زملاء

د. برهان غليون:الخروج نحو الحل ومهام قوى الثورة والمعارضة الجديدة

برهان غليونيحاول إعلام الأسد وحلفاؤه استغلال الاتفاق الروسي الأمريكي حول نزع الاسلحة الكيماوية السورية ليوحوا للرأي العام أن هذا الاتفاق قد قوى موقف الأسد ونظامه دوليا، وهو خطوة أولى على طريق إعادة تأهيله والعودة إلى التعامل معه. وهدف ذلك رفع معنويات قوات النظام وجمهوره وزعزعة ثقة الشعب السوري الثائر بمستقبل ثورته التي قدم فيها أغلى التضحيات.
1. إن ما حصل، بعكس ما يريد أبواق الأسد إشاعته، ليس صفقة وإنما هو استسلام مذل، وهزيمة منكرة لنظام ظل يتبجح خلال نصف قرن بامتلاكه سلاح الردع الاستراتيجي ضد اسرائيل، وإذ به يتخلى عنه بلمح البصر وقبل أن تطلق على جيوشه رصاصة واحدة، أملا بان ينقذه هذا التسليم من الهلاك.
2. إن تنازل الأسد، بمحض إرادته، ومن دون قيد أو شرط، عن السلاح الاستراتيجي الوحيد الذي كان يملكه، والذي كان يخيف الدول به، لن يعزز موقفه، ولكنه سيقرب اجله، لأن أكثر ما كانت الدول الغربية تخشاه هو احتمال استخدامه له. الآن لم يعد لديه أي سلاح مؤذ يمكنه من رفض ما يملى عليه. فهو الآن مجرد من السلاح أمام الدول الغربية وليس له خيار سوى الانصياع للتفاهم الذي سوف يفرضه الروس والأمريكيون عليه.
3.تخلي الأسد عن السلطة، الآن أم بعد أشهر، جزء جوهري من أي تفاهم لا بد أن يحصل في القريب، بعد أن أصبح رمزا لجرائم الأبادة الجماعية واستخدام الاسلحة الكيماوية في قمع الشعب والمدنيين، الأمر الذي لم يحصل في التاريخ.
4. لقد فتح نزع سلاح الاسد الكيماوي مرحلة جديدة هي الاعداد للخروج من الأزمة. وهذا الخروج لا يعني انتهاء الصراع، ولا انتصار الثورة، وإنما اتخاذ الصراع أشكالا جديدة، تسعي من خلالها جميع الأطراف، السورية والدولية والإقليمية، إلى أن يكون لها النصيب الأكبر في تشكيل النظام القادم. أما
أما بالنسبة لنا، نحن السوريين الذين حلمنا بنظام ديمقراطي يعبر عن إرادة الشعب بالفعل ويضمن حقوقه الأساسية، فالمهم والعاجل هو أن نفكر في الخطة والاستراتيجية التي تسمح لنا باستعادة قرارنا وبأن يكون لنا الدول الأول في تقرير مصيرنا، أي عدم السماح للآخرين أن يقرروا مستقبلنا في مكاننا. فهذا الدور ليس مضمونا ابدا، بل من الممكن، إذا لم نتفاهم على خطة عمل واضحة ومشتركة لاستعادة المبادرة، أن نخرج كليا من معركة تقرير مصير النظام، من دون دور مهم، بل من دون أن يسمح لنا حتى بالمشاركة في تقرير مصيرنا.
5. إن الدفاع عن حقنا في تقرير مصيرنا وعلى الأقل أن نكون الطرف الرئيسي فيه، معركة كبرى ومزدوجة، هي التي ينبغي أن تكون اليوم مركز اهتمامنا وتفكيرنا وعملنا.
فهي أولا معركة داخل صفوفنا، نحن السوريين، تستدعي منا العمل على توحيد قوانا وتنظيم أنفسنا وبلورة رؤية توحد شعبنا، مما يعني حتمية التخلي عن الطروحات الاقصائية، والمشاريع الفئوية، والمواقف المتشجنة تجاه بعضنا البعض.
وهي ثانيا معركة في مواجهة الأطراف الأخرى، وفي مقدمها النظام العدواني الذي يضع اليوم كل ثقله وطاقته كي يحسم الصراع في الميدان، ليفرض على الأطراف الدولية أن يكون شريكا أساسيا في الحل. ويستدعي هذا منا أن نعزز قدراتنا العسكرية، ونوسع دائرة تحالفاتنا الدولية، ونعيد توثيق العلاقة مع الدول التي تقدم المساعدة والدعم لنا، مهما كانت ملاحظاتنا على سلوكها أو على حجم هذه المساعدة.
ومن الواضح أن نجاحنا في تحقيق إنجازات كبيرة في المعركة الثانية مرتبط بنجاحنا في تحقيق إنجازات مهمة في معركة توحيد الصف والتفاهم حول عهد وطني جامع، والارتقاء بالعمل الميداني إلى المستوى الذي يسمح لنا بعزل النظام وتحجيمه، وقطع الطريق على أي قوة خارجية تأمل بأن تجعل منه شريكا لا يمكن تجاوزه في بناء أي نظام وطني قادم.
هنا يكمن، اليوم، محور الجهد. وهذا ما ينبغي أن يكون موضوع حوار شامل بين جميع القوى المعنية بتقصير أجل الصراع وبانتصار الثورة وتحقيق مطالب الشعب.

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق