عبدالكريم العبيد : مـــدونات ثائر – مدينة الرقة من الحراك السلمي الى العمل المسلح ووقوعها بفخ التطرف (1)
ينشر موقع نشطاء الرأي “ مـــدونات ثائر – مدينة الرقة من الحراك السلمي الى العمل المسلح ووقوعها بفخ التطرف “ المدونات كما كتبها المناضل عبدالكريم العبيد واسمه الحركي “ أبو محمد الفاروق “ بدون اي تدخل سوى التقديم والعنوان ، إيمانا منا بإهمية ما يرد من معلومات تفصيلية تحكي عن مقدمات التحرك السلمي في مدينة الرقة والذي فيما بعد تحول الى عمل مسلح ادى الى دحر قوات النظام لتقع المدينة بيد الثوار الذين سرعان ما انقسموا الى فريقين ، الأول يريد للمدينة ان تكون ذات طابع مدني متعدد لكل ابناء المحافظة ( كما هو معروف عن الطبيعة السورية ) الفريق الثاني يريد ان يعود بالمدينة الى عصور الهمجية مستخدما بذلك مسميات دينية يتم تطبيقها عن جهل وتأخر وخلاف للدين الذي يتنادون به .
1. الملك لله أملك محل برادي ومفروشات بشارع المنصور حالتي مستورة وعندي شقة بحارة الحرامية هي مو شقة ..ملحق بس حلو واجهته على الغربي أمامي حديقة كاسة الشاي والأركيلة ترد الروح أمامها …
بدأت المظاهرات في الرقة في حقيقة الأمر بالبداية لم أكن مع هذه المظاهرات ولم أخرج بها.. وخصوصاً عندما رأيت قسم من الشباب الصايعة هم يقودونها ومعروفون من قبل اهالي الرقة فقلت في نفسي إذا كانوا هؤلاء هم قادة المظاهرات فعلى الثورة السلام ..
لم أكن معارضاً ولم أكن مؤيداً وخصوصاً عندما أرى النظام يقصف في حمص ودرعا بالبداية
ليلة مقتل البابلسي …تغيير كبير في موقفي …
في هذه الليلة عندي سيارة ذهبت يوم الخميس على ما أذكر الساعة بعد التاسعة تقريباً
باتجاه حديقة الرشيد وإذا برجال أمن والغاز يملء شارع 23 شباط بعد الخضر وسماع صوت اطلاق رصاص وكان الطريق مقطوعاً فلفيت على اليسار ومن جنب صيدلية الخضر باتجاه حارة البياطرة وإذا بجمع كبير للشباب المتظاهرين وإذا بأحدهم يوقف سيارتي ويقول ..يا عمو عندنا جريح مشان تسعفوا .. ترجلت من السيارة وقلت هاتوا الجريح وواحد من أهلوا يروح معي ..طبعاً بدأ الهمس بين الشباب مين يعرفني فقال لهم أحد الواقفين أنني صاحب محل الخالدي للبرادي بشارع منصور .. المهم عاد الي الشاب الذي أوقفني وقال ..عموا شكراً الك الرصاصة زاحفة والعظم مو متضرر ما يحتاج الى اسعاف …
أدرت محرك السيارة وذهبت وأنا ارى الغضب في عيون الشباب بعد أن ركب شاب صغير لا يتجاوز العشرين بالسيارة..عمو وصلني الله يخليك ..طبعاً ركب بدون استإذان وكأنه يريد الخلاص والهروب من حارات البياطرة خوفاً من الأمن وبعد أن مشيت مسافة بدأ يبكي ..يا عمو ليش عم تبكي ..قال عمو شفتو لمن قتلوا كان رفيقي وتابع البكاء فكان ثاني شهيد بالرقة … علي البابلسي …بعد الشهيد عبدالله الرحيل من الكرامة الرقة ..
وكانت جنازة الشهيد علي البابنسي في اليوم الثاني التي قلبت الرقة رأس على عقب
ذهبت كالعادة الى محلي ولكن هذا اليوم لم يكن يوماً عادياً إنه يوم تشييع الشهيد علي البابنسي فأغلقت محلي وركبت سيارتي ومعي بعض رفاقي لنسير وراء جنازة الشهيد
زكانت جنازة حاشدة لم من اكبر المظاهرات التي خرجت بسوريا بعددها وغضبها على هذه العصابة التي قتلت بدم بارد ورود في مقتبل العمر …
دفنا الشهيد وفي طريق العودة ….
1. في طريق العودة بعد دفن الشهيد علي البابنسي كانت الحشود الكبيرة التي اجتمعت لأول مرة في هذه الكثافة الضخمة وكأنّ الفرات الصامت يفيض رجالاً غاضبة من قتل هذه العصابة لأبناءه …
صيحات الجموع تتصاعد والرقة تهتز على وقع خطى هذه الجموع والكل يصيح الى هبل أي الى الساحة التي فيها صنم المقبور حافظ ابو المجرم السفاح بشار ..
يريدون الانتقام لدماء هذا الشاب ولكن بالحقيقة بعد هذه السنوات من القبضة الأمنية والاستبداد توحدت الرقة بل سوريا لأول مرة منذ زمن طويل وكانت القلوب تصيح قبل الأصوات تتوق الى الحرية المنشودة …أه ه الحرية كل واحد فينا يفسرها حسب ما يأمل أن تكون …منهم يردون أن يمارسوا شعائرهم الدينية بدون أن يستدعيهم أبو جاسم الأمن العسكري أوغيره واخرين لايريدون الاستبداد وتحكم عائلة في الحكم ومعاملنتا نحن الشعب وكأننا عبيدهم ورثونا عن ابائهم وأجدادهم والعدالة الإجتماعية بكل شيء …وتكون بلدنا بلد مؤسسات تحكمها وليس ديكتاتور …
حشود هائلة من تل بياعة أرض القبور بالرقة الى صيدلية الخضر وجدت هدفاً لها وهو تمثال المقبور لهدمه وسيححق الجميع الإنتصار بذلك ..زحفت هذه الجموع الى هدفها وكنت وقتها بسيارتي وقد سبقتهم الى مبنى المالية تعرفونه جيداً وركنتها ونظرت الى متراس الشرطة العسكرية وفيه شرطي متأهب لصد عدوان أوشك أن يأتي اليه ..
وصلت صيحات هذه الحشود {الله أكبر }{واحد واحد واحد الشعب السوري واحد }{الله سوريا حرية وبس } وبدأ زخ الرصاص يسمع بالرقة لثاني مرة ولكن هذه المرة وكأنّ هناك حربأً يخوضها جيشين مدججين بالسلاح ولكن من طرف واحد ..كان اطلاق الرصاص طبعا من عند الشرطة العسكرية والاطفائية حيث كان هناك جيش يحمي هذا التمثال العظيم وعنده استعداد أن يقتل كل هذه الحشود العارية الصدر على أن يهدموا هذا الحجر ….
بدأ المتراس التابع للشرطة العسكرية باطلاق الرصاص باتجاه الفتحة بين المالية والتربية وبدأنا أنا والشباب نصرخ على الشباب الصغيري العمر أن يبتعدوا عن هذه الفتحة فتحة الموت الحمد لله لم يصب أحد بهذه المنطقة …
صيحات الله أكبر تملأ المكان بل تضج الرقة بهذا التكبير وجن جنون هذا الجيش وكثفوا من اطلاق الرصاص هناك شباب ..هم الرجال حقاً نزلوا بصدور عارية وكشفوا صدورهم ظناً منهم أن هذا الجيش هو جيشهم ولن يقتلهم ولكن رصاص الغدر نال منهم وسقط أكثر من 60 شاباً بين قتيل وجريح نسأل الله أن يتقبلهم بين الشهداء والصديقّين …
تقهقرت هذه الحشود وهمّت بالانسحاب وبدأنا بإسعاف الجرحا والضحايا ..
يااااااالله ما أعظم وأشجع هذا الشعب الذي واجه زخ الرصاص بصدور عارية هؤلاء الأولاد الشباب الرجال رجال سوريا حقاً لم يكونوا مربي لحاهم ولم يكونوا يرفعوا راية القاعدة المرفوعة الان وكان أغلبهم تواقون للشهادة أو الحرية التي ينشدونها كانوا عرباً وأكراداً مسلمين ومسيحين من كل سوريا لانعرف الكردي إلا من لكنته والمسيحي إلا من اسمه هذه سوريا واحدة …
من بين الشهداء كان محمد قحطان عمره18 ربيعاً ومصطفى الزنى عمره عشرينات
بعد انتهاء هذه المجزرة كان الغضب يتملك الجميع وأيقنّا أنّ هذا النظام المجرم قد سقط عندنا بالرقة نهائياً…
في اليوم التالي مرت جنازة الشهيد قحطان وممصطفى الزنى والتقى العريسين محمولين على الأكتاف في تقاطع شارع المنصور مع 23 شباط فأقفل الأغلبية محلاتهم وأنا من ضمنهم لنخرج بتشييع الشهيدين … يتبع …
3. في اليوم التالي مّرت جنازة الشهيد قحطان وممصطفى الزنى والتقى العريسين محمولين على الأكتاف في تقاطع شارع المنصور مع 23 شباط فأقفل الأغلبية محلاتهم وأنا من ضمنهم لنخرج بتشييع الشهيدين…
سرنا حيث التقت الحشود وكانت كبيرة ونرى في عيون الجميع ووجوهم الغضب على مقتل شبابنا ..والحيرة بأننا لم نكن نتوقع بأنّ جيشنا الذي نفخر به وعناصر أمننا تقتلنا
سارت الحشود باتجاه صيدلية الخضر وصيحات الغضب والتكبير تهز مدينة الرقة التي كانت هادئة فانقلبت فجأة الى بركان غضب زلزل عرش جبروتهم واستبدادهم …
وقفت هذه الحشود فجأة …عند بيت{ أحمد الحجي } ويعتبره الكثير من شبابنا شبيح بامتياز للنظام وقد أطلق النار من بندقيته على المتظاهرين في إحدى المظاهرات التي خرجت ..
وقفت هذه الحشود وهي صفوف متراصه حيث شعرت يقوتها عندما توحدت ووجهة رسالة الى هذا المدعوا وقالت الجموع بصوت واحد مرعب {ياشبيح وينك وينك }…لم نرى أي شبيحة اعترضت هذه الحشود لكثرة عددها وغضبها استمرت بالمسير وكأنها غضب نهر الفرات أيام فيضانه …
وصلت الى تقاطع تل أبيض مع 23 شباط واتجهت الى دوار الدلة تبتغي الوصول الى مقبرة حطين ولكن للأسف كان هناك جيش من الأمن والنظام موجود عند دوار الدلة وكأنهم ينصبون كميناً ليقطّعوا هذه الحشود ويفصلوها عن بعضها بغيت تفريقها لأنهم أدركوا مدى قوة هذا الشعب اذا اتحد …
{الله أكبر }..{الله سورية حرية وبس }{واحد واحد الشعب السوري واحد } هذه كانت صيحاتنا ولكنها قوية تخرج من قلوبنا وتزلزل جبروتهم وتكبّرهم …
قبل اقترابنا من دوار الدلة بدأ الهتاف قبل أول زخة من اطلاق الرصاص {سلمية ..سلمية ..سلمية } ولكن مع ذلك تابعوا اطلاق الرصاص بشكل كثيف وكأنها حرباً ضروساً..
للأمانة التاريخية اطلاق الرصاص كان في الهواء ولم يسقط أي شهيد في شارع تل أبيض .. لم يأبه الشباب الرجال لإطلاق الرصاص ..وأنا وأصدقائي الذين بجانبي خفنا صراحة وقلنا لبعضنا ان هؤلاء المجرمون يطلقون علينا الرصاص الحي ونحن عزّل .ولانريد أن نقتل مجاناّ وكانت أعمارنا تتراوح بين 40الى 50 يعني ختايرة بالنسبة للشباب .
تابع الرجال الحاملين النعوش على الأكتاف مسيرهم ومع تواصل اطلاق الرصاص ..استغرب المجندين من الجيش لماذا اطلاق هذا الرصاص على تشييع الشهداء وكادوا أن يلتصقوا بالجموع لولا غضب الضابط وأرجعهم الى مكانهم خلف الأمن ..
أجبر الامن المشيعين أن يلتفوا من شارع فرعي قبل دوار الدلة وتابعنا طريفنا الى مقبرة حطين من هذا الطريق الفرعي .. ولكن مازالت هذه الكثافة من الرصاص تطلق ..
وصلنا شارع الكورنيش عند المسامك بدأ سقوط الجرحى والقتلى ..حسبي الله ونعم الوكيل ماضركم يا عصابة بشار لو أنّ رصاصكم ضلّ بالهواء …ولكن وكأنهم كانوا شغوفين لقتلنا ..بدأت مع أصدقائي وكان أخي علي موجود بسيارته بيكاب فوكس فاكن ذهبي نسعف الجرحى والكل أخوة لا نعرف بعضنا ولكن متوحدين بألمنا ووجعنا …
سالت دماؤنا فاختلطت ببعضها فوحدتنا كان الضحايا من بينهم الكردي كما علمنا والعربي
يوماً حزيناً جداً على الرقة فالمحال مغلقة واطلاق الرصاص الذي لايهدأ وخيبت أملنا بجيشنا وأمننا وأصبح يقيناً عندنا بأنّ هذه عصابة .التي تحكمنا وليست دولة لتحمينا فالأم تكون رحيمة على أبناءها لا تقتلهم ..
رجعنا من التشييع وقد علمنا تباعاً بأسماء الشهداء وكان من بينهم شاب من عشيرة البريج العفادلة وبدأنا بتجهيز انفسنا للخروج غداً بتشييع مجزرة اليوم …
أصبح الصباح …. يتبع