زملاء

فدوى سليمان لـ”النهار”: الأسد يسقط هذا العام وعلى حزب الله إيضاح موقفه من النظام

لم يكن إقدام الفنانة فدوى سليمان على اعتلاء المنصة وسط الشارع أمام أهالي حمص ورفع يدها عالياً لتقول “الشعب يريد إسقاط النظام” مشهداً تمثيلياً، فهي لم تعتل هذه المرة خشبة المسرح لتلعب الأدوار إنما كانت تنضم إلى الثوار السوريين وتطلق صرخة كبتتها داخلها منذ الطفولة على رغم طائفتها العلوية ودعم أسرتها للرئيس السوري بشار الأسد.
حينذاك أدركت سليمان أن الموت أو الاعتقال أصبحا يلاحقانها، لتبدأ بلعب بطولة مسلسل واقعي جديد مع مطاردة الجيش السوري لها، لكنها استطاعت بمحبة الناس أن تخرج من سوريا بطريقة غير نظامية عبر حدود الأردن وتعيش اليوم في فرنسا لتكمل مسيرة الحرية بدور جديد وجزء آخر. وبانضمام سليمان وآخرين من الطائفة العلوية إلى الثورة ساعد في تعديل ما روجه البعض عن أن جميع العلويين يؤيدون النظام السوري، وأن الأمر ينحصر بحرب بين السنة والعلويين.

من ممثلة إلى ثائرة

ولدت سليمان في حلب، وكي تعمل في مجال التمثيل اضطرت إلى النزوح نحو دمشق، حيث شاركت في الكثير من المسرحيات، منها “بدون تعليق”، “بيت الدمى”، “صوت ماريا”، و”ميديا”، إلى الكثير من المسلسلات التلفزيونية كـ “يوميات أبو عنتر”، و”نساء صغيرات”.
لم تقتصر معارضة  سليمان على النظام فحسب، إنما كانت في عملها أيضا، حتى كانت تعارض المدراء وأصحاب الشركات وآلية العمل، وكان أصدقاؤها يحذرونها من أن لسانها الطليق سيخسرها عملها، لكنها تمسكت بالقول “حتى لو فقد الإنسان عمله، الأهم أن لا يخسر نفسه”.
“النهار” حاورت سليمان، التي أوضحت أنها “انضمت إلى الثورة لأنها “ثورة الشعب السوري بأكمله، ولأنني منذ طفولتي ضد الظلم والديكتاتوريات والترهيب والتشهير والقمع والإرهاب، ومع حرية الإنسان في التعبير والتفكير”، مذكرة بأنها “تنتمي إلى مؤسسة ثقافية هي المسرح، المعروف في العالم بأنه مؤثر وحر، وعلى المبدع أن يكون حراً ليبدع، في سوريا لم نستطع أن نبدع لغياب آلية تسمح لك بذلك”، وتقول: “أنا ضد اضطهاد الحيوانات، فكيف البشر”.
لم تنضم سليمان قبل الثورة إلى أي من الأحزاب التي وصفتها بـ”غير الفاعلة” ولا حتى حزب البعث بجناحه السوري، ولفتت إلى أنها “ليست ممثلة معروفة من سوريا، ولكن كنت من الأوائل في المعهد، وكان متنبأ أن أكون من النجمات في سوريا، وهو أمر لم يحصل لأنني أرفض العقلية الأنانية والثقافة السائدة وتنازلات يمكن أن يقدّمها الإنسان”.
وأوضحت أنها في فرنسا تخدم الثورة “بنقلها إلى الإعلام الغربي الصورة عن الثورة والثوار والمعارضين وطبيعتهم وما حصل في سوريا وما علينا أن نتجاوزه”، مضيفة: “أعمل في مجال الإغاثة وتوصيل المعونات إلى سوريا ودعم الحركات المدنية على الأرض في سوريا لتكون البديلة عن مؤسسات النظام الفاسدة”، وأكدت في الوقت ذاته أنها لا تمثل أحدا “بل أمثل نفسي على رغم أنني أشبه الشعب السوري إلا أنه يمثل نفسه بنفسه”.

فنانو النظام

تنتظر سليمان بشغف سقوط النظام، لأن بعده “سيحدث تغيير من الأرض حتى السماء في الدراما السورية”، لافتة إلى “بروز اللغة الجديدة الخاصة بالثورة والتفكير والإعلام الحر والصحافة الحرة وقول الإنسان كلمته مهما كانت وأينما كان بتعابير جميلة ورائعة، وبدء الفن والإبداع والثقافة شاء من شاء وأبى من أبى”.
وقالت: “اليوم ستسقط مع نظام بشار الأسد وأزلامه المؤسسات الثقافية والاقتصادية والإعلامية الفاسدة”، ودعت كل الفنانين الداعمين للنظام السوري إلى “الانتباه إلى أن التغيير أصبح موجوداً في العالم”، محذرة من أن “من لا يريد التغيير اليوم هو خارج الحياة الجديدة والتفاعل”.
وذكّرت بأن “نظام بشار الأسد ليس هو الوطني الوحيد، بحسب نظركم، بل كل السوريين، لأن الوطنية لا تقتصر بشخص أو نظام بل بشعب يحمل الصفات الوطنية، من الشمال إلى الجنوب وشرقه وغربه، والقادر على حماية السلم الأهلي وبناء الحضارة لأن رأس الهرم من كعب الهرم، فإذا كانت القاعدة فاسدة سيكون النظام فاسداً”.

أخطاء المجلس الوطني

لا تزال سليمان مصرّة على موقفها إزاء عمل “المجلس الوطني السوري”، فأوضحت أن عتبها على أعضاء المجلس “هو عدم اعترافهم بأخطائهم”، داعية أعضاء المجلس “إلى إعلان عدم جدارتهم أو توسيع مساحة المجلس لدخول أكبر عدد من النشطاء المهددة حياتهم ليغذّوا المجلس”.
أضافت: “كان على المجلس الوطني الإسراع بالحل السياسي، أعلم أن المسؤولية كبيرة، لكن كان عليه الارتقاء فوق أي شيء شخصي مقابل الإنسان الذي يموت في سوريا وحقن دماء السوريين”. وناشدت سليمان أعضاء المجلس “المشاركة في مخططاتهم ومشاريعهم لأننا رفضنا نظام غير شفاف ونريد آخر شفافاً نتعامل به بعضنا مع بعض، إما نقبل أو لا نقبل”.
وعن مخاوف تسلم الإسلاميين الحكم في سوريا، ذكّرت سليمان الجميع بأن “هذا الشعب الذي خرج في الشوارع لن يعود إلى منازله إن كان يرفض الحكم الإسلامي، بل سيسقطه كما أسقط أعلى الديكتاتوريات، من حافظ الأسد واستمراره بخلفه بشار الأسد”.

لا للتدخل العسكري

منذ بداية الأحداث حاول البعض ترويج فكرة أن الثورة السورية هي ضد طائفة العلويين، لكن سليمان أوضحت أن “هؤلاء توصلوا خلال الثورة إلى نتائج مختلفة عما يعتقدونه”، مشيرة إلى أن هذا الاعتقاد “زرعه نظام حافظ الأسد منذ مجزرة حماه، التي حمل عبأها كل السوريين وضمائرهم وشوّهت جزءاً منهم، وأتى بشار الأسد ولم يعتذر ولم يقلب هذه الصفحة ولم يقم بأي مصالحة وطنية مع الشعب السوري كي ينسى هذا التاريخ المرير، لا بل على العكس، أتى وقسّم سوريا”.
أكثر ما تطالب به سليمان هو عدم التدخل العسكري في سوريا، متمنية على الشعب السوري أن “يصل بنفسه إلى الحل لأنه شعب قادر على صناعة الحلول والخروج من الأزمات”، معربة عن خوفها “من دخول عسكري لدول الحلف الأطلسي لأننا سنصبح ساحة لاقتتال الدول على أراضينا أولاً، وثانياً قد يدفع الشعب السوري مرة أخرى ثمن التدخل العسكري بسقوط ضحايا، كما حدث في ليبيا عن طريق الخطأ”، وقالت: “لا نستطيع ان نتنبأ بما سيحدث، وقد نتخلص من نظام بشار الأسد سريعاً لكن التدخل قد يترك أثراً نحتاج بعده إلى عشرات السنين لننهض بسوريا من جديد”.
وأشارت إلى أنها “أولاً مع الحل السياسي، وثانياً مع عودة التظاهر السلمي إلى الشارع لإنهاء الأزمة، وثالثاً مع حق الدفاع عن النفس”، ودعت الجيش السوري الحر إلى “تنظيم كتائبه تحت قيادة هيئة أركان واحدة من كل الضباط الوطنيين السوريين، هذا أمر واقع، وعليهم ضبط صفوفهم وأن يكونوا قيادة عسكرية واحدة ويصدروا بياناً حقيقياً”، مطالبة المعارضة السورية “بدعم الجيش الحر بالمال، وفي هذه المرحلة سيقوم الجيش الحر بالدفاع وليس الهجوم”.

ضمير السيد نصر الله

لم تمر المقابلة مع سليمان من دون التطرق إلى “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصر الله، فقالت: “في مرحلة من المراحل، كل سوري من دون استثناء مهما اختلف انتماؤه الطائفي أو العرقي أو الاثني أو الديني، آمن بشدة بحزب الله، وكان يفتخر به ويرفع الرأس بأنه جابه وواجه إسرائيل، لكن اليوم على حزب الله أن يوضح موقفه بشكل علني وحقيقي من نظام بشار الأسد وما يحدث من مجازر”.
وقالت: “أسأل ضمير السيد حسن نصر الله وأحلّفه  هل يقبل حزب يتبع لله هذه المجازر التي ترتكب في حق الشعب السوري وأي شعب من شعوب العالم، وهل الإسلام يرضى بمجازر مماثلة حتى في الإسرائيليين، ونحن الذين نفتخر بأننا لا نقوم بأفعال غيرنا؟ داعية السيد نصر الله “ليكون اليوم قائداً مرة أخرى للشعب العربي وليس للشعب اللبناني وحزب الله فحسب، وأن يكون وطنياً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، أن يقف وقفة رجل حقيقي”.
وفي شأن المختطفين اللبنانيين، ذكرت سليمان العالم بأن هناك في هذه المرحلة “فلتاناً أمنياً في سوريا، ولكن ليس بالحجم الذي نتخيله”، ولاحظت أن “الناس اليوم تحكم وتضبط نفسها بنفسها، لكننا نريد الوصول إلى دولة قانون حتى نحكم باسم القانون والديموقراطية والسواسية”، لافتة إلى أنه “بعد هذا العنف الشديد من قبل النظام، لا بد أن تظهر ردود فعل لا يمكن ضبطها على كامل الشعب السوري”.
وتوقعت أن “تكون الأزمة السورية مع نهاية العام 2012 شارفت على الانتهاء بسقوط نظام بشار الأسد وصمود الشعب السوري وعودة التظاهرات السلمية والبدء بالتفاوض، عبر ضغط الأمم المتحدة ومجلس الأمن على بشار الأسد للجلوس على طاولة التفاوض وليس على طاولة الحوار، أي أن تكون السلطة سلمية من دون تدخل عسكري قد ينهي البنية التحتية في سوريا ويقودنا إلى مكان مجهول”.

محمد نمر

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق