زملاء

ضحـى حسـن : “داعش” من رحم النظام وإليه وقادتها خريّجو سجون الأسد

بيروت – “طلبوا هويّتي، سألوني إذا كنت أعمل مع الجيش السوري الحر أو المجلس العسكري”، قال المصوّر عبد الحكواتي، راوياً قصته يوم أوقفه رجلٌ ملثّم على الحاجز عند مدخل مدينة الرقّة السورية المحرّرة “مبدئياً”. تحدّث معه الرجل بلهجة عراقية: “لا يمكنك الدخول إلى الرقّة قبل الحصول على موافقة الأمير”!.

ويكمل الحكواتي حديثه: “بعد قليل جاءني ملثّم آخر سألني مع أي مؤسسة أعمل، وماهي القنوات الإعلامية التي أتواصل معها. أخذ منّي عنوان الشخص الذي سأذهب إليه في الرقة، وسبب زيارتي له، ثم منحني الإذن بالمرور. أحسستُ بأنني أدخلُ بلداً غريباً، أزوره لأول مرة، كأننا عدنا إلى أيام النظام السوري بكل استبداده وقمعه، لكن بشكل إسلامي متطرف”.

تمخّض عنف نظام الأسد في مولوده”داعش”، التي بسطت سيطرتها بصيغة عقائدية حدّها السيف على المناطق التي سمُيت يوماً بالمحررة. حمل الحكواتي كاميرته في بداية 2012 وبدأ بتصوير أفلام وثائقية قصيرة في منطقة الشمال السوري. “في الميادين بدير الزور، جاء رجل ملثم وشدّني من شعري وأخذ يشتمني ويهدّدني بالذبح، أدخلني إلى الهيئة الشرعية، حاول صديقي التدخل وقال لهم: نحن أولاد ثورة واحدة، فأجابه الملثم: أنا ما دخلني بكل ثورتك”.

ويتابع الحكواتي: “بعد أكثر من 5 ساعات تعرّضنا فيها للإهانة والتهديدات داخل المحكمة الشرعية، جاء أمير جبهة النصرة، ألقى نظرة على الصور التي التقطناها وذهب، تدخل المحامون الأحرار ومجلس المدينة وتم إطلاق سبيلنا. وقبل مدة أرسلوا لي تهديداً بقطع رأسي عن جسدي”.

منذ أيام أصدرت الدولة الإسلامية في الشام والعراق بالاتفاق مع الهيئة الشرعية بياناً تضمن جدول”المحرّمات” و”طرق القصاص والعقوبات” التي ستنال من كل من يخالف تعليماتها، بمن فيهم من يلقّب “داعش” بهذا الاسم.

“كافرة، علمانية، زنديقة، هي الكلمات التي وصفني بها عناصر “داعش” مع نعرة بالبندقية، أثناء مشاركتي في الاعتصامات، لم أخشَهم، كنتُ أقول لهم أنتم رجال النظام بلحية وقناع”. سعاد نوفل من أوائل الناشطين في محافظة الرقة قبل تحرير المدينة من جيش النظام السوري وبعده. عندما تتحدث إليك تشعر بقوتها وصدقها وعفويتها. “كنتُ أحمل الكرتونة كل يوم أكتب عليها ما حدث في اليوم السابق وأرفعها في وجه الملثمين”.

خرجت تظاهرات كثيرة رداً على قيام “داعش” بإنزال الصليب عن كنيستي سيدة البشارة وكنيسة الشهداء وإحراق محتوياتهما. فكان الردّ على هذه التظاهرت إطلاق النار عليها واعتقال المتظاهرين. “حملتُ كرتونة كنت رسمت عليها الهلال والصليب سوياً، وكتبت عليها “دولة الشرّ”. هجم علي شاب عمره 16 عاماً تقريباً تحدث بلهجة تونسية وقال: هذه الإمرأة تدافع عن بيوت الكفرة والنصارى، وهي كافرة مثلهم وحدُّها القتل، بعد ذلك جاءت سيارة فيها عدد من المسلحين التونسيين وأحاطوني، قاموا بتلقيم البنادق وتوجيهها نحوي”، أضافت نوفل.

في 29/9/2013 قُتل 15 طالباً من مدرسة التجارة في الرقة جراء قصفها بطيران النظام، تقول نوفل: “توجهت إلى مقر الدولة، وانهالت علي الشتائم من قبل التونسيين الملثمين. سحبوا اللافتةمن يدي، فهرعت مسرعة إلى بيت إحدى صديقاتي. اليوم أنا ملاحقة من قبل داعش التي هدر أميرها دمي، وهدد عائلتي. ما لا أفهمه لماذا يقصف النظام المدرسة ولم يقصف مراكز الأمن التي تتمركز فيها داعش وجبهة النصرة؟”.

أبحاث كثيرة وتقارير تفيد بأن سجون النظام هي البطن التي أطلقت معظم الإسلاميين المتطرفين الذين أصبحوا اليوم قادة “داعش” و”النصرة” وغيرهما.

يقول الناشط ماهر إسبر : “رأيت سجناء كانوا معي في سجن صيدنايا بمعظم الفيديوات التي نشرت على اليوتيوب منذ بداية ظهور جبهة النصرة، ومن ثم داعش والكتائب الإسلامية الأخرى”.

اعتقلت قوات النظام السوري ماهر إسبر في 2006، وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، قضى خمساً منها في سجن صيدنايا قبل أن يشمله العفو الرئاسي الذي صدر في بداية الثورة.

يؤكد إسبر أن “هناك شخصاً رأيته في فيديو مبايعة 14 عشيرة في الرقة لدولة الإسلام في العراق والشام، وهو كان ينام في السرير فوق سريري تماماً. لقد أطلق النظام سراح هؤلاء على الرغم من تورطهم بعمليات قتل حتى داخل السجن، وكل من رأيتهم أصبحوا جزءاً أو قادة لداعش مثل نديم بالوس، أو للنصرة مثل بهاء الباش، أو لجيش الاسلام مثل زهران علوش، أو حسان عبودلأحرار الشام، وأحمد عيسى الشيخ لألوية صقور الشام”.

ازدادت عمليات خطف النشطاء والإعلاميين والمصورين من قبل “داعش”، التي تسير على نهج النظام السوري باعتقال وقتل كل من يحمل الكاميرا، إذ خطفت في الآونة الأخيرة المصور زياد الحمصي بتاريخ 28/10/2013 في ريف الرقة.

زياد ناشط من دوما، والده معتقل في سجون النظام، ووالدته محاصرة في معضمية الشام بريف دمشق. أسماءٌ عديدة نشرت لإعلاميين وصحافيين اختفوا في المناطق المحررة ليكتشف لاحقاً أنهم في قبضة الدولة الإسلامية في الشام والعراق، مثل الصحافي عبيدة البطل وفريق الأورينت في إدلب وريفها، والصحافي اللبناني سمير كساب وفريق سكاي نيوز في حلب وغيرهم، ولم تتوقف داعش عند الخطف بل بدأت بتصفية الإعلاميين وكان آخرهم الصحافي محمد سعيد في حلب.

بتاريخ 14/8/2013 خُطِف الناشط المصوّر محمد نور مطر من مواليد 1993 في الرقة.يقول الصحافي عامر مطر، شقيق محمد نور: “خطفت داعش أخي للمرة الثانية، ولم نستطع الحصول على أية معلومات عنه حتى اللحظة، اختفى محمد نور خلال معركة الدولة الإسلامية في الشام والعراق مع “لواء أحفاد الرسول” في 14 آب الماضي بالرقة. وجدنا كاميرته متفحّمة في المكان ولا أثر له، حينها بحثنا في مشفى الرقة الوطني بعدما وصل نبأ وصول الجثث والأشلاء إليها، لكننا لم نجد شيئاً يدلنا إليه، ليصلنا بعد ذلك خبر وجوده في سجن داعش”.

محمد نور مطر، ناشط إعلامي من مدينة الرقة، صوّر العديد من الأفلام التي عرضت على قنوات التلفزة، منها فيلم قصير بعنوان “سقط الكابوس هنا”، وآخر بعنوان “أعرف قبري جيداً”،كما له فيلم قيد الإنجاز عن تحرير مدينة الرقة بعنوان: “جثة واحدة هناك”.

ضحـى حسـن

https://now.mmedia.me

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق