبٍّ تأخَّرتْ

وأخرى لقصيدة البكاء

التي ستشبه قصائد أخرى

وأخرى للحياة التي أكتشف مفاتنها

كل يوم

وأُصاب بالدهشة

وأخرى لطفلي الذي

لم أكتب عنه شيئاً بعد

رغم امتلائه بالفرح والمشاكسة

وأخرى لصبيَّة

أتعمَّد أن أنسى عمري

كلما التقيتها

قبل أن أُصاب بالخجل

وأخرى وأخرى

يا إلهي

كم أحتاج إلى المزيد من الأوراق؟

في الظل

 

لمَ تقف في الظلِّ

وأنت جئتَ لتتنفَّس

أي خوف لك؟

لا عجاج هنا ولا مُخبرين

ولا شمسك التي بمخالب

ومن ثمّ ألا تشمُّ

رائحة العفونة من حولك

في الكلام وفي الكتابة

وفي الصداقات المخاتلة.

تماماً تحت سمتها قف

لتنبت لروحك المريضة

أجنحة وتُحلِّق.

 

مفاجأة

 

هل تفاجأتَ بإغلاق هذا المدى

كما تفاجأت الطيور

وهي تقفز على قدم واحدة

وتنظر بحسرة إلى البعيد

وهل تفاجأ الشارعُ

المطلُّ على مقبرة

يتكاثر زوَّارها

وهو يمسح بتكلُّف

أثر دمعة عنيدة

وهل تفاجأ الأطفال

بألعابهم التي كفَّتْ عن اللعب

وهل تفاجأ التراب

بعد موت المطر

باستطاعته الغريبة على الطيران

ورغم كل هذا

لم تتفاجأ الحياة

وهي تراني ماشياً

إلى موعدها بهمَّة عالية.

 

 

استسلام

أُواريكِ منِّي

حتى لا تراكِ سهامي

كلّ مرَّة أُصوِّب على الفراغ

فيسيل دمكِ المحب على الأصابع

أطعنكِ بلهفتي

حتى يصرخ الألم

وحتى يجثو شوقي أمامكِ

طالباً الرحمة من الأمل

أُواريكِ…

لأراكِ جليَّة في الخلايا

لا مفرَّ منكِ أرفع رايتي البيضاء

وأُلقي على قلبكِ السلام.

 

توفير

لا تحزني يا امرأة

على خسائرنا الكثيرة

افتحي حصّالة العمر

لدينا ينابيع غزيرة

عاطلة عن العمل

ومشاوير عديدة

أضعناها في الطريق

لدينا حدائق خائفة على البراعم

وأصدقاء كثر

يعلقون صورنا القديمة

على حيطان القلوب

حياة ما زالت صالحة للاستخدام

قصائد حب صادقة

لم يكتشفها بعد

عشّاق هذا الزمان

انظري واحسبيها جيّداً

كم نحن أثرياء؟

 

وحشة

مكانها خال

سريرها الذي تنام عليه

دفء أنفاسها على الوسادة

ظلّ يديها وهي تسقيان ورد روحي

شييء منها لا يُرى

وحشة تنبض في المكان

وانا لا اعرف اين أضع رأسي

هنا أو هناك

على أحلام فقدت اتزانها

أتوسّل النوم الحرون

أرق يقلّب أحوالي كلّها

ولا يأتي الصباح

والليل ليس هو الليل.

 

يا شام

للماء طعم عرق هاطل

من كدح الأشجار

للخبز طعم جثة في مناحة

أُربّي وصاياي

كابن وحيد

كل شبر بالف نذر وقربان

وألوّن الرماديّ

تحت عينيك

بحليب وردة مفطومة

أطعم سهادك

صباحي الرائق

وألعنُ يا شام

هذا الليل الذي يلفّك ككفن أسود

 

مصافحة

في هذا الربيع

ذي الشمس اللّاهية

و صداعي القديم يستفزّني

تشترط العصافير علي

لعقد صداقة جديدة:

التخلي عن عبوسي الطويل

وأبلّل شفتي الجافتين

بدم الإبتسامات الحارة

ونسيان الغضون التي

تلهو وتمرح

على ملامحي

وتشترط فيما تشترط

تقبّل الأشياء

على علّاتها

مثلا ذبول ورود الأصدقاء

هنا وهناك

وانكسار ضحكاتهم قبل سماعها

كتابة الشعر ببساطة كاملة

كعشب يسفح اخضراره

ومثل غصون

لا أحد يراها تتململ

في شغاف الشجر

شرطها الأّوّل

رغم اصغائي الكامل إلى أنين الكائنات

أن أمدّ يدي هكذا بلطف

وأصافح الحياة.

 

كوابيس الشجر

الأخشاب رفات الشجر

والغيوم ساهية لا تحنو عليه

وأنا محتار بين أرواح تطفو

وجذور تلتاع من عطش جائر

هكذا لكلّ أغنية لوعتها

وللماء بشراه أينما يسيل

لم أنقل للماء عتبي يوماً

ولم ألُمْ أغنيّة

على فقر حالها

وللأيام لم أقل مرّة:

قفي على قدم واحدة

حتى أبوح بخوفي على الشجر

وعلى ملح الأرض

 

(وانا اكتب في حديقة، كاد كلب أبيض صغير أن يدخل عنوة إلى القصيدة )

أعرف للشجر طفولة

لا يتبرّأ منها

وللأخشاب كوابيس مناشير قاطعة

وذاكرة مخرّبة

لا تعي قرابتها

بورق الرسائل الأبيض

هل تحيا الأشجار؟

على أمل قصائد حبّ قد تُكتب

ولم تستشرفْ عصافيرها الحزينة

قسوة الحطابين

ولا العلاقة

بين الرماديّ والأخضر

فللأخشاب دموع لا تُذرف

وللحطابين قلوب لا تلين

فماذا يفعل الغناء الأعزل؟

مع شهوة البتر

وضعف حال القصيدة.

 

هنا تنتهي قصائد …جداً

بطيء هذا القطار

 

بطيء هذا القطار

والمشاعر تشكّل الجغرافية

على كيفها

هنا نهر

وهنا غابة تثبّت الافق من أكتافه

وانا ألْتمس عذراً من النوم

لكي اردّ على تحايا الأشجار

تحايا بلاد أعرفها ولاتعرفني

أُنادي كلّ طير باسمه

كلّ شجرة

باسم غابتها

أهتف بالطبيعة

يا أُمّ الأرامل واليتامى

أين فراتي؟

يا طيور أرى أجنحة

ولا أرى الفضاء

فكّري معي يا طيور

هل يستقيم فضاء بلا أجنحة؟

وهل أفقك مصاب بالكساح؟

وهل هذا ريشك؟

الذي يتساقط من ندائي

وهل لي

أن أعيد تشكيل السماء

على مزاجي

لامحو عنها الظلال.

 

لا أثر

لا أثر للمجنون بكِ

شهدت إشارات المرور

عبوره ساهياً

في حالتها الخضراء

شهدت العصافير

حواره مع العشب والشجر

قالت الحديقة

أربكني وجومه

وأحزنتني خطواته الذاهلة

شهد المساء

انكسار أقماره

على عتبات العتمة

شاهد رجل عابر

قدميه تختصمان

على الوجهة

والناس لم يلحظوا

انخطاف طيفه العابر.

 

نزق أنتَ من هذا العالم

 

نزق انتَ

وساكن هذا العالم الذي لم يتغيّرْ

ضع يدك في الماء ليحيا

أزحْ فمك عن النار قليلا

لتبرد أعصابك التي تغلي

قلّبْ الهواء في رئتيك ليتنفّس

أعد شيئاً من ضحك الأشجار

لتخفّف كآبة الغابة

حين تقول: أحبّكِ

لا تتلعثم

ولا تعرْاهتماماً للدمعة التي تنتظر دورها

كفاكَ ذرْفاً للشجن

شويتَ ما يكفي من الأيام

على وجع قلبك المتجمّر

أفردْ وجهكَ هكذا:

كأنّ كلّ ابتسامة

وكلّ كلمة طيبة

وكلّ تحيّة تسمعها

موجّهة إليك

وكل فم ينطق

يدعوك للفرح

لا تهتمّ لذاك العابس الكاذب

ولا للمخاتل الذي وشى بكَ

الى أقرب حزن عابر

ألا تعرف أن السماء؟

تتسع لطيور عديدة

والشمس أرحب

من بعض غيمات داكنة

والأزهارترقب

أصغر نقطة ضوء لتتفتّح

البحار لا تضيق بأسماكها

والأرض بأنهارها

والمراكب قد تتذمر

من الجهات المواربة

حين تسير عكس الريح

بدّل الهواء الذابل في رئتيك

وتنفّسْ أنت على اتساعك تنفّسْ

كأنّ أرواحاً كثيرة تختلج في

 

 

طارت العصافير من اللوحة

إلى ثريا الطفلة التي حرَّكت قلب العالم

بيدها التي لا تتحرَّك

طارت العصافير

وبقيت زقزقة حزينة على الأشجار

من لوحة إلى لوحة

تقافزت الألوان ضاحكة

حول شمس صغيرة

فتحت شبابيكها

على جهات خارج القاعة

أكانت شمس كازا؟

وردة حمراء

بيضاء صفراء خضراء

الرسَّامة الطفلة لا تعرف

أهميّة ما فعلته،

بربيعها العليل

وبيد مرتجفة الأحاسيس

مسحت العتمة من اللوحات

لكي لا أحزن أكثر

ولتخفي عن عيني

سواد البيضاء

صورتها التي لا يراها عابر مثلي

أعراس ومآتم شعبيّة

لهجات عسيرة

أثقلت بشجوها عليَّ

لم أرقص على مزمارها

ولكني تراقصتُ قلقاً

في مقعدي الضيِّق

خوفا من ألا تتَّسع الصالة للوحات

وألا تتَّسع البلاد

لغناء يدها الخرساء

ولا يتمدَّد

على موسيقاها الصامت

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق