زملاء

عليا ابراهيم تناقش علي فرزات … حول الثورة والطائفية

هل تعرف انني كنت اشعر بأمان مطلق و انا برفقة كل المجموعات التي رافقتنا و انني قلت كل ما لدي خلال البث الماشر من امامهم من دون مواربة و لا تملق؟ ومن موقع شعوري بالأمن استطعت ان أنقل المشهد بما فيه من سطوع وتحفظ. استطعت ان أقول انها ثورة، وهذه حقائقها.
تعرف لماذا يا استاذ علي؟ لأنني وثقت بهم, و لأنهم لم يكذبوا علي عندما سألتهم عن الأمور الصعبة…وثقت بهم, ووضعت حياتي بين ايديهم, ووقفت الى جانبهم, الكتف على الكتف, لا اسمح لمن يحاول تحذيري بحسن نية- و ما اقلهم- او بسوءها -و ما اكثرهم- من اختراقنا.
الثقة, كانت كل ما املك و لم اشعر ان هناك ما يهددها.

استاذ علي فرزات
لا ادري ان كنت تذكر, لكن سبق لنا ان تعارفنا, في مكتب العربية في بيروت, كنت تصور حلقة مع زميلتي جيزيل خوري و أتيتك يومها و هنأتك بالسلامة و قلت لك ما قلته عن تضامني معك.
هذا التضامن الذي ما زلت أشعر به على رغم ما جرى.
لا أكتب اليوم لأعتب عليك, فالحقيقة أننا تجاوزنا درجة العتب…
و لا أكتب لأرد على كل الأهانات الشخصية التي روجتها في حقي
و لا لأدافع عن زملاء لك ولي أسميتهم انت “شلة حسب الله”
و لا لأقفل عليك اقفاصاَ, فأنا أكره الاقفاص و لا اريدها لمن اختلف معه في الرأي حتى وان كان قد خونني وروج لفتوى قتل في حقي.
انا لن ارد على كل الكلام الطائفي الذي صدر على صفحة تبنيتها أنت، ثم عدت وكررت ما ورد فيها خلال ردك.
اكتب, لأناقشك في عملي الصحافي يا استاذ علي فأنت صحفي أيضاً واعتقد ان سورية اليوم تنتفض أيضاً لأنها حُرمت من صحافة حرة, المراقبة و المحاسبة جزء من مهامها…
نعم, انا قابلت افراد من الجيش الحر, وسألتهم عن تحفظات كنت سمعتها من مدنيين قابلتهم…قلت في تقريري, “ان سراقب بشكل عام حاضنة لأبنائها من عناصر الجيش الحر”, تحدثت عن انجازات الجيش الحر التي كان اخرها تحرير حاجز كان مسؤولا عن اعتقال المئات من ابناء البلدة, و ذكرت تحفظات سمعتها عن “بعض” التجاوزات على “بعض” ما تقوم به مجموعات من “عمليات تشليح و حتى حالات محدودة من القتل….”
انها ليست تهمة مجانية يا استاذ علي, انها الحقيقة كما سمعتها, كما سألت عنها, وكما تم تأكيدها لي, ليس من مصدر واحد, و لكن من قبل كل من سألت, بما في ذلك قادة في الجيش الحر, واكثر الناشطين حماسة و دفاعاً عنه. الأمر ذاته بالنسبة للتمويل من الخارج و بالنسبة للمقاتلين غير السوريين.
ليس في الأمر “سم في الدسم” و لا “مسخرة” و لا أي من الأمور التي تدعيها: انها الحقيقة كما رأيتها و سمعتها و نقلتها بكل امانة.
لمعلوماتك يا استاذ علي, الانتقادات في حق الجيش الحر, وصلتني اولاً من الجيش الحر.
هناك, في أرض الواقع الصعب, شبان يضحون بكل ما لديهم, يحاولون حماية ثورتهم و لا يريدون تغطية ما تقوم به مجموعات صغرى من قطاع الطرق و المجرمين.
ليست ثورة ملائكة…لكنها ثورة بكل ما في الكلمة من معنى, لها ابطالها, انحني امام شجاعتهم و تضحياتهم…و شياطين هم موجودين مهما قل عددهم.
هناك, في أرض الواقع الصعب, جراح مفتوحة تنكأ و موت يحوم فوق الرؤوس و لكن هناك أيضاً احلام و حب و أغاني و أناس لهم الحق بأن يسمعو صوتهم و يقولون قصتهم و علي واجب نقل هذه القصص, مهما كانت صعبة و مهما اعتبرها من هم في الخارج “مضرة” بالقضية.
أنا يا استاذ علي, لم اذهب الى سوريا لأنقل ما يتم نشره على موقع يوتيوب –الذي لا تقصر وسائل الأعلام بنقله- انا ذهبت لابحث عن قصة انس حامض, قاشوش جرجناز, و طفل من سراقب, اسمه الياس, عمره تسع سنوات ينشد للثورة و يحلم بالموت و بطفل اخر اسمه حمزة الخطيب…و قصص اخرين مثلهم.
هل تعرف يا استاذ علي, انه على مدى الأيام التي قضيتها في ريفي ادلب و حلب, كنت برفقة الجيش الحر. هل تعرف ان كتائب الجيش الحر هي التي أمنت طريق فريقنا. هل تعرف ما معنى ان أضع سلامتي و سلامة فريقي بيد مجموعة مسلحة؟ هل تعرف ان خوفي الوحيد على مدى كل هذه الأيام كان من القذائف و الصواريخ التي يطلقها النظام فوق رؤوس شعبه, ومن الحواجز الطيارة على الطرقات بين المدن و القرى؟ هل تعرف انني كنت اشعر بأمان مطلق و انا برفقة كل المجموعات التي رافقتنا و انني قلت كل ما لدي خلال البث الماشر من امامهم من دون مواربة و لا تملق؟ ومن موقع شعوري بالأمن استطعت ان أنقل المشهد بما فيه من سطوع وتحفظ. استطعت ان أقول انها ثورة، وهذه حقائقها.
تعرف لماذا يا استاذ علي؟ لأنني وثقت بهم, و لأنهم لم يكذبوا علي عندما سألتهم عن الأمور الصعبة…وثقت بهم, ووضعت حياتي بين ايديهم, ووقفت الى جانبهم, الكتف على الكتف, لا اسمح لمن يحاول تحذيري بحسن نية- و ما اقلهم- او بسوءها -و ما اكثرهم- من اختراقنا.
الثقة, كانت كل ما املك و لم اشعر ان هناك ما يهددها.
صدقاً, كل هذا الكره الطائفي الذي غزا صفحات فايسبوك و الذي كنت انت يا استاذ علي اكثر من ساهم بنشره, انا لم ألمسه على ارض الواقع…ليس بهذا الشكل العنصري على الأقل. نعم, هناك من دون شك بعد طائفي لما يجري, ولكنه حتى الان لم يتحول الى حقد مجتمعي أعمى يهدد بحرق مستقبل الثورة, و مستقبل السوريين.
الشيعي و المسيحي بيننا, كانا يجاهران بهويتهما الطائفية…لم يشعرا ان هناك ما يهدد حياتهم. ثم انه أكثر ما لفت انتباهنا في ريفي ادلب وحلب ان استجابة الناس لاستدراج النظام لهم الى الإنخراط بالعنف الطائفي الذي يُمارسه تكاد تكون منعدمة، ذاك ان مجزرة طائفية واحدة حتى الآن لم تحدث باستثناء تلك التي ارتكبها النظام. ولن أقول ان النظام نجح في الخارج بما عجز عنه في الداخل، ولكن من المفيد لنا ان نتعض من أهلنا هناك.
كم كنت اتمنى يا استاذ علي ان نتمكن نحن, من ندعي التقدم و الأنفتاح, ان نتناقش حول كل الأمور, بدءاً من اي صحافة نريد, من دون ان يكون هناك فتوى قتل في حقي.
كثيرون قالوا لي ليس هذا علي فرزات، وان أحداً سرق اسمه ووضعه على صفحة فايسبوك.
في مكان ما ولسبب ما, ما زلت اتمنى ان تنفي ما كتب عن لسانك. ان تقول كما تردد انك لست انت من قال ما قيل.

اظهر المزيد

نشــــطاء الـرأي

نشــــــــطاء الـــرأي : كيان رمزي وخط إنساني لحرية الإنتقاد الثقافي و الفكري والسياسي ، بدعم مالي مستقل Organization for peace and liberty – OPL : www.opl-now.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: الموقع لا يسمح بالنسخ ، من فضلك انسخ رابط المقال وارسلة لمن يرغب
إغلاق
إغلاق