أحمد سليمان : عن أي جنرال نتحدث ؟
تداخل سرد الأحداث يشير إلى سنوات أسست لمرحلة دخول سوريا دوامة القمع والسجون والاحتقان وصولا الى الثورة
امهلت نفسي بعض الوقت كي اتعرف على آلية سيناريو “ابتسم أيها الجنرال” وضعت في الاعتبار ان المسلسل لم يكن انتقاديا وكذلك لا يسعى للمواجهة السياسية خصوصا انه يقوم بفعل محاكاة وقائع يعرف كثير من السوريين كواليس بعضها. وخلصت بأن النص الدرامي هنا اعتمد طريقة ( الكلمات المتقاطعة ) بوسع أي مشاهد منا يضع حلولا أو نقاط التقاء بالفراغات المتروكة عمدا من قبل الكاتب وربما الممثلون أيضا، بناء على ذلك يجب ألا يُطلب من المشاهد فهم الأحداث وكواليسها بأنها مطابقة لتلك التي جرت داخل قصور وبيوت عائلة الرئيس السوري السابق والدائرة المقربة منه.
الملاحظ بأن الشخصيات تؤدي أدوارًا تُعبر عن قصصٍ وأحداثٍ حصلت قديما. هذا التداخل في سرد الأحداث وفقًا لفترة حياة الرئيس ، ذلك يشير إلى سنوات أسست لمرحلة دخول سوريا دوامة القمع والإستبداد والسجون والاحتقان وصولا الى الإحتجاجات ثم الثورة وطريقة مواجهتها من قبل النظام بالعنف والقتل المباشر والدمار والتهجير القسري. بالتالي ان الهدف من تداخل الأحداث والقصص هو خلق تجربة مختلفة للمشاهد، بحيث يشعر من خلالها بأنه يعيش في عالمٍ متعدد الوجوه منها الواقعي والخيالي في بعض الأحيان.
الإشكالية في هذا العمل تتمثل في أن الصورة النمطية الشائعة لدى السوريين حول الأحداث التي جرت في الدائرة المقربة للرئيس السوري السابق هي صورةٌ نمطيةٌ تُشكلت عبر التسريبات الداخلية، حيث إنه لم يكن هناك وسائل إعلام حرةٌ في سوريا تنشر الحقائق.
من ناحية أخرى يجب التأكيد بأنه ليس مطلوب من كاتب النص الدرامي ينقل الواقع كما هو فحسب إنما يترتب عليه جعل شخصياته تتعارض وتتفق وتنتقد في آن معا ما يجعل المشاهد يكتشف البدائل او ربما يبحث عنها .
يبدو أن الشخصيات الرئيسية في العمل تلعب أدوارًا تُعبر عن قصصٍ وأحداثٍ نجدها في بعض الأحيان غريبة. بدت بعض مقاطع المسلسل كما لو أنها متناقضة من حيث واقعيتها لدرجة الالتباس، كأن “الرئيس السوري الحالي “عاش فترةً زمنيةً من الصراعات داخل السلطة بدلا من والده حافظ الأسد. وهذا ما لم يحدث بالطبع. خصوصا ان شخصيته أقرب الى المراهق الذي يحتاج إلى مراقبة صارمة ويتم توبيخه من قبل والدته كلما بعث برسالة لإبنة الجعفري مثلا.
ذلك ان المطبخ السياسي في النادي الرئاسي يحتاج إلى كفاءات وتميز ودبلوماسية وإمكان إدارة لشؤون البلاد ليس مجرد “بدلة” وضحك أهوج كيفما اتفق.
على الرغم من ذلك، فإن الاستنساخ او الاقتباس التسجيلي عن شيئ من الواقع في السيناريو يمكن أن يكون ضروريًا في بعض الأحيان، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأحداث التاريخية أو الحالات القانونية أو الاجتماعية. ولكن حتى في هذه الحالات، يجب على النص ان يحدث فرقا و يترك لدى المتلقي بصمته من خلال الأسلوب السردي والحوارات وتصوير الأحداث بطريقة فنية متقنة.
الكلام هنا ونحن ما زلنا في الثلث الأول من المسلسل، فهل يمهد الطريق عبر المقاربات على هامش اوسع ونشاهد ربطا مباشرا مع المسببات التي اشعلت شرارة الثورة السورية.
لنبتسم بدلا عن الجنرال.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.